باب ما جاء أن الميت يحضر الشيطان عند موته وجلساؤه في الدنيا وما يخاف من سوء الخاتمة
روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان الواحد عن يمينه والآخر عن شماله، فالذي عن يمينه على صفة أبيه، يقول له: يا بني إني كنت عليك شفيقاً ولك محباً، ولكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان، والذي على شماله على صفة أمه، تقول له: يا بني إنه كان بطني لك وعاء، وثديي لك سقاء، وفخذي لك وطاء، ولكن مت على دين اليهود وهو خير الأديان» ، ذكره أبو الحسن القابسي في شرح رسالة ابن أبي زيد له، وذكر معناه أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة، وإن عند استقرار النفس في التراقي والارتفاع تعرض عليه الفتن وذلك أن إبليس قد أنفذ أعوانه إلى هذا الإنسان خاصة واستعملهم عليه ووكلهم به، فيأتون المرء وهو على تلك الحال فيتمثلون له في صورة من سلف من الأحباب الميتين الباغين له النصح في دار الدنيا، كالأب والأم والأخ والأخت والصديق الحميم، فيقولون له: أنت تموت يا فلان ونحن قد سبقناك في هذا الشأن فمت يهودياً فهو الدين المقبول عند الله تعالى، فإن انصرم عنهم وأبي، جاءه آخرون وقالوا له: مت نصرانياً فإنه دين المسيح وقد نسخ الله به دين موسى ويذكرون له عقائد كل ملة، فعند ذلك يزيغ الله من يريد زيغه وهو معنى قوله تعالى: {ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة} أي لا تزغ قلوبنا عند الموت وقد هديتنا من قبل هذا زماناً، فإذا أراد الله بعبده هداية وتثبيتاً جاءته الرحمة، وقيل: هو جبريل عليه السلام فيطرد عنه الشياطين ويمسح الشحوب عن وجهه فيبتسم الميت لا محالة، وكثير من يرى متبسماً في هذا المقام فرحاً بالبشير الذي جاءه من الله تعالى فيقول: يا فلان أما تعرفني؟ أنا جبريل وهؤلاء أعداؤك من الشياطين مت على الملة الحنيفية والشريعة الجليلة فما شيء أحب إلى الإنسان وأفرح منه بذلك الملك، وهو قوله تعالى: {وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب} ثم يقبض عند الطعنة على ما يأتي
وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل: حضرت وفاة أبي أحمد، وبيدي الخرقة لأشد لحييه، فكان يغرق ثم يفيق ويقول بيده: لا بعد لا بعد لا بعد لا حتى أموت. قلت: وقد سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول: حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر فقيل له: قل: لا إله إلا الله، فكان يقول: لا لا. فلما أفاق ذكرنا له ذلك فقال: أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي يقول أحدهما: مت يهودياً فإنه خير الأديان، والآخر يقول: مت نصرانياً فإنه خير الأديان فكنت أقول لهما: لا لا إلي تقولان هذا؟ وقد كتبت بيدي في كتاب الترمذي والنسائي عن النبي صلى الله عليه وسلم «إن الشيطان يأتي أحدكم عند موته فيقول: مت يهودياً مت نصرانياً» فكان الجواب لهما لا لكما.
قال السيوطي: قلت: ومثل هذا عن الصالحين كثير يكون الجواب للشيطان لا لمن يلقنه الشهادة، وقد تصفحت كتاب الترمذي أبي عيسى، وسمعت جميعه، فلم أقف على هذا الحديث فيه، فإن كان في بعض النسخ فالله أعلم
وروى ابن المبارك وسفيان عن ليث عن مجاهد قال: ما من ميت إلا تعرض عليه أهل مجالسه الذين كان يجالس، إن كان أهل لهو فأهل لهو، وإن كانوا أهل ذكر فأهل ذكر
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website