للرسول صلى الله عليه وسلم سمات أسلوبية متعددة في حواره نطقاً وأداء، يمكن أن نجملها في سمتين:
الأولى: الفصاحة:
تميز أسلوب الرسول اللغوي بسمة الفصاحة، وهي التي جعلته شديد التميز حين يحادث الناس ويحاورهم. ففصاحة منطوق الرسول يشكلّ جزءا من تحديه للكافرين، بحكم تأثره (صلى الله عليه وسلم) بالإعجاز القرآني في البلاغة والتأليف، وبالبيئة اللغوية المحيطة به، وهي عالية الذائقة، سريعة الفهم والتلقي، ولننظر إلى مستوى الشعر الجاهلي الذي كان نموذجا في النظم الرفيع، فلما جاء القرآن بآياته أعجز العرب، ولما رأى المسلمون بيان الرسول (صلى الله عليه وسلم) وفصاحته تعلقوا بمصاحبته، ورغبوا في الحوار معه في كل زمان ومكان، وقد كانت فصاحته (صلى الله عليه وسلم) وسيلة مضافة للإقناع بأيسر عبارة، وأرقى طرح، وأفصح أسلوب
والفصاحة صفة تجتمع لكلام، ولهيئة النطق بالكلام ولموضوع الكلام..، أما فصاحة محمد صلى الله عليه وسلم فقد تكاملت له في كلامه، وفي هيئة نطقه بكلامه وفي موضوع كلامه ” وهذا يعني أن الفصاحة لا تقتصر على طريقة النطق العربي الفصيح، والرسول نموذج فيها بنطقه السامي للألفاظ العربية، فقد كان محمد (صلى الله عليه وسلم): “أعربي اللسان، فله من اللسان العربي أفصحه بهذه النشأة القرشية البدوية الخالصة وهذه هي فصاحة الكلام، فقد كان جمال فصاحته في نطقه كجمال فصاحته في كلامه، واتفقت الروايات على تنزيه نطقه من عيوب الحروف ومخارجها، وقدرته على إيقاعها في أحسن مواقعها، فهو صاحب كلام سليم في منطق سليم”
كذلك لا تقتصر على اختيار الكلمات العربية الصافية المنبع دون تكلف أو توعر، والرسول هو قدوة البلغاء في الكلمات المنتقاة، بل يضاف إليها المعنى السامي الشريف
يقول الله تعالى: ﴿ وما ينطق عن الهوى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ يَقُول تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمَا يَنْطِق مُحَمَّد بِهَذَا الْقُرْآن عَنْ هَوَاهُ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْي يُوحَى ﴾ يَقُول: مَا هَذَا الْقُرْآن إِلَّا وَحْي مِنَ اللَّه يُوحِيهِ إِلَيْهِ. قَوْله: ﴿ وَمَا يَنْطِق عَنِ الْهَوَى ﴾: أَيْ مَا يَنْطِق عَنْ هَوَاهُ ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْي يُوحَى ﴾ قَالَ: يُوحِي اللَّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى جَبْرَائِيل، وَيُوحِي جِبْرِيل إِلَى مُحَمَّد صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقِيلَ: عَنَى بِقَوْلِهِ: ﴿ وَمَا يَنْطِق عَنِ الْهَوَى ﴾ بِالْهَوَى
السمة الثانية: المنطق العذب:
فقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم ذا جاذبية خاصة لمستمعيه، كلاما، وأسرعهم أداء، وأحلاهم منطقا. وهذا له تأثير كبير في جذب الآذان، وانفتاح القلوب، ورهافة العقول، لذا كان الناس يسعون إلى مصاحبته أطول الفترات، استئناسا بحديثه، وإفادةً من هديه. وكما تقول السيدة عائشة (رضي الله عنها): ” ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرد سردكم هذا، ولكن كان يتكلم بكلام يبينه فصل، يحفظه من جلس إليه، وكان كثيرا ما يعيد الكلام ثلاثا ليُعقَل عنه “. وهذا يعني أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان:- يتكلم بوضوح دون تقعر أو غموض في المعنى أو اللفظ.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وكان المصطفى صلى الله عليه وسلم ” طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختمه بأشداقه، ويتكلم بجوامع الكلم…، لا يتكلم فيما لا يعنيه، ولا يتكلم إلا فيما يرجو ثوابه. وكان يخطب في كل وقت بما تقتضيه حاجة المخاطبين، ومصلحتهم “