إنَّ أعداءَ الإسلام من الشيعة الروافض لا يفتؤون في نصْب شِباكهم الدنيَّة تجاه أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عمومًا، وأزواج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم خصوصًا؛ حتى يُشكِّكوا الناسَ في قُدواتهم، ويزعزِعوا عقيدتهم في أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فيذْكُرون شُبهًا؛ حتى يُلبسوا على المسلمين، والناس في زمن الغُربة الثانية بعيدون عن دينهم؛ مِصداقًا لقول النبي صلَّى الله عليه وسلَّم: «بدأَ الإسلامُ غريبًا وسيعود غريبًا كما بدأَ؛ فطُوبَى للغُرباء» (رواه مسلم).
لذا يجبُ على المسلم أنْ يصونَ دينَه عن الشُّبهات فلا يستمع إليها؛ لأن الشبهة قد تستقرُّ في قلبه، ولا يستطيع دَفْعَها؛ لضَعف إيمانه، أو قِلَّة عِلمه، أو هما معًا، ولا شكَّ ولا ريبَ أنَّ المسلمَ مأمورٌ باجتناب مواقع الشُّبهات، ومواطن الفِتن، لماذا؟ لأنَّ الحُكماء من هذه الأُمَّة قالوا: “القلوبُ ضعيفة، والشُّبَه خَطَّافة”، ولا ينبغي لعاقلٍ أن يجعلَ قلبَه عُرضة للشُّبهات تستحكمُ قلبَه، ثم يقول: أدفعُها، وأدحضُها، وأكشفُ زيفَ القوم وباطلَهم. ومَن نظَرَ للواقع عَلِم حقيقةَ الحال، فمن نَجَا من الشهوة، وقَعَ في الشُّبهة، والقليل مَن وفَّقه الله للاعتصام بالكتاب والسُّنة.
والشُّبهة واردٌ يَرِدُ على القلب، يحول بينه وبين انكشافِ الحقِّ له، فمتى باشَرَ القلبُ حقيقةَ العلم، لم تؤثِّر تلك الشبهةُ فيه، بل يقوى عِلمُه ويقينه بردِّها ومعرفة بُطْلانها، ومتى لَمْ يُباشرْ حقيقةَ العلم بالحقِّ قلبُه، قدحتْ فيه الشكَّ بأوَّل وهْلة، فإنْ تداركَها وإلاَّ تتابعتْ على قلبه أمثالُها، حتى يصيرَ شاكًّا مُرتابًا.
ثم اعْلم -أخي الكريم- أنَّ الروافضَ هداهم الله أكثروا الطعْنَ في أُمِّ المؤمنين عائشة رضي الله عنها بأمورٍ ظنُّوها حقائقَ، وهي في الحقيقة شُبَه أوْهَى من خيوط العنكبوت، وتأثَّر بكلامهم بعضُ بَني جِلْدتنا من الكُتَّاب والصحفيين، بل حتى مَن يعملون في الساحة الإسلاميَّة؛ ممَّن ليس له نصيبٌ من العلم، اغتروا بكلامهم وَوَقَعُوا في شِباكهم بحُسن نيَّة، والله حسيبُهم، وهو المطلع على بواطن الأمور.
ولَمَّا كان كلامي دائرًا على دَفْع الشُّبهات عن أُمِّنا عائشة رضي الله عنها رأيتُ مِن واجبي أنْ أبدأَ بهذه المقدِّمة؛ تَبْصِرةً لذَوي العقول والألباب. فمن هذه الشبه والمطاعن: المطعْن الأول: قول الرافضة قبَّحهم الله: إنَّ عائشة وحَفْصة تآمَرَتا؛ لاغتيال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقد وضَعَتا السُّمَّ في فَمِ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأنَّه ماتَ نتيجةً لذلك!
الجواب: اعْلمْ أنَّ الرافضة أكذبُ الفِرَق المنتسبة إلى الإسلام، وأنَّ دينَهم بُني على ذلك الكَذب، وأنَّه ليس لهم أعداء يَحْقدون عليهم، ويسبُّونهم في الليل والنهار أكثر منَ الصحابة رضي الله عنهم. وقد اتَّفقَ أهْلُ العلم بالنقْل والرواية والإسناد على أنَّ الرافضة أكذبُ الطوائف، والكَذب فيهم قديمٌ؛ ولهذا كان أئمةُ الإسلام يعلمون امتيازَهم بكثرة الكَذب.
قال الشافعي: “لم أرَ أحدًا أشْهَدَ بالزور من الرافضة”.
وقال محمد بن سعيد الأصبهاني: “سمعتُ شُرَيْكًا يقول: احْمِلِ العلمَ عن كلِّ مَن لقِيتَ إلاَّ الرافضة؛ فإنهم يضعون الحديثَ، ويتَّخِذونه دِينًا؛ “منهاج السُّنَّة” (1 / 59)
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وهذا نص الرواية وكلام العلماء فيها، وأوجهُ الردِّ على الرافضة في زعمهم الكاذب:
عن عَائِشَة قالتْ: لَدَدْنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في مَرضه، وجعَلَ يُشير إلينا: «لا تَلُدُّوني»، قالت: فقلْنا: كراهية المريض بالدواء، فلمَّا أفاقَ، قال: «ألَمْ أنْهَكم أن تَلُدُّوني؟»، قُلنا: كراهيةً للدواء، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: «لا يَبقى منكم أحدٌ إلاَّ لُدَّ وأنا أنظر إلاَّ العبَّاس؛ فإنَّه لم يشهدْكم» (رواه البخاري 6501، ومسلم 2213).
عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام، عن أسماء بنت عُميس، قالتْ: “أوَّل ما اشْتَكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة، فاشتدَّ مرضُه؛ حتى أُغْمِي عليه، فتشاوَرَ نساؤه في لَدِّه، فلَدُّوه، فلمَّا أفاقَ، قال: «ما هذا؟»، فقُلْنا: هذا فِعْل نساءٍ جِئْنَ مِن ها هنا، وأشار إلى أرض الحبشة، وكانتْ أسماء بنت عُميس فيهنَّ، قالوا: كنا نتَّهمُ فيك ذاتَ الْجَنْب يا رسول الله، قال: «إنَّ ذلك لداءٌ ما كان الله -عز وجل- ليَقْرَفُني به؛ لا يَبْقَيَنَّ في هذا البيت أحدٌ إلاَّ الْتَدَّ، إلاَّ عَمُّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَعنى: العبَّاس»، قال: فلقد الْتَدَّتْ ميمونة يومئذٍ وإنَّها لصائمةٌ، لعَزْمَة رسول الله صلى الله عليه وسلم” (رواه أحمد، 45 / 460،
اللَّدُود: هو الدواء الذي يُصبُّ في أحَدِ جانبي فمِ المريض، أو يُدْخَلُ فيه بأصبع وغيرها ويحنَّك به، وأمَّا الوُجُور: فهو إدخالُ الدواء في وسط الفم، والسَّعُوط: إدخالُه عن طريق الأنف. وذات الجَنْب: ورمٌ حارٌّ يَعْرِضُ في نواحى الجَنْب في الغِشاء الْمُستبطِن للأضلاع، ويَلزم ذاتَ الْجَنْب الحقيقى خمسةُ أعراضٍ، وهى: الحُمَّى، والسُّعَال، والوَجَع الناخِس، وضِيق النَّفَس، والنبضُ الْمِنْشَاري
هناك ثَمَّة وقفات مع هاتين الروايتين:
أ- إنَّ مَن نقَلَ هذه الحادثة للعالَم هو عائشة رضي الله عنها فكيف تنقل للناس قتْلَها لنبيِّها، وزوجها، وحبيبها صلَّى الله عليه وسلَّم؟! وكذلك رَوَتِ الحادثةَ أُمُّ سَلَمة، وأسماءُ بنت عُمَيس رضي الله عنهما وكلُّ أولئك مُتَّهَمات في دينهنَّ عند الرافضة، ومُشَارِكات في قَتْله صلَّى الله عليه وسلَّم ومع ذلك قَبِلوا روايتهنَّ لهذا الحديث؛ فاعْجَبوا أيُّها العُقلاء!
ب- كيف عَرَف الرافضة المجوس مكوِّنات الدواء الذي وضعَتْه عائشة للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم؟
ج- لماذا لم يُخْبر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عمَّه العباس رضي الله عنه بما فعَلوه مِن وضْعِ السُّمِّ في فمه صلَّى الله عليه وسلَّم حتى يقتصَّ ممن قَتَلَه؟! إذا قُلْتُم أخبرَه: فأين الدَّليل على إخباره؟! وإنْ قُلتُم: لم يخبرْه، فكيف عَلِمتُم أنَّه سمٌّ وليس دواءً، والعباس نفسُه لم يعلم؟
د- السُّم الذي وضعتْه اليهوديَّة في الطعام الذي قُدِّم للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم كُشِفَ أمرُه من الله تعالى وأخبرتِ الشاةُ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّها مسمومةٌ، فلماذا لم يحصلْ معه صلَّى الله عليه وسلَّم الأمرُ نفسُه في السُّمِّ الذي وضعتْه عائشة في فمه؟
هـ- لم يُعطَ الدواءُ للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم من غير عِلَّة، بل أُعْطِيَه مِن مَرضٍ ألَمَّ به. 7- لم يُعطَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم الدواءَ إلاَّ بعد أن تشاورَ نساؤه رضي الله عنهنَّ في ذلك الإعطاء.
و- من الواضح في الرواية أنَّ نساءَ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم لم يَفْهَمْنَ مِن نَهْي النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بعدم لَدِّه أنَّه نَهْيٌ شَرْعي، بل فَهِموا أنَّه من كراهية المريض للدواء، وفَهْمُهم هذا ليس بمستنكرٍ في الظاهر، وقد صرَّحوا بأنهم – وإنْ لم يكنْ لهم عذرٌ عند النبي، صلَّى الله عليه وسلَّم؛ لأنَّ الأصْلَ هو الاستجابة لأمرِه، صلَّى الله عليه وسلَّم- قد أخطؤوا في تشخيص دَائه صلَّى الله عليه وسلَّم لذا فقد ناوَلوه دواءً لا يُناسب عِلَّته.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: “وإنَّما أنْكَرَ التداوي؛ لأنَّه كان غيرَ ملائمٍ لدائه؛ لأنهم ظنُّوا أنَّ به (ذات الْجَنْب)، فداووه بما يلائمها، ولم يكنْ به ذلك؛ كما هو ظاهر في سياق الخبر كما ترى” (فتح الباري 8 / 147- 148).