أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبنات فقال: «لا يكون لأحدكم ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا دخل الجنة».
-وعن عمران بن حصين، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل يحب عبده الضعيف الفقير المتعفف أبا العيال».
– وعن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تكرهوا البنات؛ فإنهن المؤنسات الغاليات».
قال الله تعالى في ذمِّ الكفَّار: {وإذا بُشِّر أحدهم بالأنثى ظلَّ وجهه مُسودًا وهو كظيم يتوارى من القوم من سُوء ما بُشِّر به أيُمسكُه على هُونٍ أم يدُسُّه في التراب ألا ساء ما يحكمون} سورة النحل.
يغتم كثيرٌ من الناس إذا ما ولدت زوجاتهم البنات ويفتعل بعضهم عقيب ذلك المشاكل والخصومات حتى ربما وصل الأمر ببعضهم إلى تطليق زوجاتهم عند ولادة بنتٍ أو عدد من البنات، ولعل البعض لا يمنعهم من دفن المولودة الصغيرة في التراب سوى العقوبة القانونية بخلاف ما كان عليه الحال زمن كُفَّار الجاهلية إذ كان هذا مشهورًا في بعض القبائل دون رادعٍ أو زاجر، فكان أحدهم إن بُشر بأنثى اسودّ وجهُه من الغم فيتوارى أي يستخفي من الناس كأنه فعل عارًا. ومعنى قوله تعالى “كظيم” أي ممتلئٌ حُزنًا فهو يكظمه أي يمسك هذا الحزن ولا يظهره فيتردد أيُبقي على البنت على هُونٍ وهو الهَوانُ والذل أم يدفنها في التراب حية.
قال ابن الجوزي في “زاد المسير”: “قال المفسرون: وهذا صنيع مشركي العرب كان أحدهم إذا ضرب امرأته المخاض (ألم الولادة) توارى إلى أن يعلم ما يُولد له فإن كان ذكرًا سُرَّ به وإن كانت أنثى لم يظهر أيَّامًا يُدبِّر كيف يصنع في أمرها”. والعجب أنهم كانوا مع ذلك ينسبون لله البنات فيقولون من شدة كفرهم: الملائكة بنات الله، وينزّهون أنفسهم عن البنات فساء الحكم الذي يحكم به هؤلاء المشركون أن نسبوا لله ما لا يرضون لأنفسهم.
قال ابن زمنين في “تفسيره” في قوله تعالى: {وإذا بُشِّر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلًا ظلَّ وجهه مُسودًا وهو كظيم}:” أي بالأنثى، لما كانوا يقولون إن الملائكة بنات الله فألحقوا البنات به ويقتلون بناتهم”.
مَن عَالَ جاريتين
ولا شك أن ما كان يتأتى من هؤلاء الكفار شنيعٌ قبيحٌ يربأ به العاقل ولا يرضاه لنفسه، فلماذا يفعل البعض اليوم مثل بعض ما كان يصدر من هؤلاء الجاهليين وهو يعلم أن الله هو الذي يخلق الذكور والإناث وأنه لا يد في ذلك للبشر قال تعالى: {يهب لمن يشاء إناثًا ويهب لمن يشاء الذكور أو يزوجهم ذكرانًا وإناثًا ويجعل من يشاء عقيما} سورة الشورى. أي يُعطي الذكورَ دون الإناث والإناثَ دون الذكور لمن يشاء أو يجعل العطاء صنفين ذكورًا وإناثًا لمن يشاء ويجعل من يشاء عقيمًا أي لا يولد له أصلًا. فمن أيقن بهذا فليتق الله ولا يظهر الحزن بالأنثى فقد كان لأشرف الخلق محمدٍ صلى الله عليه وسلم أربع بناتٍ عشن وكبرن بينما مات كل أولاده الذكور وكانوا ثلاثة صغارًا، وكانت ذرية كثيرٍ من الأنبياء والأولياء الصالحين بنات، فعلام يغتم البعض أو ينهر امرأته أو يتوعَّدها إن ولدت أنثى وليس إليها من الأمر في ذلك من شيء، بل الله يخلق ما يشاء، وكم من البنات يتفوقن على كثيرٍ من الذكور بالعلم والخير والإحسان لوالديهن. وربما فرح بعضهم بالذكر فكان عند الكبر شرًا على أبويه، أو حزن بالأنثى فكانت له عند الكِبر نعم العون، وليتأمل المؤمن فيما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم في فضل الإحسان إلى البنات، فعن أنسٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من عَالَ جاريتين حتى تبلُغا جاء يوم القيامة أنا وهو (وضمَّ أصابعه)” رواه مسلم
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ومعنى “عالَهما” قام عليهما بالمؤنة والتربية وأحسن إليهما. وقوله: “أنا وهو (وضمَّ أصابعه)” أي يكون النبي يوم القيامة هو ومن عَالَ الجاريتين كهاتين أي كان له منزلة عالية في الجنة.
وعن جابرٍ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان له ثلاث بناتٍ يُؤويهن ويكفيهن ويرحمُهن فقد وجبت له الجنة. فقال رجل من بعض القوم: وثنتين يا رسول الله. قال: وثنتين” رواه البخاري في “الأدب المفرد”.
فإن قال قائل: هذا فيمن رزقه الله ثلاث بنات أو بنتين فكيف بمن كانت له بنتٌ واحدة فالجواب التالي: عن أم المؤمنين عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “من ابتُلي من هذه البنات بشيء فأحسن إليهن كن له سِتْرًا من النار” متفقٌ عليه. وإنما سمَّاه ابتلاءً لأن الناس يكرهونهن في العادة، والحديث يفيد أن الستر من النار يحصل بالإحسان ولو إلى واحدة من البنات، والإحسان إليهن صونهن والقيام بمصالحهن ومراعاة أصلح الأحوال لهن فمن فعل ذلك لله كنَّ له سترًا أي وقايةً من النار.
المؤنسات الغاليات
ولا ريب أن العاقل يفرح بهذا الخير المتأتي من طريق البنات إن يسَّره الله له، ومن أسرار الإحسان إلى البنات ما جاء عن عائشة أيضًا قالت: جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتها ثلاث تمَرات فأعطت كل واحدةٍ منهما تمرةً ورَفَعت إلى فيها (فمها) تمرةً لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقَّت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها بينهما فأعجبني شأنها فذكرت الذي صنَعَت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد أوجب لها الجنة أو أعتقها بها من النار (شك الراوي)” ففي الحديث تبشيرٌ لهذه المرأة بالجنة إذ بارك الله في صنيعها الذي يراه بعض الناس قليلًا.
ولمن رزقه الله البنات نقول إنه فيما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحفيزٌ بليغ للاهتمام بأمرهن فإنه طريق للفلاح في الآخرة بل ربما كانت البنات لكثيرٍ من الأهالي عونًا لهم على نوائب الزمان في الدنيا بينما يكون كثيرٌ من الشباب عبئًا على والديهم، فاقنع بما قسم الله لك ولا تكن كالجاهليين ولا تهتم لنفقتهن فإن رزقهن على الله لا عليك فعن عثمان بن الحارث عن ابن عمر أن رجلًا كان عنده وكان له بناتٌ فتمنى موتهن فغضب ابن عمر وقال: أأنت ترزقهن” رواه البخاري في “الأدب المفرد”، ومعناه لستَ أنت ترزقهن فلماذا تتمنى ذلك. وعن عقبة بن عامرٍ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تكرهوا البنات فإنهن المؤنسات الغاليات” رواه الطبراني.