قال الله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لّنَا مَا هِيَ قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِكْرٌ عَوَانٌ بَيْنَ ذَلِكَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ * قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ * قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِى الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَّارَأتُمْ فِيهَا وَاللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَلِكَ يُحْي اللَّهُ الْمَوْتَى وَيُرِيكُمْ ءايَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [سورة البقرة 67-73].
إن قصة بقرة بني إسرائيل تتلخص في أنَّ رجُلا من بني إسرائيل كان كثيرَ المال وكان شيخًا كبيرًا وله بنو أخ يتمنون موته ليرثوه، فعمد أحدُهم فقتله في الليل وطرحه في مجمع الطرق وقيل على باب رجل منهم، فلمّا أصبح الناس اختصموا فيه، وجاء ابن أخيه فجعل يصرخ ويتظلم فقالوا: ما لكم تختصمون ولا تأتون نبي الله؟ فجاء ابن أخيه هذا وشكا أمر عمه إلى رسول الله موسى عليه السلام، فقال موسى عليه السلام لما سمع الخبر: أنشد الله رجلا عنده علم من أمر هذا القتيل إلا أعلمنا به، فلم يكن عند أحد منهم علم منه، ثم طلبوا منه أن يسأل في هذه القضية ربه عز وجل، فسأل موسى عليه السلام في هذه القضية ربه عز وجل فأمره الله تعالى أن يأمرهم بذبح بقرة فقال لهم: ﴿إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُواْ بَقَرَةً قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا﴾ [سورة البقرة/67] فقالوا له: نحن نسألك عن أمر هذا القتيل وأنت تقول لنا هذا ﴿قَالَ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ﴾ أي أعوذ بالله أن أقول غير ما أوحي إلي، ولو أنهم عمدوا إلى أي بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها، ولكنهم شددوا فشدد الله عليهم، فقد سألوا عن صفتها ثم عن لونها ثم عن سِنّها فأجيبوا بما عز وجوده فيهم.
والمقصود أنهم أُمروا بذبح بقرة عوان وهي الوسط النصف بين الفارض وهي الكبيرة والبكر وهي الصغيرة، ثم شددوا وضيقوا على أنفسهم فسألوا عن لونها، فأُمروا بصفراء فاقع لونها أي مُشربٌ بحمرة تسر الناظرين، وهذا اللون عزيز يصعب وجوده، ثم شددوا على أنفسهم أيضًا ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِيَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَاءَ اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ﴾ [سورة البقرة/70] فأجابهم موسى عليه السلام بما أخبر الله سبحانه وتعالى: ﴿قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِيرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِى الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ﴾.
وهذه الصفات أضيق مما تقدم حيث أُمروا بذبح بقرة ليست بالذلول وهي المذللة بالحراثة وسقي الأرض بالساقية، مسلّمة وهي الصحيحة التي لا عيب فيها، وقيل ومعنى ﴿لا شية فيها﴾ أي ليس فيها لون يخالف لونها، بل هي مسلمة من العيوب ومن مخالطة سائر الألوان غير لونها، فلما حددها بهذه الصفات ﴿قالوا الآن جئت بالحق﴾ ويقال: إنهم لم يجدوا هذه البقرة بهذه الصفة إلا عند رجل منهم كان بارًّا بأمه فطلبوها منه فأبى عليهم فأرغبوه في ثمنها حتى أعطوه بوزنها ذهبًا فأبى عليهم ولم يقبل حتى أعطوه بوزنها عشر مرات فباعها لهم، فأتوا بها موسى عليه السلام فأمرهم بذبحها ﴿فذبحوها وما كادوا يفعلون﴾ أي وهم يترددون في أمرها، ثم أمرهم موسى عليه السلام أن يضربوا ذلك القتيل ببعض هذه البقرة التي ذبحوها قيل: بلحم فخذها، وقيل بالعظم الذي يلي الغضروف، وقيل بغير ذلك، فلما ضربوا القتيل ببعض هذه البقرة كما أمرهم نبيهم عليه السلام أحياه الله تعالى فسأله نبي الله موسى: من قتلك؟ فقال: قتلني ابن أخي، وعرّفه ثم عاد ميتًا كما كان.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website