بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
ملخص
- القرآن محفوظ عن التغيير والتبديل والتحريف.
- لا توجد أمة تضاهي أمة محمد عليه الصلاة والسلام في الاعتناء بكتاب مثل اعتناء المسلمين بالقرآن.
عمل النبي صلى الله عليه وسلم
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يحض الصحابة على تعلم القرآن وتعليمه
- كان لديه ما يزيد عن 40 كاتبًا يكتبون الوحي من الذكر الحكيم وكان الصحابة يكتبونه ويسارعون إلى حفظه ومن هؤلاء زيد بن ثابت الذي عينه النبي صلى الله عليه وسلم لهذا العمل
- كان القرآن كله مكتوبًا في رقاع وأكتاف وعسب ونحوها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وكانت تللك القطع مكتوبة بمحضره عليه السلام يحرسها الصحابة في بيوتهم
- تحت رعاية النبي صلى الله عليه وسلم كانت الصفة مدرسة لتحفيظ القرآن وتدريس أحكامه
- كانت المدينة دارًا للقراء ينزلها الوافدون من أهل القراءة منذ عهد مصعب بن عمير رضى الله عنه
- أمر النبي صلى الله عليه وسلم أفذاذًا من قراء الصحابة أن يقوموا بتعليم القرآن لجمهور المسلمين وأمر المسلمين بتعلم القرأن حتى امتلأت المدينة المنورة بالقراء
- كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث الجماعات من القراء إلى الجهات التي أسلم أهلها لتعليمهم القرآن وتفقيهه في الدين وعدد هؤلاء في غاية الكثرة ذكرت اسماؤهم في كتب السير والكتب المؤلفة في الصحابة
- استشهد في بئر معونة فقط نحو سبعين قارئًا غدرًا واستاء منه النبي صلى الله عليه وسلم غاية الاستياء واستمر يقنت شهرًا على رِعل وذكوان وعُصية بسبب غدرهم بهؤلاء القراء.
عمل الصحابة رضى الله عنهم
- نزل القرآن نجومًا مما سهل على الصحابة حفظه
- وكان الصحابة قد اعتادوا أن يحفظوا الاشعار والامثال والمواعظ والخطب والشواهد وأتاهم الله قوة الذاكرة وسرعة الحفظ ولهم التفوق البالغ في ذلك
- أخذ القرآن بمجامع قلوبهم وبهر بصائرهم ببلاغته البالغة ومعانيه العالية فانكبوا على قراءته وحفظه وتعلمه وتعليمه
- كانوا قد استظهروا ما في القطع المكتوبة بمحضر النبي عليه السلام بل للقرآن كله وحفظه منهم من لا يحصيهم العد ففي عهده صلى الله عليه وسلم
- كانوا يعلمون آيات القرآن آيات آيات فوزعوا القرآن على جماعات تكثيرًا لعدد حفاظ القرآن فمنهم من يحفظ القرآن كله ومنهم من يحفظ سورًا يشاركه في حفظها آخرون
- كان من بينهم من يؤم القوم في الصلوات الجهرية لا سيما الفجر بقراءة السبع الطوال فكانوا ينتبهون إلى السهو إذا ما سها التالي وذلك من كثرة تلاوتهم للقرآن وتوالي استماعه إليه
- كان بينهم من يختم القرآن في ركعة واحدة كما فعل عثمان وتميم الداري
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ ۖ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ ﴿فصلت: ٤١-٤٢﴾
عرض القرآن بين رسول الله وجبريل عليهما السلام
- صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يعارض القرآن على جبريل مرة في كل سنة في شهر رمضان وفي عام وفاته كانت المعارضة بينهما مرتين في شهر رمضان بينهما. والمعارضة تكون بقراءة هذا مرة واستماع ذاك ثم قراءة ذاك واستماع هذا فتكون القراءة بينهما في كل سنة مرتين وفي سنة وفاته عليه السلام أربع مرات.
- وجمع النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة وعرض عليهم القرآن آخر عرضة قبل وفاته.
- والقراءات الواردة في العرضة الأخيرة هي أبعاض القرآن المتواترة في كل الطبقات ويكفر جاحد حرف منها لما تواترت هذه القراءات منذ آخر عرضة عرض فيها القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان من عمره الكريم وهي أبعاض القرآن المروية بواسطة الأئمة السبعة بل العشرة تواترًا. فيكون إنكار شىء من تلك القراءات في غاية الخطورة. وهذه محفوظة مدى الدهر.
- وصارت العشر متواترة سرد اسماء رواتها ابن الجزري طبقة بعد طبقة في كتابه منجد المقرئين بحيث يجلو لكل ناظر أمر تواتر القراءات العشر في كل الطبقات فضلًا عن السبع.
- وترتيب السور والآيات في المصحف المتواتر ليس على ترتيب النزول بل هذا الترتيب المتواتر هو الترتيب المتلقى من النبي صلوات الله عليه في العرض الأخير. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرشد الأمة كلما نزلت آية إلى موضعها بين الآيات في السور كما كان يرشدهم إلى ترتيب السور على ما في الحديث الصحيح عن تجزئة القرآن. فترتيب السور والآيات في السور توفيقي.
جمع القرآن في عهد ابي بكر رضى الله عنه
- لم يمكن جمع السور وآياتها كلها في مصحف واحد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لقصر المدة بين زمن نزول آخر ما نزل من القرآن وانتقال النبي عليه السلام إلى حياته في قبره ولم يمكن الجمع في مصحف متصورًا في عهد استمرار النزول
- واستشهاد جماعة كبيرة من قراء الصحابة في اليمامة هو الباعث على اقتراح عمر رضى الله عنه جمع القرآن في صحف. وتردد الصديق رضى الله عنه بادىء بدء إنما كان بملاحظة أن ذلك ربما يكون سببًا للتوكل في حفظه والتكاسل في استظهاره لا باعتبار التحرج في كتابته والله تعالى يقول: ﴿رسول من الله يتلو صحفًا مطهرة﴾ (البينة: 2) فأنى يتصور الحرج من كتابة آيات السور في الصحف مع وجود هذه الآية الكريمة.
- وخيف إذا ما تكررت مثل هذه الحادثة قبل جمع الآيات في الصحف بالنقل من القطع التي جمعت ايام النبي صلى الله عليه وسلم فإنه يحصل اضطرار إلى الجمع باملاء حفاظ القرآن من الصحابة عن ظهر قلب فينسى الرسم الذي جرى عليه الصحابة بمحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاقترح عمر ما اقترح ووافقه الصديق وسائر الصحابة رضى الله عنهم على ذلك.
- فجمعت آيات كل سورة في صحف خاصة وقراطيس مرتبة الآيات بخط زيد بن ثابت رضى الله عنه تحت اشراف جمهرة القراء من الصحابة.
- وجروا على طريقة الكتابة من عين ما كتب بين يدي الرسول صلى الله عليه وسلم بعد ثبوت بشهادة عدلين أن القطع المكتوبة هي ما كتب بعينه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبمحضر منه عليه السلام ولم يكن المراد بالاشهاد الإشهاد على نفس النظم الكريم أصلاً لأن الصحابة الذين كانوا يحفظونه كانوا في غاية من الكثرة وإنما كان مبالغة في المحافظة على رسم القرآن الكريم المتبع عند كتابته أمام النبي عليه الصلاة والسلام بمحضر الصحابة.
- فكتبت مئات من المصاحف من تلك الصحف البكرية.
جمع القرآن أيام عثمان رضى الله عنه
- ولما اتسع نطاق الفتوحات الإسلامية جدًا وبدأت الأغلاط في التلاوة تذيع في البلاد الشاسعة أجمعت الصحابة في عهد عثمان رضى الله عنه على نسخ مصاحف من صحف ابي بكر وإرسالها إلى أمصار المسلمين تحت اشراف قراء معروفين ليقابل أهل كل قطر مصاحفهم بالمصاحف المكتوبة المرسلة إليهم وليتخذوها أئمة يقتدون بها في التلاوة والكتابة بنبذ ما سوى ذلك من المصاحف التي كتبها أفراد وغلطوا فيها.
- وتولى زيد بن ثابت رضى الله عنه هذا الأمر ولم يأب ذلك أحد من الصحابة وكان من المساعدين له في أمر النسخ أبي بن كعب رضى الله عنه وكان معهما رهط من الصحابة كما كان زيد هو القائم به ايام ابي بكر رضى الله عنهم
- وكان زيد أكثر كتاب الوحي ملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم في كتابة الوحي ولذلك وقع عليه الاختيار في العهدين وعلى شبابه وقوته وجودة خطه وطول ممارسته لمهمة كتابة القرآن فيكون أجدر بذلك واتحاد الرسم واتباع نمط واحد في الرسم في جميع أدوار كتابة القرآن أمر مطلوب جدًا ولابي بكر وعثمان اسوة حسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم في اختياره لكتابة المصحف الكريم
- وقد وافق ابن مسعود رضى الله عنه الجماعة على هذا العمل الحكيم بعد أن أبدى بعض استياء من عدم توليته أمر كتابة القرآن ونسخه وليس له أن يستاء من تولية عثمان زيدًا لما لزيد من فضل وليس أحد من الصحابة ينكر فضل ابن مسعود وسبقه واتساعه في معرفة القرآن وعلومه لكنهم لم يروا وجهًا لاستيائه من هذا الأمر فهو قائم بمهمة عظيمة في الكوفة يفقه أهلها في دين الله ويعلمهم القرآن وابتعاده عنها سنين لم يكن من مصلحة العلم الذي كان زرع بذوره هناك بل كان من المطلوب أن يستمر على تعهد غراسه لتؤتي أكلها بإذن ربه.
- وقد استمر عمل الجماعة في نسخ المصاحف مدة خمس سنين من سنة خمس وعشرين إلى سنة ثلاثين تحت اشراف قراء مشهورين في الإقراء
- وقد شكرت الأمة صنيع عثمان هذا شكرًا عميقًا وفي مقدمتهم عليّ بن أبي طالب كرم الله وجهه بل كان يقول: لو وليت لفعلت في المصاحف الذي فعله عثمان كما روى ذلك أبو عبيد في فضائل القرآن.
- وجمعوا القراءات الموجودة في العرضة الأخيرة وهي أبعاض القرآن جمعوها إما بالخط أو وزعوها على المصاحف.
- وقد احتفظ عثمان بمصحف لأهل المدينة وبمصحف لنفسه غير ما ارسل إلى مكة والشام والكوفة والبصرة.
- وكيفية الرسم في تلك المصاحف مدونة تفصيلاً في كتب خاصة من أول عهد إلى يومنا هذا ككتاب المقنع للداني والمحكم له ايضًا.
- ومئات القراء في كل طبقة يعرفون كيفية إملاء الكلمات في تلك المصاحف من أول يوم غلى يومنا هذا وكتبهم المدونة ي كل طبقة في الرسم ماثلة أمامنا بكثرة بالغة.
- وتاريخ هذه المصاحف مدون ومصحف الكوفة والمدينة والشام نقلوا إلى الاستانة أثناء الحرب العامة. ومصحف عثمان نقل إلى القاهرة. ومصحف المللك الظاهر بيبرس أرسل إلى ملك المغول وهو من المصاحف القديمة المنسوخة في عهد الصحابة وحفظ بسمرقند ثم أخذه الروس ويقال إنه أعيد غلى سمرقند ثم أخذ منه جهلة المسلمين أوراقًا كثيرة فقضوا بذلك على هذا المصحف العظيم القدر.
مساعي الصحابة في الأمصار
- سعى قراء الصحابة المبعوثين إلى الأقطار النائية في تعليم القرآن وتحفيظه فوق كل تقدير. وقد اكتظت كتب التاريخ ي أخبار الصحاية وأنباء الأمصار وتراجم قراء البلادبمساعيهم الحميدة في ذلك كتاريخ دمشق لأبي ذرعة الدمشقي وتاريخ دمشق لابن عساكر وطبقات القراء للذهبي
- ولم يكن عدد المصاحف في البلاد الاسلامية في عهد الصحابة يقل عن 100,000 مصحف بالنظر إلى سعة مساحة البلاد المفتوحة وعناية أهلها بتعليم القرآن الكريم.
- وكان عمر رضي الله عنه يفرض مرتبات من بيت مال المسلمين للذي يستظهرون كتاب الله الكريم إلى أن خشي أن يشتغل الناس بحفظ القرآن ويهملوا أمر التفقه فيه.
- وكان جماعة من كبار الصحابة تفرغوا لتعليم الناس القرآن في المدينة المنورة بأمر النبي صلى الله عليه وسلم حتى امتلأت المدينة المنورة بالقراء.
- وكان لمعاذ بن جبل ثم لابن عباس رضى الله عنهم عناية عظيمة بتعليم القرآن وعلومه لأناس لا يحصيهم العد في مكة المكرمة.
- وكان ممن جمعوا بين التحفيظ والتفقيه ابن مسعود وابن عباس رضى الله عنهم.
- وعلم ابن مسعود القرآن وعلمه لعدد عظيم من أهل الكوفة. ووصل جملة أتباع ابن مسعود من القراء فقط أكثر من 4,000 قارىء هم من خيار التابعين من تلاميذه وتلاميذ تلاميذه كما ذكره بعض ثقات أهل العلم في عدد هؤلاء. وقد تواترت عن ابن مسعود قراءته بطريق أصحابه من أهل الكوفة وقد تلقاها عاصم بن ذر بن حبيش عنه رضى الله عنه وهي التي يرويها أبو بكر بن عياش عن عاصم وتواترها البالغ مما لا يتناطح فيه.
- وكان ابو موسى الاشعري رضى الله عنه في البصرة يقسم تلاميذه حلقة حلقة ويجعل لكل حلقة نقيبًا يشرف عليهم ثم هو يشرف على الجميع تعليمًا وتحفيضًا كل يوم من طلوع الشمس إلى الظهر ي جامع البصرة.
- ويفعل مثل ذلك سواء بسواء ابو الدرداء رضى الله عنه في جامع دمشق كل يوم إلى أن توفي بالشام. يقسم المتعلمين عشرة عشرة ويعين لكل عشرة عريفًا يعلمهم القرآن وهو يشرف على الجميع يراجعونه اذا غلطوا في شىء. وهكذا كان اصحابهم وأصحاب اصحابهم.
- وكان للإمام ابن عامر رضي الله عنه وهو أقدم القراء السبعة طبقة له وحده بدمشق 400 عريف يقومون بتعليم القرآن تحت اشرافه.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website