أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم. ظل على مدى قرون طويلة مركزًا لتدريس العلوم ومعارف الحضارة الإسلامية، وميدانًا للاحتفالات الدينية الكبرى، والمراسيم السلطانية.
المبنى
يتألّف المسجد الأقصى من عدة أبنية، ويحتوي على عدة معالم يصل عددها إلى مئتي معلم، منها قباب وأروقة ومحاريب ومنابر ومآذن وآبار، وغيرها من المعالم.
ويشمل كلًّا من قبة الصخرة المشرفة (القبة الذهبية) والموجودة في موقع القلب منه، والجامع القِبْلِي (ذي القبة الرصاصية السوداء) الواقع أقصى جنوبه ناحية القِبلة.
تبلغ مساحة المسجد الأقصى حوالي ١٤٤ دونمًا (الدونم ألف متر مربع)، ويحتل نحو سدس مساحة البلدة القديمة، وشكله مضلع أو شبه مستطيل غير منتظم، طول ضلعه الغربي ٤٩١ مترًا، والشرقي ٤٦٢ مترا، والشمالي ٣١٠ أمتار، والجنوبي ٢٨١ مترًا.
من دخل الأقصى فأدى الصلاة في أي مكان فيه -سواء تحت شجرة من أشجاره، أو قبة من قبابه، أو فوق مصطبة من مصاطبه، أو داخل قبة الصخرة، أو الجامع القبلي– كتبت له صلاة في المسجد الأقصى، فالأمر فيه سواء، ولا فرق في الصلاة بين مكان وآخر فيه، فالفضل فيه كله.
ويضم سبعة أروقة: رواق أوسط وثلاثة من جهة الشرق ومثلها من جهة الغرب، وترتفع هذه الأروقة على ٥٣ عمودًا من الرخام و٤٩ سارية من الحجارة.
وفي صدر المسجد قبة، كما أن له ١١ بابا، سبعة منها في الشمال وباب في الشرق واثنان في الغرب وواحد في الجنوب.
ويوجد في ساحة الأقصى الشريف ٢٥ بئرًا للمياه العذبة، ثمانية منها في صحن الصخرة المشرفة و١٧ في فناء الأقصى، كما توجد بركة للوضوء. وأما أسبلة شرب المياه فأهمها سبيل قايتباي المسقف بقبة حجرية رائعة لفتت أنظار الرحالة العرب والأجانب الذين زاروا المسجد، إلى جانب سبيل البديري وسبيل قاسم باشا.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وللمسجد الأقصى أربع مآذن والعديد من القباب والمصاطب التي كانت مخصصة لأهل العلم والمتصوفة والغرباء، ومن أشهر القباب قبة السلسلة، وقبة المعراج، وقبة النبي.
أما بالنسبة للأروقة فأهمها الرواق المحاذي لباب شرف الأنبياء، والرواق الممتد من باب السلسلة إلى باب المغاربة، كما يوجد فيه مزولتان شمسيتان لمعرفة الوقت.
التاريخ
والمسجد الأقصى ثاني مسجد وضع في الأرض بعد المسجد الحرام، ودليل ذلك ما رواه البخاري عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ قال: “المسجد الحرام”، قال: قلت ثم أي؟ قال: “المسجد الأقصى”، قلت: كم كان بينهما؟ قال: “أربعون سنة، ثم أينما أدركتك الصلاة فصل والأرض لك مسجد”.
والأرجح أن أول من بناه هو آدم عليه السلام، اختط حدوده بعد أربعين سنة من إرسائه قواعد البيت الحرام بأمر من الله تعالى، دون أن يكون قبلهما كنيس ولا كنيسة ولا هيكل ولا معبد. وكما تتابعت عمليات البناء والتعمير على المسجد الحرام، تتابعت على الأقصى المبارك، فقد عمره سيدنا إبراهيم أوّلًا، ثم تولى المهمة ابناه إسحاق ويعقوب عليهما السلام من بعده، كما جدد سيدنا سليمان عليه السلام بناءه بعد ذلك.
وكان اسم المسجد الأقصى قديمًا يطلق على الحرم القدسي الشريف وما فيه من منشآت، وأهمها قبة الصخرة التي بناها عبد الملك بن مروان عام ٧٢ للهجرة (٦٩١ للميلاد) مع المسجد الأقصى، وتعد واحدة من أروع الآثار الإسلامية، ثم أتم الخليفة الوليد بن عبد الملك البناء في فترة حكمه التي امتدت ما بين ٨٦-٩٦ للهجرة.
ويختلف بناء المسجد الحالي عن بناء الأمويين، حيث بُني المسجد عدة مرات في أعقاب زلازل تعرض لها على مدى القرون الماضية، بدءًا من الزلزال الذي تعرض له -أواخر حكم الأمويين- عام ١٣٠ للهجرة، مرورًا بالزلزال الذي حدث في عهد الفاطميين عام ٤٢٥ للهجرة.
الحريق والحفريات
في يوم ٢١ أغسطس/آب ١٩٦٩، قطعت سلطات الاحتلال المياه عن منطقة الحرم، ومنعت المواطنين العرب من الاقتراب من ساحات الحرم القدسي، في الوقت الذي حاول فيه أحد المتطرفين اليهود إحراق المسجد الأقصى. وجاء هذا الحريق في إطار سلسلة من الإجراءات التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي منذ عام ١٩٤٨ بهدف طمس الهوية الحضارية الإسلامية لمدينة القدس.
واندلعت النيران بالفعل وكادت تأتي على قبة المسجد لولا استماتة المسلمين والنّصارى في عمليات الإطفاء التي تمت رغم أنف السلطات الإسرائيلية، ولكن بعد أن أتى الحريق على منبر صلاح الدين واشتعلت النيران في السطح الجنوبي للمسجد وسقف ثلاثة أروقة.
وادعت إسرائيل أن الحريق كان بفعل تماس كهربائي، وبعد أن أثبت المهندسون العرب أنه تم بفعل فاعل، ذكرت أن شابًّا أستراليًّا هو المسؤول عن الحريق وأنها ستقدمه للمحاكمة، ولم يمض وقت طويل حتى ادعت أن هذا الشاب معتوه ثم أطلقت سراحه.
استنكرت معظم دول العالم هذا الحريق، واجتمع مجلس الأمن وأصدر قراره رقم ٢٧١ لسنة ١٩٦٩ بأغلبية ١١ صوتا وامتناع أربع دول عن التصويت من بينها الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما أدان إسرائيل ودعاها إلى إلغاء جميع التدابير التي من شأنها تغيير وضع القدس.
وجاء في القرار أن “مجلس الأمن يعبر عن حزنه للضرر البالغ الذي ألحقه الحريق بالمسجد الأقصى يوم 21/8/1969 تحت الاحتلال العسكري الإسرائيلي، ويدرك الخسارة التي لحقت بالثقافة الإنسانية نتيجة لهذا الضرر”.
إغلاق الأقصى
في ١٤ يوليو/تموز ٢٠١٧، أدى المئات من الفلسطينيين صلاة الجمعة في شوارع مدينة القدس المحتلة بعد منعهم من الصلاة في المسجد الأقصى جراء اشتباكات أدت إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين ومقتل إسرائيلييْن. وردد المصلون بعد انتهاء الصلاة “بالروح بالدم نفديك يا أقصى” و “الله أكبر”.
واعتقلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي مفتي القدس والديار المقدسة الشيخ محمد حسين، وأغلقت أبواب المسجد الأقصى إلى إشعار آخر.
ويعتبر إغلاق المسجد الأقصى أمام المصلين في يوم الجمعة المذكور، الأول من نوعه منذ حريق المسجد الأقصى في عام ١٩٦٩.