Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
مواجهة موسى عليه السلام لفرعون وتكذيب فرعون لموسى وعناده
سار موسى عليه السلام بأهله نحو مصر حتى وصلها ليلا وكان هارون عليه السلام يومئذ غائبا بمصر، فأوحى الله تعالى إليه أن يتلقى أخاه موسى عليه السلام ويخبره أنه قد جعله وزيرًا له ورسولا معه، وتلقى هارون موسى فلما اجتمعا والتقيا قال موسى لأخيه هارون: إن الله تعالى أمرني أن ءاتي فرعون فسألته أن يجعلك معي فانطلق معي إليه، وانطلق موسى وهارون عليهما السلام إلى قصر فرعون ليلا، وطلب موسى من البواب أن يأذن له بالدخول على الملك أي فرعون، وعندما سأله البواب بقوله: وماذا أقول لفرعون؟ أجابه موسى: قل له جاءك رسول رب العالمين، ففزع البواب من كلام موسى ودخل على فرعون مرعوبا وقال له: إن بالباب إنسانًا مجنونًا يزعم أنه رسول رب العالمين، فأخذت فرعون رعدة وهيبة وأمر بوابه بإدخاله مع أخيه هارون عليهما السلام، فلما دخل موسى ومعه أخوه هارون على فرعون في قصره دَعَواه إلى عبادة الله وحده لا شريك له في الألوهية والدخول في دين الإسلام وبلّغاه ما أرسلا به، وأن يفك أسارى بني إسرائيل من قبضته وقهره وسطوته ويتركهم يعبدون الله تعالى وحده ويتفرغون لعبادته، وهنا تكبّر فرعون في نفسه وعتا وطغى وأخذته العزة بالإثم ونظر إلى موسى وهارون بعين الازدراء، وقال لهما: وهل يوجد إله غيري؟ ولما تحقق فرعون من موسى وعلم أنه الذي تربى في بيته وقصره ثم كان من أمره ما كان، قال لموسى: ألم نربِّك فينا وليدًا ولبثت فينا من عمرك سنين؟ أي أما أنت الذي ربّيناه في منزلنا وأحسنّا إليه وأنعمنا عليه مدة من الدهر؟ قال تعالى: ﴿فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ *قَالَ أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ * وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ * قَالَ فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ * فَفَرَرْتُ مِنكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ الْمُرْسَلِينَ﴾ [سورة الشعراء 16-21].
ومعنى قوله: ﴿وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ﴾ أي ما كنتُ أعرف الأحكام الشرعية في ذلك الوقت هذا قبل أن يوحى إليه، ولما ضرب ذلك الكافر لم يكن في ذلك الوقت نبيًّا.
وأخذ فرعون يجادل موسى عليه السلام وجحد وجود الله الخالق الصانع وزعم أنه هو وحده الإله، يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عما جرى بين نبيه موسى عليه السلام وفرعون من الجدال والمناظرة: ﴿قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ * قَالَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إن كُنتُم مُّوقِنِينَ * قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ * قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءابَآئِكُمُ الأَوَّلِينَ * قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ * قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِن كُنتُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [سورة الشعراء 23-28].
أظهر فرعون كل عناد وتكبر بالذي جاءه وبلغه إياه موسى عليه السلام مع الحجج القوية الباهرة، ومع هذا كله لم يستفق من رقدته ولم يتراجع عن ضلالاته بل استمر على طغيانه وعناده وكفرانه مع ما في كلام موسى عليه السلام له من الحجج والبراهين الساطعة النيرة يقول الله تعالى في فرعون وفساده: ﴿فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى﴾ [سورة النازعات 23-24]، وقال تعالى: ﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلأ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي﴾ [سورة القصص/38]، ثم قال فرعون لمن حوله من أمرائه ووزرائه على سبيل التهكم ألا تستمعون لكلامه، قال تعالى: ﴿قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلا تَسْتَمِعُونَ﴾ [سورة الشعراء/25] فأجابه موسى: ﴿قَالَ رَبُّكُمْ وَرَبُّ ءابَآئِكُمُ الأَوَّلِينَ﴾ [سورة الشعراء/26].
بعد أن قامت الحجج على فرعون وانقطعت شبهه الواهية ولم يبق له إلا العناد والتكبر عدل إلى استعمال سلطانه وجاهه وسطوته وجبروته، يقول الله تعالى حكاية عنه: ﴿قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ * قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَىْءٍ مُّبِينٍ * قَالَ فَأْتِ بِهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُّبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاء لِلنَّاظِرِينَ﴾ [سورة الشعراء 29-33].
لذلك خافه فرعون ووثب فزعًا، ثم أدخل موسى عليه السلام يده في جيبه وأخرجها فإذا هي بيضاء كالثلج لها نور يتلألأ ثم ردّها فعادت كما كانت بقدرة الله ومشيئته. ويقول العلماء في تفصيل هذه الحادثة: أَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ، أَيْ عَظِيمُ الشَّكْلِ، بَدِيعٌ فِي الضَّخَامَةِ وَالْهَوْلِ، وَالْمَنْظَرِ الْعَظِيمِ الْفَظِيعِ الْبَاهِرِ، حَتَّى قِيلَ إِنَّ فِرْعَوْنَ لما شَاهد ذَلِك وعاينه، أَخذه رهب شَدِيدٌ وَخَوْفٌ عَظِيمٌ، بِحَيْثُ إِنَّهُ حَصَلَ لَهُ إِسْهَالٌ عَظِيمٌ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِينَ مَرَّةً فِي يَوْم، وَكَانَ قَبْلَ ذَلِكَ لَا يَتَبَرَّزُ فِي كُلِّ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، فَانْعَكَسَ عَلَيْهِ الْحَالُ. وَمَعَ هَذَا كُلِّهِ لم ينْتَفع فِرْعَوْن – لَعنه الله – بشئ مِنْ ذَلِكَ، بَلِ اسْتَمَرَّ عَلَى مَا هُوَ عَلَيْهِ، وَأَظْهَرَ أَنَّ هَذَا كُلَّهُ سِحْرٌ، وَأَرَادَ مُعَارَضَتَهُ بِالسَّحَرَةِ، فَأَرْسَلَ يَجْمَعُهُمْ مِنْ سَائِرِ مَمْلَكَتِهِ وَمن هم فِي رَعِيَّتِهِ وَتَحْتَ قَهْرِهِ وَدَوْلَتِهِ، كَمَا سَيَأْتِي بَسْطُهُ وَبَيَانُهُ فِي مَوْضِعِهِ، مِنْ إِظْهَارِ اللَّهِ الْحَقَّ الْمُبِينَ وَالْحُجَّةَ الْبَاهِرَةَ الْقَاطِعَةَ عَلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ، وَأَهْلِ دَوْلَتِهِ وَمِلَّتِهِ.
وهاتان المعجزتان هما البرهانان اللذان أيّد الله تبارك وتعالى بهما نبيَّهُ موسى عليه السلام لما أرسله إلى فرعون وأتباعه وهما معجزتان أبهرتا العقول والأبصار، فحين ألقى موسى عليه السلام عصاه أمام فرعون إذا هي ثعبان مبين أي عظيم الشكل في الضخامة والهول والمنظر الفظيع الباهر، حتى قيل إن فرعون لما شاهد معجزة العصا وعاينها أخذه خوف عظيم انعكس أثر ذلك على صحته وحالته، وهكذا لما أدخل موسى عليه السلام يده في جيبه واستخرجها إذا هي كفلقة القمر تتلألأ نورًا يبهرُ الأبصار، فلما أعادها إلى جيبه واستخرجها رجعت إلى صفتها الأولى، ومع هذا كله لم يقتنع فرعون بشىء من ذلك بل استمر على كفره وطغيانه وادعى أن هذا كله سحر، وأراد معارضته بالسحرة فأرسل يجمعهم من سائر مملكته ومن هم في رعيته وتحت سلطته ودولته
قصة نبي الله موسى عليه السلام مع سحرة فرعون
استمر فرعون على كفره وأخذ يهدد نبي الله موسى عليه السلام ويتوعده بالسجن والتعذيب والأذى، ثم دعا وزيره هامان واستشاره في أمر موسى وما دعاه إليه وما رأى منه فقال له: إن اتبعته فيما دعاك له تصير تَعبُدُ بعد أن كنت تُعبَد، وزيّن له باطله وما هو عليه من طغيان وتكبر، فخرج فرعون إلى قومه وقال يصف موسى عليه السلام: ﴿قَالَ لِلْمَلإ حَوْلَهُ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ * يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ﴾ [سورة الشعراء 34-35]، ثم دعا جماعته واستشارهم في أمر موسى عليه السلام وما رأى منه، فأشاروا عليه أن يجمع السحرة ليبطلوا على زعمهم ما جاء به موسى لأنهم ظنوا أن ما جاء به من الآيات هو من قبيل السحر، وقال الملأ من قوم فرعون ﴿قَالُواْ أَرْجِهْ وَأَخَاهُ وَأَرْسِلْ فِي الْمَدَآئِنِ حَاشِرِينَ * يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ﴾ [سورة الأعراف 111-112] ففعل فرعون ما طلبوا منه وذهب يجمع من كان ببلاده بمصر من السحرة وكانت بلاد مصر في ذلك الزمان مملوءة سَحرة متمكنين في سحرهم حتى اجتمع له خلق كثير من السحرة وجم غفير منهم فكانوا سبعين ساحرًا وقيل أكثر من هذا بكثير، ولما اجتمعوا عند فرعون طلب منهم فرعون أن يجمعوا قواهم ويوحدوا هدفهم وجهودهم ليبطلوا على زعمه سحر موسى، وأخذ فرعون يُغريهم بالمال والمنصب وأنه سيجعلهم من خاصته فيما إذا تمكنوا من موسى وغلبوه بسحرهم، قال تعالى: ﴿فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ * وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنتُم مُّجْتَمِعُونَ * لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِن كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ * فَلَمَّا جَاء السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لأَجْرًا إِن كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [سورة الشعراء 38-42].
وقال الله تعالى: ﴿فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى * قَالَ لَهُم مُّوسَى وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى * فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى * قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ يُرِيدَانِ أَن يُخْرِجَاكُم مِّنْ أَرْضِكُم بِسِحْرِهِمَا وَيَذْهَبَا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلَى * فَأَجْمِعُوا كَيْدَكُمْ ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلَى﴾ [سورة طه 60-64] وكان موعد اللقاء يوم عيد لفرعون يجتمع فيه مع الرعية في وضح النهار من الضحى قال تعالى: ﴿قَالَ أَجِئْتَنَا لِتُخْرِجَنَا مِنْ أَرْضِنَا بِسِحْرِكَ يَا مُوسَى * فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِّثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا لاَّ نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنتَ مَكَانًا سُوًى * قَالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَن يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى﴾ [سورة طه 57-59]، وجاء موسى عليه السلام حاملا عصاه في يده ومعه أخوه هارون في الموعد المحدد، وكان فرعون جالسًا مُستَشرفا بأهبة في مجلسه مع أشراف قومه من الأمراء والوزراء ومعهم السحرة الذين جلبهم من كل أنحاء بلاد مصر التي كان يحكمها وقيل أنهم كانوا 80 ألف ساحر، وَقَالَ السُّدِّيُّ: بِضْعَةً وَثَلَاثِينَ أَلْفًا، وَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ تِسْعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَق: خَمْسَةَ عَشَرَ أَلْفًا. وَرَوَى ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: كَانُوا سَبْعِينَ رَجُلًا، وَرَوَى عَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُمْ كَانُوا أَرْبَعِينَ غُلَامًا مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ، أَمَرَهُمْ فِرْعَوْنُ أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى الْعُرَفَاءِ فَيَتَعَلَّمُوا السِّحْرَ. فأقبل موسى عليه السلام نحو السحرة وزجرهم عن تعاطي السحر الباطل الذي فيه معارضة لآيات الله وحججه وقال لهم: ﴿وَيْلَكُمْ لا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذَابٍ﴾ [سورة طه/61] أي يستأصلكم ويُهلِككُم بعذاب، وارتعد السحرة من مقالته هذه وفزعوا وقال بعضهم لبعض: ما هذا بقول ساحر، ولما اصطفّ السحرة ووقف موسى وهارون عليهما السلام تجاههم قالوا لموسى عليه السلام: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَن تُلْقِيَ وَإِمَّا أَن نَّكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى * قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [سورة طه 65-66] وكان هذا تهكّمًا بهم، عند ذلك سحروا أعين الناس واسترهبوهم وألقَوا حبالهم وعصيّهم التي كانت معهم وهم يقولون: بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون، وإذا بهذه الحبال والعصيّ يخيّل للناس الحاضرين أنها حيات وثعابين تتحرك وتسعى، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ﴾ [سورة الأعراف/116]، وقال الله تعالى: ﴿فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى﴾ [سورة طه/66] وأمام هذا الموقف المثير المستغرب نظر نبي الله موسى عليه السلام فإذا بهذه الحبال والعصي يخيل إليه أنها حيات تسعى، فأوجس في داخل نفسه خيفة حيث خاف على الناس أن يفتنوا بسحر السحرة قبل أن يلقي ما في يده، ولكنّ الله سبحانه وتعالى ثبّته أمام هذا الجمع الزاخر من السحرة وأوحى إليه أن ﴿لا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الأَعْلَى﴾ [سورة طه/68] أي الغالب المنتصر عليهم، وأمره تعالى أن يلقي عصاه التي كانت في يده، فلما ألقاها عليه السلام إذا هي تنقلب إلى حية حقيقية عظيمة ذات قوائم وعنق عظيم وشكل هائل مزعج، بحيث إن الناس الذين كانوا بالقرب منها انحازوا وهربوا سراعًا وتأخروا عن مكانها، وأقبلت هذه الحية على ما ألقاه السحرة من الحبال والعصي والتي خُيّل للناس الحاضرين أنها حيات تسعى فجعلت تلقفه وتبتلعه واحدًا واحدًا وفي حركة سريعة والناس ينظرون إليها متعجبين لهول ما رأوْا وشاهدوا أمامهم، وأما السحرة فإنهم رأوا ما هالهم واطلعوا على أمر لم يكن في بالهم ولا يدخل تحت قدرتهم وتحققوا بما عندهم من العلم أنّ ما فعله موسى عليه السلام ليس بسحر ولا شعوذة وأن ما يدعو إليه ليس زورًا ولا بهتانًا، وكشف الله تعالى عن قلوبهم غشاوة الغفلة وقذف وخلق في قلوبهم الاهتداء والإيمان لذلك ءامنوا وخرّوا له ساجدين وأقَرّوا بوحدانية الله تعالى، لأنهم أيقنوا أن ما جاء به موسى ليس من قبيل السحر وإنما هو ءاية من ءايات الله تعالى الباهرة خلقها الله تعالى وأظهرها بقدرته على يد رسوله موسى عليه السلام لتكون برهانًا ساطعًا على صدقه فيما جاء به وبلغه عن الله تعالى، ولو كان ما فعله موسى عليه السلام من قبيل سحرهم لاستطاعوا معارضته بمثله، لذلك أعلنوا إسلامهم وإيمانهم جهرة أمام الحاضرين وفيهم ملكهم فرعون وأهل دولته غير ءابهين بفرعون وسطوته وقالوا: ءامنا برب العالمين رب موسى وهارون، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ * فَغُلِبُواْ هُنَالِكَ وَانقَلَبُواْ صَاغِرِينَ * وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُواْ ءامَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [سورة الاعراف 117-122]، وقال تعالى: ﴿وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى﴾ [سورة طه/69]. لَمَّا سَجَدَ السَّحَرَةُ رَأَوْا مَنَازِلَهُمْ وَقُصُورَهُمْ فِي الْجَنَّةِ تُهَيَّأُ لَهُمْ، وَتُزَخْرَفُ لِقُدُومِهِمْ وَلِهَذَا لَمْ يَلْتَفِتُوا إِلَى تَهْوِيلِ فِرْعَوْنَ وَتَهْدِيدِهِ وَوَعِيدِهِ. وَذَلِكَ لِأَنَّ فِرْعَوْنَ لَمَّا رَأَى هَؤُلَاءِ السَّحَرَة قد أَسْلمُوا وأشهروا ذكر مُوسَى وهرون فِي النَّاسِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ الْجَمِيلَةِ، أَفْزَعَهُ ذَلِكَ، وبهره وأعمى بصيرته، وكان فيه كيد ومكر وخداع في الصَّدِّ عن سبيل الله، فأراد أن يستر هزيمته ويستعيد هيبته فقال مخاطبًا السحرة بمكر وخداع وبحضرة الناس: ﴿ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ [سورة طه/71].
ومع ذلك ثبت السحرة على الإيمان والإسلام ولم يبالوا بوعيد فرعون وتهديداته بل واجهوه بكل جرأة رافضين تسلطه وهيمنته، وءاثروا الحق الذي جاء به موسى وهارون على فرعون وجبروته، وءاثروا الآخرة الباقية ودار النعيم الدائم على الدنيا الفانية الزائلة، يقول الله تبارك وتعالى: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا ءامَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى * قَالَ ءامَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ ءاذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلافٍ وَلأصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ عَذَابًا وَأَبْقَى * قَالُوا لَن نُّؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا ءامَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى * إِنَّهُ مَن يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لا يَمُوتُ فِيهَا وَلا يَحْيى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُوْلَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى * جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء مَن تَزَكَّى﴾ [سورة طه 70-76]. وقال تعالى:﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُواْ ءامَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ * قَالَ فِرْعَوْنُ ءامَنتُم بِهِ قَبْلَ أَن ءاذَنَ لَكُمْ إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَّكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُواْ مِنْهَا أَهْلَهَا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * لأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُم مِّنْ خِلاَفٍ ثُمَّ لأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُواْ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنقَلِبُونَ * وَمَا تَنقِمُ مِنَّا إِلاَّ أَنْ ءامَنَّا بِآيَاتِ رَبِّنَا لَمَّا جَاءتْنَا رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرًا وَتَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ﴾ [سورة الأعراف 120-126].
ونفَّذ فرعون الطاغية تهديده ووعيده فصَلب هؤلاء السحرة الذين ءامنوا وتابوا وقطَّع أيديهم وأرجلهم وقتلهم ليُروي غليله الحاقد دون أن يستطيع ثنيهم عن الإيمان والإسلام، فماتوا شهداء أبرارا قد نالوا الدرجات العلى رضوان الله عليهم أجمعين، فقد كانوا أول الأمر سحرة فجّارًا ثم صاروا بعد قتلهم ظُلمًا شهداء بررة، والله تعالى يعطي الفضل من يشاء، والله ذو الفضل العظيم.
ذكر ماشطة بنت فرعون
كانت ماشطة بنت فرعون مؤمنة مسلمة تكتم إسلامها، فبينما هي تمشط شعر ابنة فرعون إذ وقع المشط من يدها فقالت: بسم الله، فقالت ابنة فرعون: “أَوَلكِ إلهٌ غير أبي”؟ قالت الماشطة: ربي وربك ورب أبيك هو الله، فأخبرت بنت فرعون أباها بذلك، فدعا بها وبولدها وقال لها: من ربك؟ قالت: ربي وربك الله، فأمر بتنور نحاس فأُحمي ليعذّبها وأولادها، فقالت: لي إليك حاجة، قال: ما هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها، فقال: لك ذلك، فأمر بأولادها فألقوا في التنور واحدًا واحدًا، وكان ءاخر أولادها صبيًّا رضيعًا فقال لها: اصبري يا أماه فإنك على الحق، ثم أُلقيت في التنور مع ولدها.
ذكر ءاسيا بنت مزاحم
كانت ءاسيا امرأة فرعون من بني إسرائيل وقيل: كانت من غيرهم وكانت مؤمنة تكتم إيمانها، وقد دخل عليها ذات يوم فرعون فأخبرها خبر الماشطة فقالت له ءاسية زوجته: الويل لك! ما أجرأك على الله! فقال لها: لعلك اعتراك الجنون الذي اعترى الماشطة، فقالت له: ما بي جنون ولكني ءامنت بالله تعالى رب العالمين، فأقسم فرعون لتذوقنَّ الموت أو لتكفُرن بإله موسى، فقالت له: أما أن أكفر بالله فلا والله! فأمر فرعون فَمُدَّ بين يديها أربعة أوتاد وعذِّبت حتى ماتت، فلما عاينت الموت قالت: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [سورة التحريم/11].
ومعنى “عندك” أي في المكان المشرّف عندك وهو الجنة.
الفرق بين السحر والمعجزة
اعلم أن السبيل إلى معرفة النبي المعجزة، فالله سبحانه وتعالى أيَّد أنبياءه بالمعجزات لتكون دليلا على صدقهم فيما يدعون من أنهم أنبياء وأنهم صادقون في كل ما يبلغون عن الله سبحانه وتعالى، يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ﴾ [سورة الحديد/25] ومعنى “بالبينات” أي بالمعجزات. وتعريف المعجزة عند العلماء: أنها أمر خارق للعادة يأتي على وفق دعوى من ادعوا النبوة، سالم من المعارضة بالمثل.
فما كان من الأمور عجيبًا ولم يكن خارقًا للعادة فليس بمعجزة، وكذلك ما كان خارقًا للعادة لكنه لم يقترن بدعوى النبوة كالخوارق التي تظهر على أيدي الأولياء أتباع الأنبياء فإنه ليس بمعجزة بل يسمى كرامة. وكذلك ليس من المعجزة ما يستطاع معارضته بالمثل كالسحر، فإنّ السحر يعارض بسحر مثله. ويفرّق بين المعجزة والسحر بأن السحر يعارض بالمثل بمعنى أنّ الساحر إذا عمل سحرًا يُتعجبُ منه، وقد يأتي ساحر ءاخر في درجة الساحر الأول أو أقوى منه في ممارسة السحر فيفعل مثل ما فعل الساحر الأول ويعارضه بمثل ما أتى.
وأما المعجزة التي يؤيد الله تعالى بها النبي والرسول الذي بعثه للناس فإنها لا تعارض ولا تقابل بالمثل من قبل المكذبين لهم والمعارضين، لأن النبي لو كان كاذبًا في قوله “إن الله أرسله” لم يأت بهذا الأمر العجيب الخارق للعادة الذي لم يستطع أحد أن يعارضه بمثل ما أتى به، وتثبت بذلك الحجة على هؤلاء المعارضين لهم والمكذبين، ولا يسع هؤلاء المكذبين إلا الإذعان والتصديق، لأن العقل يوجب تصديق من أتى بمثل هذا الأمر العجيب الخارق للعادة، ومن لم يذعن ويصدق هذا النبي الذي ظهرت على يديه المعجزة بل عانده يُعدّ مهدرًا لقيمة البرهان العقلي.
فإن قال ملحد: وقوع الأمر الخارق للعادة على يد الأنبياء لا يكفي دليلا على صدقهم لأننا نشاهد كثيرًا من الخوارق يُتوصل إليها بالسحر والشعوذة واستحضار الجن.
فالجواب: أن هذه الأشياء تُعارَض بالمثل فيعارض ساحرٌ ساحرًا بمعنى أنه يأتي بمثل ما أتى به، وهذا بخلاف المعجزة، فهل استطاع أحد من المكذبين المعارضين للأنبياء في عصورهم أو فيما بعد ذلك إلى يومنا هذا أن يأتيَ بمثل ما أتى به نبي الله صالح عليه السلام من إخراج الناقة وولدها من صخرة صماء حين اقترح عليه قومه ذلك، وهل استطاع أحدٌ أن يدخل نارًا عظيمة كالنار التي رمي فيها إبراهيم حتى إنهم من شدتها لم يستطيعوا أن يرموه فيها إلا بواسطة المنجنيق ولم تؤثر فيه النار بإحراق جسمه وثوبه، وهل استطاع أحد منهم أن يفعل ما فعل موسى من ضرب البحر بعصاه فينفرق اثني عشر فرقًا كل فرق كالجبل العظيم حتى يمشي فيه مئات الألوف ولا ينهال عليهم حتى قطعوا المسافة التي أرادها موسى ثم يعود البحر كما كان، وهل استطاع سحرة فرعون الذين جمعهم من جميع أنحاء مملكته أن يقاوموا معجزة موسى عليه السلام من انقلاب عصاه حية حقيقية ابتلعت حبالهم وعصيهم التي خيل للناس الحاضرين أنها حيات تسعى، بل لقد غُلب السحرة كلهم وعجزوا عن المقاومة ومعارضته بمثل ما أتى، ثم أذعنوا لموسى فآمنوا بالله وبرسوله موسى عليه السلام موقنين كل الإيقان: ﴿قَالُواْ ءامَنَّا بِرِبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ [سورة الأعراف 121-122].
فإن قال الملحد: إن هذه الحوادث من قبيل الخرافات التي تُروى من غير أساس.
فالجواب: أن هذا من الخبر المتواتر الذي يفيد علمًا قطعيًّا، وليس من الأخبار التي تحتمل الصدق والكذب كأخبار البلاد والأماكن النائية والملوك الماضية التي تناقلتها الكافة عن الكافة، لذلك يُقطع بصحة معجزات وحوادث الأنبياء التي تناقلتها الكافة عن الكافة.
كبراء قوم فرعون يُحرّضون فرعون على إيذاء موسى ومن ءامن معه
لما وقع ما وقع من الأمر العظيم وهو انتصار نبي الله موسى عليه السلام على السحرة الذين جمعهم فرعون من أنحاء مملكته، فكان الأمر على خلاف ما أرادوا وكانت الغلبة والانتصار لموسى عليه السلام في ذلك الموقف الهائل وأسلمَ السحرةُ الذين استنصر بهم فرعون وأتباعه القبط مما زاد فرعون وأتباعه الكافرين غيظًا وحقدًا، أخذوا يُغرون فرعون ويحرضونه على إيذاء موسى عليه السلام ومن ءامن معه لائمين ومنكرين عليه ترك موسى عليه السلام وقومه الذين ءامنوا بما جاء به يُفسدون على زعمهم في الأرض، فوعدهم فرعون أنه سيقتل أبناءهم ويستحيى نساءهم أي يسخّرهن في خدمته معتزًا بما له عليهم من القهر والغلبة والسلطان، فأخذ يبطش ويفتك ببني إسرائيل الذين ءامنوا بموسى عليه السلام وبما جاء به، فعند ذلك ضجَّ بنو إسرائيل بالشكوى مما حاق بهم من الظلم والتعذيب وأخذوا يشكون ذلك لموسى عليه السلام، فأوصاهم عليه السلام بالصبر وبشّرهم بالنصر ووعدهم على ذلك بحسن العاقبة.
يقول الله تبارك وتعالى: ﴿وَقَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِ فِرْعَونَ أَتَذَرُ مُوسَى وَقَوْمَهُ لِيُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ وَيَذَرَكَ وَءالِهَتَكَ قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ * قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُواْ إِنَّ الأَرْضَ لِلّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ * قَالُواْ أُوذِينَا مِن قَبْلِ أَن تَأْتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾ [سورة الأعراف 172-192].