من الخطأ الاعتقاد أن الخطاب الوهابي أو ما يُعرف بـ “السلفي” العام يتماهى فقط مع خطاب تنظيم (القاعدة) الإرهابي أو داعش او غيرهما، لأن ثمة تطابقًا كبيرًا بين الخطابين بحيث أن المتابع لا يراها تماهيًًا بقدر ما يراها تطابقًا كاملًا، وهو ما يمكن ملاحظته في البنى الفكرية والابعاد السياسية والمصادر الفقهية للخطاب السياسي الذي يقوم بتسويقه تنظيم “القاعدة” والوهابية على حد سواء، الأمر الذي يفسر الطبيعة السلفية لطريقة عمل وتفكير هذا التنظيم الارهابي ، وغيره من الجماعات الجهادية السلفية التي تمارس الإرهاب تحت شعار الجهاد في سبيل الله، وإقامة الدولة الإسلامية وتطبيق الشريعة، حيث ينحصر الفرق بين السلفيين الوهابيين والإرهابيين في توزيع الأدوار بين جماعات سلفية للدعوة وجماعات سلفية للقتال . ولذلك كان كثير من المفكرين والمحللين يعتبرون الوهابيين (السلفيين) طائفة واحدة، إلا أن الموضوعية تقتضي القول بأنه ليس كل الوهابيين ارهابيين، ولكن كل الارهابيين وهابيين
ومما يؤيّد التطابق الفكري والإيديولوجي بين الإرهاب والوهابية هو أن الفريقين يشربون من نفس المنهل ويقدّسون نفس العلماء الذين ينضوون تحت عقيدتهم، ومنهم، بل أهمهم ” ابن تيمية الحراني” والذي يُعتبر الأب الروحي للفكر الوهابي وللتنظيمات الإرهابية، بالإضافة إلى المؤسس الرئيس وهو محمد بن عبد الوهاب والذي أسس الفكر الوهابي والفكر الإرهابي على نفس الدرجة. ما دفعنا إلى ضم هذين الإسمين فى مقالة واحدة، مع الفارق الزمني بينهما (ابن تيمية «وُلد عام 661 هجرية» ومحمد بن عبد الوهاب «وُلد عام 1115 هجرية») ثلاثة أمور.
الأمر الأول: اتفاقهما حول كثير من القضايا التى كان لها تأثير كبير فى تنامي فكر المغالاة والتطرف منذ قرون حتى الآن، ولم تُتح لفرق أو مذاهب مثلهما، الغريب ليس فى الكثرة العددية التى تؤمن بالمغالاة والتشدد، لكن بمدى ما تؤثر فى عقل المسلم، ومحيط النفوذ الذي يسيطر عليه من الضرر أو الفائدة، فقنبلة يدوية بدائية الصنع تُغني في تدميرها عن مئات البشر. ومما اتفقا عليه إطلاق الشرك والكفر والردة على كل مَن يخالفهما الرأي. وتقسيمهما المجتمعات، وعقيدة التجسيم والتشبيه، وإيجاز القتل الجماعي في سبيل تثبيت الرؤية.
الأمر الثاني: أن محمد بن عبد الوهاب كان سببًا رئيسيًا في اعادة إحياء فكر ابن تيمية، الذي اندثر بعد موته فى سجن القلعة بسوريا، بعد كتابه الشهير (عدم جواز شد الرحال إلى قبر الرسول).
الأمر الثالث: تعريف الكافر عند ابن تيمية، وهو كذلك عند الوهابية والسلفية، ونلقى عليه الضوء، لأنه اللبنة الأولى التى بُنى عليها الفكر المتطرف
عقيدة التكفير والتجسيم
المتتبع لمسار تنظيم “داعش” وأفكاره، يرى عدم وجود أي فرق بين هذا الفكر المتطرف وتعاليم الوهابية إلا بالأساليب والتقنيات المستخدمة، مع فوارق ضرورية لخدمة هذه الأفكار بالتوافق مع ما يريده العصر التقني الذي يبهر المشاهد من خلال الصور وتقنيات الإعلام المتطور، علماً أن آلات التصوير كانت محرمة لدى الوهابيين.
إن العقائد التي يسير عليها “داعش” هي ذاتها عقائد الوهابية، التي تكفر أهل السنة والجماعة ممن يعتقدون بأن الله لا يشبه مخلوقاته وأنه ليس متحيّزًا في السماء ولا يحتاج إلى العرش وليس جسمًا مثل البشر,و باستحباب زيارة قبر الرسول ويؤمنون بشفاعته وبنوا القبة الخضراء على قبره، فالوهابي الكبير الذي علمهم على هذا الحقد، يقول في كتاب الجواهر المضيئة: “كيف تدعو مخلوقاً ميتاً عاجزاً”. وقد أراد أتباعه عند احتلالهم المدينة المنورة تهديم القبة الخضراء فوق قبر رسول الله لكن التظاهرات التي عمت بلاد المسلمين منعتهم من ذلك
ويعتبر أحد أخطر أساليب الوهابية هو اتباع منهج ابن تيمية في جواز الكذب والافتراء وإخفاء الحقائق في مواجهة من يخالفهم الرأي من المسلمين بشكل عام، وهو ما يقوم به حالياً أتباع الجماعات التكفيرية حيث يحورون كتباً كثيرة من أجل الافتراء على من لا يؤيدهم المعتقد والرأي. ولدى هؤلاء أراء عجيبة في الكثير من القضايا الشرعية، ولهم تصورات غريبة تدل على الجهل بكتاب الله وسنة نبيه، ومنها حرمة تقبيل المصحف الشريف، وحرمة عمل المولد النبوي الشريف واعتبار كل أمر بدعة ضلالة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
منهج قتالي تكفيري واحد
إن “داعش”، ومثله تنظيم “القاعدة”، يتبع منهجاً قتالياً اتبعه الوهابيون منذ نشوئهم، ولكن هذا المنهج أصبح أكثر تطوراً ووضوحاً عند سيطرته على مساحات في سوريا والعراق.
هذا المنهج يقوم على اعتماد الشدة والغلظة والإرهاب والتشريد والإثخان في تعذيب المناوئين للتكفير وذبحهم، بل حرقهم وهم أحياء. كما يقوم على اعتماد سياسة افساد الاستقرار، فلا يجوز أن يستقر اي بلد من البلدان إذا كانوا قادرين على افساد الاستقرار فيه، وضرب كل بلد لا يحكم بشريعتهم.
والأخطر من ذلك فإنهم يزعمون أن الابرياء الذين يقتلون نتيجة عملياتهم الانتحارية إنما هم مأجورون في حال كانوا من مؤيديهم، ولكنهم يمكن ان يكونوا آثمين بسبب قعودهم عن الجهاد.
كما أن التكفيريين أصدروا فتاوى بقتل اطفال ونساء ضباط ومنتسبي الأجهزة الأمنية المناوئة لهم، وهي ما قال بها المدعو ابو قتادة (عمر محمود عثمان) الذي أفرج عنه من السجون الاردنية في ايلول 2014. وهم يدعون علناً إلى التمثيل بجثث الموتى حيث إنهم يتلذذون بالتمثيل بجثث من يقتلونهم.
إن “داعش” والقاعدة كما الوهابية يتميزون بدرجة عالية من الجهل بالإسلام ومن فهمهم للشريعة الإسلامية والقرآن الكريم، كما أن أعلى درجات الجهل تتمثل في فهمهم لمعنى الكفر والكافر، وهذا الجهل بالإسلام والشريعة هو الذي أدى بهم إلى هذه الدرجة، والأخطر من ذلك هو أن هناك وسائل إعلام تسوق لأفكار هؤلاء التكفيريين للتأثير في المسلمين بطرق الكذب والافتراء.
وللأسف حتى الآن لم تتم محاربة أفكار هؤلاء بالشكل المطلوب ولا يزال هناك من يدعمهم لمآرب خاصة، وبالتالي فإن ما يحضر لحكم البلاد العربية أصعب بكثير مما كانت عليه في حال استمر تمدد تنظيم “داعش” أو وصل أشخاص يحملون هذه الأفكار إلى السلطة، لذلك فإن على المواطن العربي أن يدرك ما يحضر له وأن يدرك حقيقة وخطورة الفكر الوهابي وإن كان لم يفصح عن وجهه الإرهابي ككثير من الدعاة الذين يتصدرون الشاشات, ويكفيك عزيزي القارىء أن تسمعهم يمدحون ابن تيمية ومحمد بن عبدالوهاب لتدرك أن القائل هو وهابي يجب الحذر منه ومن مجلسه و عقيدته التكفيرية الإرهابية التجسيمية.