فصل فِي أسمائه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا تضمنته من فضيلته حَدَّثَنَا أَبُو عِمْرَانَ مُوسَى بْنُ أَبِي تَلِيدٍ الْفَقِيهُ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عُمَرَ الْحَافِظُ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ نَصْرٍ حَدَّثَنَا قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بن وضاح حَدَّثَنَا يَحْيَى حَدَّثَنَا مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَنَا أَحْمَدُ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّهُ بِي الْكُفْرَ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي وَأَنَا الْعَاقِبُ) وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّه تَعَالَى فِي كِتَابِهِ مُحَمَّدًا وَأَحْمَدَ فَمِنْ خَصَائِصِهِ تَعَالَى لَهُ أَنْ ضَمَّنَ أَسْماءَهُ ثَنَاءَه فَطَوَى أَثْنَاء ذِكْرِهِ عَظِيمَ شُكْرِهِ فَأَمَّا اسْمُهُ أَحْمَدُ فَأَفْعَلُ مُبَالَغَةً من صِفَةِ الْحَمْدِ وَمُحَمَّدٌ مُفَعَّلٌ مُبالَغَةً من كَثْرَةِ الْحَمْدِ فهو صلى الله عليه وسلم أَجَلُّ من حَمِدَ وَأَفْضَلُ من حُمِدَ وَأَكْثَرُ النَّاسِ حَمْدًا فَهُوَ أَحْمَدُ الْمَحْمُودِينَ وَأَحْمَدُ الْحَامِدِينَ وَمَعَهُ لواء الحمد يوم القيامة وليتم لَهُ كَمَالُ الْحَمْدِ وَيَتَشَهَّرَ في تِلْكَ الْعَرَصَاتِ بِصِفَةِ الْحَمْدِ، وَيَبْعَثهُ رَبَّهُ هُنَاكَ مَقَامًا مَحْمُودًا كَمَا وَعَدهُ يَحْمَدُهُ فِيهِ الأوَّلُونَ وَالآخرُونَ بِشَفَاعِتِهِ لَهُمْ وَيَفْتَحُ عَلَيْهِ فِيهِ مِنَ الْمَحَامِدِ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا لَمْ يُعْطَ غَيْرُهُ وَسَمَّى أُمَّتَهُ فِي كُتُبِ أَنْبِيَائِهِ بِالْحَمَّادِينَ فَحَقِيقٌ أَنْ يُسَمَّى مُحَمَّدًا وَأَحْمَدَ ثُمَّ فِي هَذَيْنِ الاسْمَيْنِ من عَجَائِبِ خَصَائِصِهِ وَبَدَائِعِ آيَاتِهِ فَنُّ آخَرُ هُوَ إن اللَّه جَلَّ اسْمُهُ حَمَى أَنْ يمسى بِهِمَا أَحَدٌ قَبْلَ زَمَانِهِ أَمَّا أَحْمَدُ الَّذِي أَتَى فِي الْكُتُبِ وَبَشَّرَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ فَمَنَع اللَّه تَعَالَى بِحِكْمَتِهِ أَنْ يُسَمَّى بِهِ أَحدٌ غَيْره وَلَا يُدْعَى بِهِ مَدْعُوّ قَبْلَهُ حَتَّى لَا يَدْخُلَ لَبْسٌ عَلَى ضَعِيفِ الْقَلْبِ أَوْ شَكٌ وَكَذَلِكَ مُحَمَّدٌ أيْضًا لَمْ يُسَمَّ بِهِ أَحَدٌ مِنَ الْعَرَبَ وَلَا غَيْرِهِمْ إِلَى أَنْ شَاعَ قُبَيْلَ وُجُودِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمِيلادِهِ أَنَّ نَبِيًّا يُبْعَثُ اسْمُهُ مُحَمَّدٌ فَسَمَّى قَوْمٌ قَلِيلٌ مِنَ الْعَرَبِ أَبْنَاءَهُمْ بِذَلِكَ رَجَاءَ أَنْ يَكُونَ أَحَدهُمْ هُوَ والله أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَه وَهُمْ مُحَمَّدُ بن أُحَيْحَة بن الْجُلاحِ الْأَوْسِيُّ وَمُحَمَّدُ بن مُسْلَمَةَ الْأَنْصَارِيّ وَمُحَمَّدُ بن بَراءٍ البكري ومحمد ابن سُفْيَانُ بن مُجَاشِعٍ وَمُحَمَّدُ بن حُمْرَانَ الْجُعْفِيُّ وَمُحَمَّدُ بن خُزَاعِي السُّلَمِيُّ لَا سَابعَ لَهُمْ وَيُقَالُ أَوَّل من سُمّي مُحَمَّدًا مُحَمَّدُ بن سُفْيَانَ وَالْيَمَنُ تَقُولُ بَلْ مُحَمَّدُ بن الْيُحْمِدِ مِنَ الأزْدِ ثُمَّ حَمَى اللَّه كُلَّ من تَسَمَّى بِهِ أنْ يَدَّعِي النُّبُوَّةِ أَوْ يَدَّعِيهَا أَحَدٌ لَهُ أَوْ يَظْهَرَ عَلَيْهِ سَبَبٌ يُشَكّكُ أَحَدًا فِي أمْرِهِ حَتَّى تَحَقَّقَتِ السّمَتَانِ لَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يُنَازَعْ فِيهِمَا وَأَمَّا قَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا الْمَاحِي الَّذِي يَمْحُو اللَّه بِيَ الْكُفْرَ فَفُسّرَ فِي الْحَدِيثَ وَيَكُونُ مَحْوُ الْكُفْرِ إِمَّا من مَكَّةَ وَبِلَادِ الْعَرَبِ وَمَا زُوِيَ لَهُ مِنَ الْأَرْضِ وَوُعِدَ أنه يَبْلُغُهُ مُلْكُ أُمَّتِهِ أَوْ يَكُون الْمَحْوُ عَامًّا بِمَعْنَى الظُّهُورِ وَالْغَلَبةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى (لِيُظْهِرَهُ على الدين كله) وَقَدْ وَرَدَ تَفْسِيرُهُ فِي الْحَدِيثَ أنَّهُ الَّذِي مُحِيَتْ بِهِ سَيّئَاتُ مِنَ اتْبَعَهُ وَقَوْلُهُ وَأَنَا الْحَاشِرُ الَّذِي يُحْشَرُ النَّاسُ عَلَى قَدَمِي أَيْ عَلَى زَمَانِي وَعَهْدِي أَيْ لَيْسَ بَعْدِيَ نَبِيّ كَمَا قَالَ (وخاتم النبيين) وسمى عاقبا لأنه عَقَبَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَفِي الصَّحِيحِ أما الْعَاقِبُ الَّذِي لَيْسَ بَعْدِيَ نَبِيّ وَقِيلَ مَعْنَي عَلَى قَدَمِي أَيْ يُحْشَرُ النَّاسِ بِمُشَاهَدَتِي كَمَا قَالَ تَعَالَى (لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا) وَقِيلَ عَلَى قَدَمِي عَلَى سَابِقَتِي قَالَ اللَّه تَعَالَى (أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ) وَقِيلَ عَلَى قَدَمِي أَيْ قُدَّامِي وَحَوْلِي أَيْ يَجْتَمِعُونَ إِلَيَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ قَدَمِي عَلَى سُنَّتِي وَمَعْنَي قَوْلِهِ (لِي خَمْسَةُ أَسْمَاءٍ) قِيلَ إنَّهَا مَوْجُودَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدّمَةِ وعَنْدَ أُولِي الْعِلْمِ مِنَ الْأُممِ السَّالِفَةِ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِي عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ، وَذَكَرَ مِنْهَا: طَهَ وَيَس، حَكَاهُ مَكّيّ وَقَدْ قِيلَ فِي بَعْض تَفَاسِيرِ طه إنَّهُ يَا طَاهِرُ يَا هادِي، وَفِي يَس يَا سَيّدُ، حَكَاهُ السُّلَمِيُّ عَنِ الوَاسِطيّ وَجَعْفَرِ بن مُحَمَّدٍ، وَذَكَرَ غَيْرَه، لِي عَشَرَةُ أَسْمَاءٍ فَذَكَرَ الْخَمْسَةَ التِي فِي الْحَدِيثِ الأَوَّلِ، قَالَ: وَأَنَا رَسُولُ الرحْمَةِ وَرَسُولُ الرَّاحَةِ وَرَسُولُ الْمَلاحِمِ وَأَنَا المُقَفّي قَفَّيْتُ النَّبِيّينَ وَأَنَا قَيّمٌ وَالْقَيّمُ الْجَامِعُ الْكَامِلُ كَذَا وَجَدْتُهُ وَلَمْ أَرْوِهِ وَأُرَى أَنَّ صَوَابَهُ قُثَمُ بِالثَّاءِ كَمَا ذَكَرْنَاهُ بَعْدُ عَنِ الْحَرِبيّ وَهُوَ أَشْبَهُ بِالتَّفْسِيرِ وَقَدْ وقع أيْضًا فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ قَالَ دَاوُد عَلَيْهِ السَّلَامُ اللَّهُمَّ ابْعَثْ لَنَا مُحَمَّدًا مُقِيمَ السُّنَّةِ بَعْدَ الْفَتْرَةِ فَقَدْ يَكُونُ الْقَيّمُ بِمَعْنَاهُ وَرَوَى النَّقَّاشُ عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لِي فِي الْقُرْآنِ سَبْعَةُ أَسْمَاءٍ: مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَيَس وَطَهَ وَالْمُدَّثّرُ وَالْمُزَّمّلُ وَعَبُدُ اللَّه) وَفِي حَدِيث عَنْ جبير بن مُطْعِمٍ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ هِيَ سِتٌ: مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَخَاتِمٌ وَعَاقِبٌ وَحَاشِرٌ وَمَاحٍ، وَفِي حَدِيث أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيّ أنَّهُ كَانَ صَلَّى القله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسَمّي لَنَا نَفْسَهُ أَسْمَاءً فَيَقُولُ (أَنَا مُحَمَّدٌ وَأَحْمَدُ وَالمُقَفّي وَالْحَاشِرُ وَنَبِيّ التَّوْبَةِ وَنَبِيّ الْمَلْحَمَةِ) وَيُرْوَى الْمَرْحَمَة وَالرَّاحَة وَكُلّ صَحِيحٌ إنْ شَاءَ اللَّه وَمَعْنَي الْمُقَفّي مَعْنَي الْعَاقِبِ وَأَمَّا نَبِيّ الرَّحْمَةِ وَالتَّوْبَةِ وَالْمَرْحَمَة وَالرَّاحَةِ فَقَدْ قَالَ الله تعالى (وأما أَرْسَلْنَاكَ إِلا رَحْمَةً للعالمين) وَكَمَا وَصَفَهُ بِأنَّهُ يُزَكّيهِمْ وَيُعَلّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ويهديهم إلى صِرَاطٍ مُسْتَقِيم وَبِالْمُؤْمِنِينَ رؤف رَحِيمٌ وَقَدْ قَالَ فِي صِفَةِ أُمَّتِهِ إنَّهَا أُمَّةٌ مَرْحُومَةٌ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى فِيهِمْ (وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وتواصر بالمرحمة) أَيْ يَرْحَم بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَبَعثَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَبُّهُ تَعَالَى رَحْمَةً لِأُمَّتِهِ وَرَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ وَرَحِيمًا بِهِمْ وَمُتَرَحّمًا وَمُسْتَغْفِرًا لَهُمْ وَجَعَلَ وأمته أمة مرحومة وَوَصَفَهَا بِالرَّحْمَةِ وَأَمَرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالتَّرَاحُم وَأَثْنى عَلَيْهِ فَقَالَ
إنَّ اللَّه يُحِبُّ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ وَقَالَ الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ أهل السَّمَاءِ وَأَمَّا رِوَايَةُ نَبِيّ الْمَلْحَمَةِ فَإشَارَةٌ إِلَى مَا بُعثَ بِهِ مِنَ الْقِتَالِ وَالسَّيْفِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِيَ صَحِيحَةٌ وَرَوَى حُذَيْفَةَ مِثْلَ حَدِيث أَبِي مُوسَى وَفِيهِ ونبى الرَّحْمَةِ ونَبِيّ التَّوْبَةِ ونَبِيّ الْمَلَاحِم وَرَوَى الْحَرْبِيُّ فِي حَدِيثهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنَّهُ قَالَ أَتَانِي مَلَكٌ فَقَالَ لِي أنْتَ قُثَمٌ أَيْ مَجْتَمِعٌ قَالَ وَالْقَثُومُ الْجَامِعُ لِلْخَيْرِ وَهَذَا اسْمٌ هُوَ فِي أَهْلِ بَيْتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْلُومٌ وَقَدْ جَاءَتْ من أَلْقَابِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسِمَاتِهِ فِي الْقُرْآنِ عِدَّةٌ كَثيِرةٌ سوى مَا ذَكَرْنَاهُ كَالنُّورِ وَالسّرَاجِ الْمُنِيرِ وَالْمُنْذرِ وَالنَّذِيرِ والمُبَشّرِ وَالبَشِير وَالشَّاهِدِ وَالشَّهِيدِ وَالْحَقّ الْمُبِينِ وَخَاتمِ النبيين والرؤف الرَّحِيمِ وَالْأَمِينِ وَقَدمِ الصّدْقِ وَرَحْمَةٍ لِلْعَالَمِينَ وَنِعْمَةِ اللَّه والْعُرْوَةِ الْوُثْقَى والصّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالنَّجْمِ الثَّاقِبِ وَالْكَرِيمِ وَالنَّبِيّ الْأُمّيّ وَدَاعِي اللَّه فِي أَوْصَافٍ كَثِيرَةٍ وَسِمَاتٍ جَلِيلَةٍ وَجَرَى مِنْهَا فِي كُتُبِ اللَّه الْمُتُقَدّمَةِ وَكُتُبِ أَنْبِيَائِهِ وَأَحَادِيثَ رَسُولِهِ وَإِطْلَاقِ الْأُمَّةِ جُمْلةٌ شَافِيةٌ كَتَسْمِيَتِهِ بِالْمُصْطَفَى وَالْمُجْتَبَى وَأَبِي الْقَاسِمِ وَالْحَبِيبِ وَرَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَالشَّفِيعِ الْمُشَفّعِ وَالْمُتَّقِي وَالْمُصْلِحِ وَالظَّاهِرِ وَالْمُهَيْمِنِ وَالصَّادِقِ وَالْمَصْدُوقِ وَالْهَادِي وَسَيّدُ وَلَدِ آدَمَ وَسَيّدُ الْمُرْسَلِينَ وَإمَامُ الْمُتَّقِينَ وَقَائِدُ الْغُرّ الْمُحَجَّلِينَ وَحَبِيبِ اللَّه وَخَلِيل الرَّحْمنِ وَصَاحِبُ الْحَوضِ الْمَوْرُودِ وَالشَّفَاعَةِ وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ وَصَاحِبِ الْوَسِيلَةِ وَالْفَضِيلَةِ وَالدّرَجَةِ الرَّفِيعَةِ وَصَاحِبِ التَّاجِ والْمِعْرَاجِ وَاللّوَاءِ وَالْقَضِيبِ وَرَاكِبِ البُرَاقِ وَالنَّاقَةِ وَالنّجِيبِ وَصَاحِبِ الْحُجَّةِ وَالسُّلْطَانِ وَالْخَاتمِ وَالعلامَةِ والبراهان وَصَاحِبِ الْهِرَاوَةِ وَالنَّعْلَيْنِ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ فِي الْكُتُبِ الْمُتَوَكّلُ وَالْمُخْتَارُ وَمُقِيمُ السُّنَّةِ وَالْمُقَدَّسُ وَرُوحُ الْقُدُسِ وَرُوحُ الْحَقّ وَهُوَ مَعْنَي (البار قليط فِي الْإِنْجِيلِ) وَقَالَ ثعلب البار قليط الَّذِي يُفَرّقَ بَيْنَ الْحَقّ وَالبَاطِلِ وَمِنْ أَسْمَائِهِ فِي الْكُتُبِ السَّالِفَةِ مَاذٌ ماذٌ وَمَعْنَاهُ طَيّبٌ وطيب وجمطايا وَالْخَاتِمُ وَالْحَاتِمُ. حَكَاهُ كَعْبُ الْأَحْبَارِ وَقَالَ ثَعْلَبٌ فَالْخَاتِمُ الَّذِي خَتَمَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْحَاتِمُ أَحْسَنُ الْأَنْبِيَاءِ خَلْقًا وخُلقًا. وَيُسَمَّى بِالسُّرْيانِيَّةِ مشقح والمنحمنا وَاسْمُهُ أيْضًا فِي التَّوْرَاةِ أُحِيدُ رَوَى ذَلِكَ عَنِ ابن سيرين وَمَعْنَي صَاحِبِ الْقَضِيبِ أَي السَّيْفِ وَقَعَ ذَلِكَ مُفَسَّرًا فِي الْإِنْجِيلِ قَالَ مَعَهُ قَضِيبٌ من حَدِيدٍ يُقَاتِلُ بِهِ وَأمَّتَهُ كَذَلِكَ وَقَدْ يُحْمَلُ عَلَى أنَّهُ الْقَضِيبُ الْمَمْشُوقُ الَّذِي كَانَ يُمْسِكُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ الآنَ عِنْدَ الْخُلَفَاءِ وَأَمَّا الْهِرَاوَةُ التي وُصِفَ بِهَا فَهيِ فِي اللُّغَةِ الْعَصَا وَأُرَاهَا والله أَعْلَمُ الْعَصَا الْمَذْكُورَةَ فِي حَدِيث الْحَوْضِ أَذُودُ النَّاسَ عَنْهُ بِعَصَاي لِأَهْلِ الْيَمَنِ * وَأَمَّا التَّاجُ فَالْمُرَادُ بِهِ الْعِمَامَةُ وَلَمْ تَكُنْ حِينَئذٍ إلَّا لِلْعَرَبِ وَالْعَمَائِمُ تيجَانُ الْعَرَبِ وأوصفاه وألقابه وسمانه فِي الْكُتُبِ كَثِيرَةٌ وَفِيمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْهَا مُقْنَعٌ إنْ شَاءَ اللَّه وَكانَت كُنيتُهُ الْمَشْهُورَةُ أَبَا الْقَاسِمِ * وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ أنَّهُ لَمّا وُلِدِ له إبْرَاهِيمُ جَاءَهُ جِبْرِيلُ فَقَالَ لَهُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبا إبْرَاهِيمَ.
فصل فِي تشريف اللَّه تَعَالَى بِمَا سَمَّاهُ بِهِ من أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَوَصَفَهُ بِهِ من صِفَاتِهِ الْعُلَى قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْفَضْلِ وَفَّقَهُ اللَّه تَعَالَى مَا أَحْرَى هَذَا الْفَصْلَ بِفُصول الْبَابِ الأَوَّلِ لانْخِرَاطِهِ فِي سلك مضمونها وامتراجه بِعَذْبِ مَعِينِهَا لَكِنْ لَمْ يَشْرَحِ اللَّه الصَّدْرِ لِلْهِدَايَة إِلَى اسْتِنْبَاطِهِ وَلَا أَنَارَ الْفِكْرَ لاسْتِخْرَاجِ جَوْهَرِهِ وَالْتِقَاطِهِ إلَّا عِنْدَ الْخَوْضِ فِي الْفَصْلِ الَّذِي قَبْلَهُ فَرَأيْنَا أَنَّ نُضِيفَهُ إلَيْهِ وَنَجْمَعَ بِهِ شَمْلَهُ فَاعْلمْ أَنَّ اللَّه تَعَالَى خَصَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَنْبِيَاءِ بِكَرَامَةٍ خَلَعَهَا عَلَيْهِم من أسمائه كتسمية إسحق وَإِسْمَاعِيل بِعَلِيم وَحَلِيم وإِبْرَاهِيم بِحَلِيمٍ، وَنُوحٍ بِشَكُورٍ، وَعِيسَى ويَحْيَى بِبَرّ وَمُوسَى بِكَرِيمٍ وَقَوِيّ وَيُوسُفَ بِحَفِيظٍ عَلِيمٍ وَأَيُّوبَ بِصَابِرٍ وَإِسْمَاعِيل بِصَادِقِ الْوَعْدِ كَمَا نَطَقَ بِذَلِكَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ من مَوَاضِعِ ذِكْرِهِمْ وَفَضَّلَ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ حَلَّاهُ مِنْهَا فِي كِتابِهِ الْعَزِيزِ وعلى أَلْسِنَةِ أَنْبِيَائِهِ بِعِدَّةٍ كَثِيرَةٍ اجْتَمعَ لَنَا مِنْهَا جُمْلَةٌ بَعْدَ إعْمَالِ الْفِكْرِ وَإحْضَارِ الذّكْرِ إِذْ لَمْ نَجِدْ من جَمَعَ مِنْهَا فَوْقَ اسْمَيْنِ وَلَا من تَفَرَّغَ فِيهَا لِتَأْلِيفِ فَصْلَيْنِ وَحَرَّرْنَا مِنْهَا فِي هَذَا الْفَصلِ نَحْو ثَلَاثِينَ اسْمًا وَلَعَلَّ اللَّه تَعَالَى كَمَا أَلْهَمَ إِلَى مَا عَلَّمَ مِنْهَا وَحَقَّقَهُ يُتِمُّ النّعْمَةِ بِإِبَانَةِ مَا لَمْ يُظهرهُ لَنَا الآنَ وَيَفْتَح غلقه. فَمن أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحَمِيدُ وَمَعْنَاهُ الْمَحْمُودُ لِأَنَّهُ حمد نفسه وَحَمِدَهُ عِبَادُهُ وَيَكُونُ أيْضًا بِمَعْنَي الْحَامِدِ لِنَفْسِهِ وَلِأَعْمَالِ الطَّاعَاتِ وَسَمَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحَمَّدًا وَأَحْمَدَ فَمُحَمَّدٌ بِمَعْنَي مَحْمُودٍ وكذا وَقَعَ اسْمُهُ فِي زُبُرِ دَاوُد وأحمدُ بِمَعْنَي أَكبَرُ من حَمِدَ وَأَجِلُّ من حُمِدَ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نَحْوِ هَذَا حسان بقوله: (قوله وموسى بكريم) في سورة الدخان (وقد جاءهم رسول كريم) (قوله بأن حلاه) بفتح الحاء المهملة وتشديد اللام (قوله غلقة) بفتح الغين المعجمة واللام ما ينغلق به (قوله حسان) هو ابن ثابت الأنصاري عاش هو والثلاثة فوقه من آبائه كل وَشَقَّ لَهُ مِنَ اسْمِهِ لِيُجِلَّهُ * فَذُو الْعَرْشِ مَحْمُودٌ وَهَذَا مُحَمَّدُ وَمِنْ أَسْمَائِهِ تعالى الرؤف الرَّحِيمُ وَهُمَا بِمَعْنَي مُتَقَارِبٍ وَسَمَّاهُ فِي كِتَابِهِ بِذَلِكَ فَقَالَ (بالمؤمنين رؤف رحيم) وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْحَقّ الْمُبِينُ وَمَعْنَي الْحَقّ الْمَوْجُودُ وَالْمُتَحَقّقُ أَمْرُهُ وَكَذَلِكَ الْمُبِينُ أَي الْبَيّنُ أَمْرُهُ وَإِلهِيَّتُهُ بَانَ وَأَبَانَ بِمَعْنَي وَاحِدٍ وَيَكُونُ بِمَعْنَي الْمُبَيّنِ لِعِبَادِهِ أَمْرَ دِينْهِمْ وَمَعَادهِمْ وَسَمَّى النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ فِي كِتابِهِ فَقَالَ (حَتَّى جَاءَهُمُ الْحَقُّ وَرَسُولٌ مُبِينٌ) .
وَقَالَ (وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) وقال (قد جاءكم الحق من ربكم) وَقَالَ (فَقَدْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ) قِيلَ محمد وَقِيلَ الْقُرْآنِ وَمَعْنَاهُ هُنَا ضِدُّ الْبَاطِلِ وَالْمُتَحَقَّقُ صِدْقُهُ وَأَمْرُهُ وَهُوَ بِمَعْنَى الأَوَّلِ وَالْمُبَيِّنُ الْبَيِّنُ أمْرُهُ وَرِسَالَتُهُ أَوِ الْمُبَيِّنُ عَنِ اللَّه تَعَالَى مَا بَعَثَهُ بِهِ كَمَا قَالَ تَعَالَى (لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نزل إليهم). وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى النُّورُ وَمَعْنَاهُ ذُو النُّورِ أَيْ خالِقُهُ أَوْ مُنوّرُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ بِالْأَنْوَارِ وَمُنَوّرُ قُلُوبَ الْمُؤْمِنينَ بِالْهِدَايَةِ وَسَمَّاهُ نُورًا فَقَالَ (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ) قِيلَ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ الْقُرْآنُ وَقَالَ فِيهِ (وَسِرَاجًا منيرا) سُمّيَ بِذَلِكَ لِوُضُوحِ أمره وَبَيَانِ نُبوَّتِهِ وَتَنْوِيرِ قُلُوبِ المؤمنين والعارفين بما جاء به * وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الشَّهِيدُ وَمَعْنَاهُ الْعَالِمُ وَقِيلَ الشَّاهِدُ عَلَى عِبَادِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَسَمَّاهُ شَهِيدًا وَشَاهِدًا فَقَالَ (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا) وَقَالَ (وَيَكُونَ الرَّسُولُ عليكم شهيدا) وَهُوَ بِمَعْنَي الأَوَّلِ * وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْكَرِيمُ وَمَعْنَاهُ الْكَثِيرُ الْخَيْرِ وَقِيلَ الْمُفْضِلُ وَقِيلَ الْعَفُوُّ قيل الْعَلِيُّ وَفِي الْحَدِيثِ الْمَرْوِيّ فِي أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْأَكْرَمُ وَسَمَّاهُ تَعَالَى كَرِيمًا بِقَوْلِهِ (إِنَّهُ لَقَوْلُ رسول كريم) قِيلَ مُحَمَّدٌ وَقِيلَ جِبْرِيلُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَا أَكْرَمُ وَلَدِ آدَمَ) وَمَعانِي الاسْمِ صَحِيحَةٌ فِي حَقّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ * وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْعَظيمُ وَمَعْنَاهُ الجليل الشأن الذي كل شئ دونه وقال في النبي صلى اللَّه عليه وسلم (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ووقع في أول سفر من التوراة عن إسماعيل وسيلد عظيما لأمة عظيمة فهو عظيم وعلى خلق عظيم) ومن أسمائه تعالى الجبار ومعناه الْمُصْلِحُ وَقِيلَ الْقَاهِرُ وَقِيلَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ الشَّأْنِ وَقِيلَ الْمُتَكَبّرُ وَسُمّيَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي كِتَابِ دَاوُد بِجبَّارٍ فَقَالَ: تَقَلَّدْ أيُّهَا الْجَبَّارُ سَيْفَكَ فَإِنَّ نَامُوسَكَ وَشَرائِعكَ مَقْرُونَةٌ بِهَيْبَةِ يَمِينِكَ وَمَعْنَاهُ فِي حَقّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِمَّا لِإصْلاحِهِ الْأُمَّةَ بِالْهِدَايَة والتَّعْلِيم أَوْ لِقَهْرِهِ أَعْدَاءهُ أَوْ لِعُلُوّ مَنْزِلِتِهِ عَلَى الْبَشَرِ وَعَظيمِ خَطَرِهِ وَنَفَى عَنْهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ جَبْرِيَّةَ التَّكَبُّرِ التي لَا تَلِيقُ بِهِ فَقَالَ (وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بجبار) ومن أسمائه تعالى الْخَبِيرُ وَمَعْنَاهُ الْمُطَّلِعُ يكنه الشئ الْعَالِمُ بِحَقِيقَتِهِ وَقِيلَ مَعْنَاهُ الْمُخْبِرُ وَقَالَ اللَّه تَعَالَى (الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا) قَالَ الْقَاضِي بَكْرُ بن العلاء المأمور بِالسُّؤَالِ غَيْرُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ والمسؤول الْخَبِيرُ هُوَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَالَ غَيْرُهُ بَلِ السَّائِلُ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم والمسؤول هُوَ اللَّه تَعَالَى فَالنَّبِيّ خَبِيرٌ بِالْوَجْهَيْنِ الْمَذْكُوريْنِ قِيلَ لِأَنَّهُ عَالِمٌ عَلَى غَايَةٍ مِنَ الْعِلْمِ بِمَا أَعْلَمَهُ اللَّه من مَكْنُونِ عِلْمِهِ وَعَظِيمِ مَعْرِفَتِهِ مُخْبِرٌ لِأُمَّتِهِ بِمَا أُذِنَ لَهُ فِي إِعْلامِهِمْ بِهِ وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْفَتَّاحُ وَمَعْنَاهُ الْحَاكِمُ بَيْنَ عِبَادِهِ أَوْ فَاتِحُ أَبْوَابِ الرّزْقِ وَالرَّحْمَةِ وَالْمُنْغَلِقِ من أُمُورِهِمْ عَلَيْهِمْ أَوْ يَفْتَحُ قُلُوبَهُمْ وَبَصَائِرَهُمْ بِمَعْرِفَةِ الْحَقّ وَيَكُونُ أيْضًا بِمَعْنَي النَّاصِرِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ الفتح) أَيْ إِنْ تَسْتَنْصِرُوا فَقَدْ جَاءَكُمُ النَّصْرُ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مُبْتَدِئٌ الْفَتْحِ وَالنَّصْرِ وَسَمَّى اللَّه تَعَالَى نَبِيَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَاتِحِ في حديث الإسراء الطويل من رِوَايَةِ الرَّبِيعِ بن أَنَسٍ عَنْ أَبِي العالية وَغَيْرِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وفيه من قوله اللَّه تَعَالَى وَجَعَلْتُكَ فَاتِحًا وَخَاتِمًا وَفِيهِ من قول النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ثَنَائِهِ عَلَى رَبِّهُ وَتَعْدِيدِ مَراتِبهِ: وَرَفَعَ لِي ذكري وجعلني فاتحا وَخَاتمًا، فَيَكُونُ الْفَاتِحَ هنا بمعنى الحاكم أو الفاتح لأبواب الرحمة على أمته والفاتح لِبَصَائِرِهِمْ بِمَعْرفَةِ الْحَقّ وَالْإِيمَان بِالله أَوِ النَّاصِرَ لِلْحَقّ أَوِ المبتدى بهداية الْأُمَّةِ أَوِ الْمُبَدَّي الْمُقَدَّم فِي الْأَنْبِيَاء وَالْخَاتِم لَهُمْ كَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (كُنْتُ أول الأنبياء في الخلق وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعثِ.
وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثَ الشَّكُورُ ومعناه المشيب عَلَى الْعَملِ الْقَلِيلِ وَقِيلَ الْمُثْنِي عَلَى الْمُطِيعِينَ وَوَصَفَ بِذَلِكَ نَبِيَّهُ نُوحًا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَقَالَ (إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا) وَقَدْ وَصَفَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَفْسَهُ بِذَلِكَ فَقَالَ أَفَلَا أَكُونُ عَبْدًا شَكُورًا أَيْ مُعْتَرِفًا بِنَعَمِ رَبّي عَارِفًا بِقَدْرِ ذَلِكَ مُثنيًا عَلَيْهِ مُجْهِدًا نَفْسِي فِي الزّيَادَةِ من ذَلِكَ لِقَوْلِهِ (لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ) . وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْعَلِيمُ وَالْعَلَّامُ وَعَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ. وَوَصَفَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْعِلْمِ وَخصَّهُ بِمَزِيَّةٍ مِنْهُ فَقَالَ (وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عظيما) وَقَالَ (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَمَعْنَاهُمَا السَّابِقُ لِلأَشْيَاءِ قَبْلَ وُجُودِهَا وَالْبَاقِي بَعْدَ فَنَائِهَا وَتَحْقِيقُهُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَوَّلٌ وَلَا آخِرٌ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُنْتُ أَوَّلَ الْأَنْبِيَاءِ فِي الْخَلْقِ وَآخِرَهُمْ فِي الْبَعْثِ وَفَسَّرَ بِهَذَا قَوْلَهُ تَعَالَى (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ) فَقَدَّمَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ أَشَارَ إِلَى نحو منه عمر بن الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ وَمِنْهُ قَوْلُهُ (نَحْنُ الآخرُونَ السَّابقُون) وَقَوْلُهُ (أَنَا أَوَّلُ من تَنْشَقُّ الْأَرْضُ عَنْهُ وَأَوَّلُ من يَدْخُلُ الجنة أول شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعِ، وَهُوَ خَاتَمُ النَّبِيّينَ وَآخِرُ الرُّسُلِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْقَوِيُّ وَذُو الْقُوَّةِ المَتِينُ وَمَعْنَاهُ الْقَادِرُ وَقَدْ وَصَفَهُ اللَّه تَعَالَى بِذَلِكَ فَقَالَ (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مكين) قِيلَ مُحَمَّد وَقِيلَ جِبْرِيلُ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الصَّادِقُ فِي الْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ وَوَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أيْضًا اسْمُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالصَّادِقِ الْمَصْدُوقِ * وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْوَلِيُّ وَالْمَوْلى وَمَعْنَاهُمَا النَّاصِرُ وَقَدْ قَالَ اللَّه تَعَالَى (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ ورسوله) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَا وليُّ كُلّ مُؤْمِنٍ) وَقَالَ اللَّه تَعَالَى (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ) وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (من كُنْتُ مَوْلاهُ، فَعَلِيٌّ مَوْلاهُ، وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْعَفُوُّ وَمَعْنَاهُ الصَّفُوحُ وَقَدْ وَصَفَ اللَّه تعالى بَهَذَا نَبِيَّهُ فِي الْقُرْآنِ وَالتَّوْرَاةِ وَأَمَرَهُ بِالْعَفْوِ فَقَالَ (خُذِ الْعَفْوَ) وَقَالَ (فَاعْفُ عَنْهُمْ واصفح) وَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ وَقَدْ سَأَلَهُ عَنْ قَوْلِهِ (خُذِ الْعَفْوَ) قال أن تعفوا عَمَّنْ ظَلَمَكَ وَقَالَ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ فِي الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ فِي صِفَتِهِ: لَيْسَ بِفَظّ وَلَا غَلِيظٍ وَلَكِنْ يَعْفُو وَيَصْفَحُ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الهادى وهو معنى تَوْفِيق اللَّه لِمَنْ أرَادَ من عِبَادِهِ وَبِمَعْنَي الدّلالَةِ وَالدُّعَاءِ قال الله تعالى (والله يدعوا إِلَى دَارِ السَّلامِ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صراط مستقيم) وَأصْلُ الجَمِيع مِنَ الميل وقيل من التقديم وَقِيلَ فِي تَفسير طه إنَّهُ يَا طَاهِرُ يَا هادي يَعْني النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم وقال تَعَالَى لَهُ (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وَقَالَ فِيهِ (وَدَاعِيًا إلى الله بإذنه) فَالله تَعَالَى مُخْتَصّ بِالْمَعْنَى الأَوَّلِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) وبِمَعْنَي الدِّلالَةِ يُطْلِقُ عَلَى غَيْرِهِ تَعَالَى وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ قِيلَ هُمَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ فَمَعْنَى الْمُؤْمِنِ فِي حَقِّهِ تَعَالَى الْمُصَدِّقُ وَعْدَهُ عِبَادَهُ وَالْمُصَدِّقُ قَوْلُهُ الْحَقَّ وَالْمُصَدِّقُ لِعبَادِهِ الْمُؤْمِنينَ وَرُسُلِهِ وَقِيلَ الْمُوَحِّدُ نَفْسَهُ وَقِيلَ الْمُؤْمِنُ عِبَادَهُ فِي الدُّنْيَا من ظُلْمِهِ وَالْمُؤْمِنينَ فِي الآخِرَةِ من عَذَابِهِ وَقِيلَ الْمُهَيْمِنُ بِمَعْنَي الأَمِينِ مُصَغَّرٌ مِنْهُ فَقُلِبَتِ الْهَمْزَةُ هَاءً وَقَدْ قِيلَ إِنَّ قَوْلَهُمْ فِي الدُّعَاءِ آمِينَ إِنَّهُ اسْمٌ من أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَعْنَاهُ مَعْنَى الْمُؤْمِنِ وَقِيلَ الْمُهَيْمِنُ بِمَعْنَى الشَّاهِدِ وَالْحَافِظِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمِينٌ وَمُهَيْمِنٌ وَمُؤْمِنٌ وَقَدْ سَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى أَمِينًا فَقَالَ (مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) وَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعْرَفُ بِالْأَمِينِ وَشُهِرَ بِهِ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا وَسَمَّاهُ الْعَبَّاسُ فِي شِعْرِهِ مُهَيْمنًا فِي قَوْلِهِ. ثُمَّ احْتَوَى بَيْتُكَ الْمُهَيْمِنُ من * خِنْدِفَ عَلْيَاءَ تَحْتَهَا النُّطُقُ قِيلَ الْمُرَاد يَا أيُّهَا الْمُهَيْمِنُ، قَالَهُ الْقُتَيْبِيُّ وَالْإِمَامُ أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ وَقَالَ تَعَالَى (يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ) أَيْ يُصَدِّقُ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أَنَا أَمَنَةٌ لِأصْحَابِي) فَهَذَا بِمَعْنَي الْمُؤْمِنِ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْقُدُّوسُ وَمَعْنَاهُ الْمُنَزَّهُ عَنِ النَّقَائِصِ الْمُطَهَّرُ عَنْ سِمَاتِ الْحَدَثِ وَسُمِّيَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لِأَنَّهُ يُتَطَهَّرُ فِيهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَمِنْهُ الْوَادِي الْمَقَدَّسِ وَرُوحُ الْقُدُسِ وَوَقَعَ فِي كُتُبِ الْأَنْبِيَاءِ فِي أَسْمَائِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَقْدِسُ أي الْمُطَهَّرُ مِنَ الذُّنُوبِ كما قال تَعَالَى (لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ) أَوِ الَّذِي يُتَطَهَّرُ بِهِ مِنَ الذُّنُوبِ وَيُتَنَزَّهُ بِاتَّبَاعِهِ عَنْهَا كما قال تعالى (ويزكيهم) وقال (ويخرجهم مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النور) أَوْ يكون مُقَدَّسًا بِمَعْنَي مُطَهّرًا مِنَ الْأَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ وَالْأَوْصَافِ الدَّنِيئَةِ. وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى الْعَزِيزُ وَمَعْنَاهُ الْمُمْتَنِعُ الْغَالِبُ أَو الَّذِي لَا نَظِيرَ لَهُ أَو الْمُعِزُّ لِغَيْرِهِ وَقَالَ تَعَالَى (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ) أَي الامْتِنَاعُ وَجَلالَةُ الْقَدْرِ وَقَدْ وَصَفَ اللَّه تَعَالَى نَفْسَهُ بِالْبِشَارَةِ وَالنّذَارَةِ فَقَالَ (يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ منه ورضوان) وقال (أن الله يبشرك بيحيى * وبكلمة منه) وَسَمَّاهُ اللَّهُ تَعَالَى مُبَشَّرًا وَنَذِيرًا وَبشِيرًا أَيْ مُبَشَّرًا لِأَهْلِ طَاعَتِهِ وَنَذِيرًا لِأَهْلِ مَعْصِيتَهِ وَمِنْ أَسْمَائِهِ تَعَالَى فِيمَا ذَكَرَهُ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ طه ويس وَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَيْضًا أَنَّهُمَا من أسْمَاءِ مُحَمَّد صلى الله تعالى عَلَيْهِ وعلى آلِهِ وَسَلَّمَ وَشَرَّفَ وَكَرَّمَ.
(فصل) قال القاضي أبو الفضل وفقه الله تَعَالَى وَهَا أَنَا أَذْكُرُ نُكْتَةً أُذَيِّلُ بِهَا هَذَا الْفَصْلِ وَأَخْتِمُ بِهَا هَذَا الْقِسْمَ وَأُزِيحُ الْإِشْكَالَ بها فِيمَا تَقَدَّمَ عَنْ كُلِّ ضَعِيفِ الْوَهْمِ سَقِيمِ الْفَهْمِ تخلصه من مَهَاوِي التَّشْبِيهِ وَتُزَحزحُهُ عَنْ شُبَهِ التَّمْويهِ وَهُوَ أنْ يَعْتَقِدَ أَنَّ اللَّه تَعَالَى جَلَّ اسْمُهُ فِي عَظَمَتِهِ وَكِبْرِيَائِهِ وَمَلَكُوتِهِ وَحُسْنَى أَسْمَائِهِ وَعَلَيّ صِفَاتِهِ لَا يُشْبِهُ شَيْئًا من مَخْلُوقَاتِهِ وَلَا يُشَبَّهُ بِهِ وَأنَّ مَا جَاءَ مِمَّا أَطْلَقَهُ الشَّرْعُ عَلَى الْخَالِقِ وَعَلَى الْمَخْلُوقِ فَلَا تَشَابُهَ بَيْنَهُمَا فِي المَعْنَي الْحَقِيقِيّ: إِذْ صِفَاتُ الْقَدِيم بِخِلافِ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِ فَكَمِا أَنَّ ذَاتَهُ تَعَالَى لَا تُشْبِهُ الذَّواتِ كَذَلِكَ صِفَاتُهُ لَا تُشْبِهُ صِفَاتِ الْمَخْلُوقِينَ إِذْ صِفَاتُهُمْ لَا تَنْفَكُّ عَنِ الْأعْرَاض والأغراض وَهُوَ تَعَالَى مُنزَّه عَنْ ذَلِكَ بَلْ لَمْ يَزَلْ بِصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ وَكَفَى فِي هَذَا قَوْلُهُ (ليس كمثله شئ) ولله دَرُّ من قَالَ مِنَ الْعُلَمَاء وَالْعَارفِينَ المحققين: التَّوْحِيدُ إثْبَاتُ ذَاتٍ غَيْرِ مُشْبهةٍ لِلذَّواتِ وَلَا مُعَطَّلَة عَنِ الصّفَاتِ، وَزَادَ هَذِهِ النُّكْتَةَ الوَاسِطيُّ رَحِمَهُ اللَّه بَيَانًا وَهِيَ مَقْصُودُنا فَقَالَ لَيْسَ كَذَاتِهِ ذَاتٌ وَلَا كَاسْمِهِ اسمٌ ولا كفعله فعل وَلَا كَصِفَتِهِ صِفَةٌ إلا من جهَةِ مُوافَقَةِ اللفظ اللَّفْظِ وَجَلَّتِ الذَّاتُ الْقَدِيمَةُ أنْ تَكُونَ لَهَا صِفَةٌ حَدِيثَةٌ كَمَا اسْتَحَالَ أنْ تَكُونَ لِلذّاتِ الْمُحْدثَةِ صِفَةٌ قَديمَةٌ وَهَذَا كلُّهُ مَذْهَبُ أَهْلُ الْحَقّ والسُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ رَضِيَ اللَّه عَنْهُمْ وَقَدْ فَسَّرَ الْإِمَام أَبُو الْقَاسِمِ الْقُشَيْرِيُّ رَحِمَهُ اللَّه قَوْلَهُ هَذَا لِيَزِيدَهُ بَيَانًا فَقَالَ: هَذِهِ الْحِكَايَةُ تَشْتَمِلُ عَلَى جَوامِعِ مَسَائِلِ التَّوْحِيدِ وَكَيْفَ تُشْبِهُ ذاتُهُ ذَاتَ الْمُحْدَثَاتِ وَهِيَ بِوُجُودِهَا مُسْتَغْنِيةٌ وكِيف يُشْبِهُ فِعْلُهُ فِعْلَ الْخَلْقِ وَهُوَ لِغَيْرِ جَلْبِ أُنْسٍ أَوْ دَفْعِ نَقْصٍ حَصَلَ وَلَا بِخَوَاطِر وَأَغْرَاضٍ وُجِدَ وَلَا بِمُبَاشرَةٍ وَمُعَالَجَةٍ ظَهَرَ وَفِعْلُ الْخَلْقِ لَا يَخُرُجُ عَنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ، وَقَالَ آخرُ من مَشَايِخنَا: مَا تَوَهَّمْتُمُوهُ بِأَوْهَامِكِمْ أَوْ أَدْرَكْتُمُوهُ بِعُقُولِكِمْ فَهُوَ مُحْدَثٌ مِثْلُكُمْ، وَقَالَ الْإِمَام أَبُو الْمَعَالِي: الْجُوَيْنيُّ: مَنِ اطْمَأَنَّ إِلَى مَوْجُودٍ انتَهَى إِليْهِ فِكْرُهُ فَهُوَ مُشَبّهٌ وَمن اطْمأَنَّ إِلَى النَّفْي الْمَحْضِ فَهُوَ مُعطّلٌ وَإنْ قَطَعَ بِمَوْجُودٍ اعْتَرَفَ بِالْعَجْزِ عَنْ دَرْكِ حَقِيقَتِهِ فَهُوَ مَوحَّدٌ، وَمَا أَحْسَنَ قَوْلَ ذي النُّونِ الْمِصْرِيّ: حَقِيقَةُ التَّوْحِيدِ أنْ تَعْلَم أَنَّ قَدْرَةَ اللَّه تَعَالَى فِي الأشْيَاءِ بِلَا عِلَاجٍ وَصُنْعُهُ لَهَا بِلَا مِزَاجٍ وَعِلَّةُ كل شئ صُنْعُهُ وَلَا عِلَّةَ لِصُنْعِهِ وَمَا تُصُوِّرَ فِي وَهْمِكَ فالله بِخِلافِهِ، وَهَذَا كَلَامٌ عَجِيبٌ نَفِيسٌ مُحَقَّقٌ الفصل الآخَرُ تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ (ليس كمثله شئ) وَالثَّانِي تَفْسِيرٌ لِقَوْلِهِ (لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ) وَالثَّالِثُ تفسير لِقَوْلِهِ (إنما قولنا لشئ إذا أردناه أَنْ نَقُولَ لَهُ كن فيكون) ثَبَّتَنَا اللَّه وَإيَّاكَ عَلَى التَّوْحِيدِ والإثبات وَالتَّنْزِيهِ وَجَنَّبَنا طَرَفي الضَّلالَةِ وَالْغَوَايَةِ مِن التَّعْطِيلِ وَالتَّشْبِيهِ بمنه وَرَحْمِتِهِ
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website