الْمُرَادُ بِالشَّهَادَتَيْنِ (شَهَادَة أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّه وَشَهَادَة أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّه) نَفْيُ الأُلُوهِيَّةِ عَمَّا سِوَى اللَّهِ وَإِثْبَاتُهَا لِلَّهِ تَعَالَى مَعَ الإِقْرَارِ بِرِسَالَةِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
هَذِهِ الْعِبَارَةُ فِيهَا نَفْيُ أَنْ يَكُونَ شَىْءٌ سِوَى اللَّهِ يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ، وَفِيهَا إِثْبَاتُ أَنَّ اللَّهَ وَحْدَهُ هُوَ الَّذِي يَسْتَحِقُّ الْعِبَادَةَ أَيْ مَعَ الِاعْتِرَافِ وَالإِيـمَانِ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَيَنْبَغِي مَعْرِفَةُ مَعْنَى الْعِبَادَةِ عَلَى مَا هُوَ الْمُرَادُ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، فَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ يَجْهَلُونَ ذَلِكَ وَهُمُ الْوَهَّابِيَّةُ وَيَظُنُّونَ أَنَّ قَوْلَ الشَّخْصِ يَا مُحَمَّدُ أَوْ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْ يَا شَيْخُ عَبْدَ الْقَادِرِ الْجِيلانِيَّ أَوْ يَا عَلِيُّ أَوْ يَا حَسَنُ أَوْ يَا حُسَيْنُ وَنَحْوِ ذَلِكَ عِبَادَةٌ لِلرَّسُولِ وَلِمَنْ ذُكِرُوا فَعَلَى زَعْمِهِمْ هُوَ كَافِرٌ بِنِدَائِهِ لِلرَّسُولِ وَلِمَنْ ذُكِرَ بَعْدَهُ وَهَذَا مِنْ أَجْهَلِ الْجَهْلِ، فَنِدَاءُ غَيْرِ اللَّهِ مِنْ رَسُولٍ أَوْ وَلِيٍّ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ مَمَاتِهِ لَيْسَ عِبَادَةً لِغَيْرِ اللَّهِ إِنَّمَا الْعِبَادَةُ كَمَا شَرَحَ عُلَمَاءُ اللُّغَةِ غَايَةُ التَّذَلُّلِ.
هَؤُلاءِ الْمُسْلِمُونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ يَا رَسُولَ اللَّهِ عِنْدَ الضِّيقِ أَوِ الْفَرَحِ مَا تَذَلَّلُوا لِلرَّسُولِ غَايَةَ التَّذَلُّلِ إِنَّمَا يُعَظِّمُونَ الرَّسُولَ تَعْظِيمًا، ثُمَّ قَدْ يَقْصِدُونَ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يُفَرِّجَ اللَّهُ عَنْهُمُ الْكَرْبَ أَوْ يَقْضِيَ لَهُمْ حَاجَاتِهِمْ إِكْرَامًا لِلرَّسُولِ وَالأَوْلِيَاءِ بِمَا لَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ مِنَ الْكَرَامَةِ.
فَإِذَا كَانَ قَوْلُ يَا فُلانُ لِمَلِكٍ مِنَ الْمُلُوكِ أَوْ نَحْوِهِ فِي وَجْهِهِ لِيُسَاعِدَهُ فِي حَاجَتِهِ الَّتِي يُرِيدُهَا أَوْ لِيَدْفَعَ عَنْهُ مَا يُزْعِجُهُ وَيُؤْذِيهِ جَائِزًا لَيْسَ عِبَادَةً لَهُ فَكَيْفَ يَكُونُ إِذَا حَصَلَ هَذَا لِأَهْلِ الْقُبُورِ أَوْ لِلأَحْيَاءِ الَّذِينَ هُمْ غَيْرُ حَاضِرِينَ عِبَادَةً لَهُمْ.
فَاعْتِقَادُ الْوَهَّابِيَّةِ هَذَا مَنْشَؤُهُ الْجَهْلُ بِمَعْنَى الْعِبَادَةِ أَلَيْسَ ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أَنَّهُ عَلَّمَ بَعْضَ أُمَّتِهِ أَنْ يَقُولَ فِي غَيْرِ حَضْرَتِهِ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي أَتَوَجَّهُ بِكَ إِلَى رَبِّي فِي حَاجَتِي لِتُقْضَى لِي فَفَعَلَ ذَلِكَ الشَّخْصُ وَهُوَ رَجُلٌ أَعْمَى أَرَادَ أَنْ يَكْشِفَ اللَّهُ بَصَرَهُ فِي غَيْرِ حَضْرَةِ الرَّسُولِ ثُمَّ عَادَ إِلَى الرَّسُولِ وَهُوَ فِي مَكَانِهِ وَقَدْ أَبْصَرَ.
ثُمَّ الصَّحَابِيُّ الَّذِي كَانَ عِنْدَ الرَّسُولِ تِلْكَ السَّاعَةَ عَلَّمَ شَخْصًا فِي زَمَنِ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ كَانَتْ لَهُ حَاجَةٌ عِنْدَ عُثْمَانَ فَمَا كَانَ يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ لِشُغْلِ بَالِهِ فَفَعَلَ الرَّجُلُ مِثْلَ فِعْلِ ذَلِكَ الأَعْمَى ثُمَّ جَاءَ إِلَى عُثْمَانَ فَقَضَى لَهُ حَاجَتَهُ.
ثُمَّ لَمْ يَزَلِ الْمُسْلِمُونَ يَذْكُرُونَ هَذَا الْحَدِيثَ وَيَعْمَلُونَ بِهِ إِلَى يَوْمِنَا هَذَا وَأَوْدَعَهُ حُفَّاظُ الْحَدِيثِ كُتُبَهُمْ الْحَافِظُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَافِظُ التِّرْمِذِيُّ مِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْحَافِظُ النَّوَوِيُّ وَالْحَافِظُ ابْنُ الْجَزَرِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ ذَكَرُوهُ فِي مُؤَلَّفَاتِهِمْ [وَالْحَدِيثُ صَحَّحَهُ الطَّبَرَانِيُّ وَقَالَ فِي مُعْجَمَيْهِ الْكَبِيرِ وَالصَّغِيرِ وَالْحَدِيثُ صَحِيحٌ] فَالْوَهَّابِيَّةُ بِقَوْلِهِمْ إِنَّ هَذَا شِرْكٌ وَكُفْرٌ يَكُونُونَ كَفَّرُوا هَؤُلاءِ الْحُفَّاظَ الَّذِينَ أَوْدَعُوا كُتُبَهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ لِيُعْمَلَ بِهِ فَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ فَسَادِ الْفَهْمِ.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website