ذكر الوائلي الحافظ في كتاب الإبانة له، من حديث مالك بن مغول «عن نافع عن ابن عمر قال: بينا أنا أسير بجنبات بدر إذ خرج رجل من الأرض في عنقه سلسلة يمسك طرفها أسود فقال يا عبد الله اسقني، فقال ابن عمر: لا أدري أعرف اسمي أو كما يقول الرجل: يا عبد الله؟ فقال لي الأسود: لا تسقه فإنه كافر ثم اجتذبه فدخل به الأرض قال ابن عمر: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: أو قد رأيته؟ ذاك عدو الله أبو جهل بن هشام وهو عذابه إلى يوم القيامة»
[باب ما يكون منه عذاب القبر واختلاف أحوال العصاة فيه بحسب اختلاف معاصيهم]
«عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكثر عذاب القبر من البول»
عن «ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة وأما الآخر فكان لا يستنزه من بوله فدعا بعسيب رطب فشقه باثنين ثم غرس على هذا واحداً وعلى هذا واحداً، ثم قال: لعله يخفف عنهما ما لم ييبسا» وفي رواية «كان لا يستنزه عن البول أو من البول» رواهما مسلم وفي كتاب أبي داود: «وكان لا يستنثر من بوله» وفي حديث هناد بن السري «لا يستبرئ من البول» من الاستبراء وقال البخاري: «وما يعذبان في كبير وإنه لكبير»
وأخرجه أبو داود الطيالسي عن «أبي بكرة قال: بينما أنا أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بيننا. إذ أتى على قبرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن صاحبي هذين القبرين ليعذبان الآن في قبورهما فأيكما يأتيني من هذا النخل بعسيب؟ فاستبقت أنا وصاحبي فسبقته وكسرت من النخل عسيباً فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فشقه نصفين من أعلاه فوضع على إحداهما نصفاً وعلى الآخر نصفاً. وقال: إنه يهون عليهما ما دام من بلولتهما شيء إنهما يعذبان في الغيبة والبول» قال المؤلف: هذا الحديث والذي قبله يدل على التخفيف إنما هو بمجرد نصف العسيب ما دام رطباً ولا زيادة معه
عن الطحاوي عن «ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمر بعبد من عباد الله عز وجل أن يعذب في قبره مائة جلدة فلم يزل يسأل الله تعالى ويدعوه حتى صارت واحدة فامتلأ قبره عيه ناراً، فلما ارتفع عنه أفاق فقال: لماذاجلدتموني؟ قال إنك صليت صلاة بغير طهور، ومررت على مظلوم فلم تنصره»
عن البيهقي «عن الربيع بن أنس عن أبي العالية، عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الآية {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام} الآية قال: أتي بفرس فحمل عليه قال: كل خطوة منهى أقصى بصره، فسار وسار معه جبريل فأتى على قوم يزرعون في كل يوم ويحصدون في كل يوم كلما حصدوا عاد كما كان فقال يا جبريل من هؤلاء؟ فقال المهاجرون في سبيل الله تضاعف لهم الحسنة بسبعمائة ضعف {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين} ثم أتى على قوم ترضخ رؤوسهم بالصخر كلما رضخت عادت كما كانت لا يفتر عنهم شيء من ذلك. فقال: يا جبريل من هؤلاء! قال: هؤلاء الذين تتثاقل رؤوسهم عن الصلاة. قال: ثم أتى على قوم على أقبالهم رقاع، وعلى أدبارهم رقاع يسرحون كما تسرح الأنعام الضريع والزقوم ورضف جهنم وحجارتها قال: ما هؤلاء يا جبريل: قال: هؤلاء الذين لا يؤدون صدقات أموالهم وما ظلمهم الله وما الله بظلام للعبيد، ثم أتى على قوم بين أياديهم لحم في قدر نضيج، ولحم آخر خبيث فجعلوا يأكلون من الخبيث ويدعون النضيج الطيب، فقال ياجبريل: من هؤلاء؟ قال هذا الرجل يقوم وعنده امرأة حلالاً طيباً فياتي المرأة الخبيثة فيبيت معها حتى يصبح. ثم أتى على خشبة على الطريق لا يمر به شيء إلا قصفته. قلت: ما هذا يا جبريل؟ قال يقول الله عز وجل {ولا تقعدوا بكل صراط توعدون} ثم مر على رجل قد جمع حزمة عظيمة لا يستطيع حملها وهو يريد أن يزيد عليها قال يا جبريل: ما هذا؟ قال: هذا رجل من أمتك عليه أمانة لا يستطيع أداءها وهو يزيد عليها ثم أتى على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من حديد كلما قرضت عادت كما كانت ولا يفتر عنهم شيء من ذلك. قال: يا جبريل من هؤلاء؟ قال: هؤلاء خطباء الفتنة، ثم أتى على حجر صغير يخرج منه ثور عظيم، فجعل الثور يريد أن يدخل من حيث خرج ولا يستطيع قال: ما هذا يا جبريل؟ قال: هذا الرجل يتكلم الكلمة فيندم عليها فيريد أن يردها فلا يستطيع»
[باب ما جاء في التعوذ من عذاب القبر وفتنته]
عن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول: إنكم تفتنون في القبور. فارتاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنما يفتن يهود قال عائشة: فلبثنا ليالي ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل شعرت أنه أوحى إلي : أنكم تفتنون في القبور؟ قال عائشة: فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من عذاب القبر»
وخرج البخاري «عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن عذاب النار ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال» والأحاديث في هذا المعنى كثيرة جداً أخرجها الأثبات الثقات
[باب ما جاء أن البهائم تسمع عذاب القبر]
عن زيد بن ثابت قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم في حائط لبني النجار على بغلة له ونحن معه إذ جاء به فكادت تلقيه وإذا أقبر ستة أو خمسة أو أربعة كذا كان الحريري يقول فقال من يعرف أصحاب هذه الأقبر؟ فقال رجل: أنا قال: فمتى مات هؤلاء؟ قال ماتوا في الإشراك فقال: إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فلولا أن لا تدافنوا لدعوت الله أن يسمعكم من عذاب القبر الذي أسمع
عن عائشة رضي الله عنها أنه قالت: دخلت علي عجوزان من عجائز يهود المدينة فقالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم قالت فكذبتهما ولم أنعم أن أصدقهما فخرجتا ودخل على رسول الله فقلت: يا رسول الله إن عجوزين من عجائز يهود المدينة قالتا: إن أهل القبور يعذبون في قبورهم قال النبي صلى الله عليه وسلم صدقتا إنهم يعذبون عذاباً تسمعه البهائم، قالت: فما رأيته بعد في صلاة إلا يتعوذ من عذاب القبر» خرجه البخاري أيضاً
فصل: قال علماؤنا: وإنما حادت به البغلة لما سمعت من صوت المعذبين وإنما لم يسمعه من يعقل من الجن والإنس لقوله عليه الصلاة والسلام: «لولا أن لا تدافنوا» الحديث فكتمه الله سبحانه عنا حتى نتدافن بحكمته الإلهية ولطائفه الربانية لغلبة الخوف عند سماعه، فلا نقدر على القرب من القبر للدفن أو يهلك الحي عند سماعه إذ لا يطاق سماع شيء من عذاب الله في هذه الدار لضعف هذه القوى، ألا ترى أنه إذا سمع الناس صعقة الرعد القاصف، أو الزلازل الهائلة هلك كثير من الناس، وأين صعقة الرعد من صيحة الذي تضربه الملائكة بمطارق الحديد التي يسمعها كل من يليه؟ وقد قال صلى الله عليه وسلم في الجنازة: «ولو سمعها انسان لصعق» فكيف إذا حل به الخزي والنكال واشتد عليه العذاب والوبال؟ فنسأل الله معافاته ومغفرته وعفوه ورحمته بمنه
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
[باب ما جاء أن الميت يسمع ما يقال]
عن أنس بن مالك: عمر بن الخطاب حدث عن أهل بدر فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرينا مصارع أهل بدر بالأمس يقول: هذا مصرع فلان غداً إن شاء الله قال فقال عمر: فو الذي بعثه بالحق نبياً ما أخطأوا الحدود التي حد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فجعلوا في بئر بعضهم على بعض فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتهى إليهم فقال: يا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعدكم الله ورسوله حقاً فإني وجدت ما وعدني ربي حقاً؟ فقال عمر: يا رسول الله كيف تكلم أجساداً لا أرواح فيها؟ قال: ما أنتم بأسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون أن يردوا علي شيئاً.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك قتلى بدر ثلاثاً فقام عليهم فناداهم فقال: يا أبا جهل بن هشام يا أمية بن خلف يا عتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربيعة أليس قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقاً فإني وجدت ما وعدني ربي حقًا. فسمع عمر قول النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله كيف يسمعون! وأنى يجيبون! وقد جيفوا؟ قال جهنم والذي نفسي بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يقدرون أن يجيبوا» ثم أمر بهم فسحبوا فالفوا في قليب بدر
وقد وجد هنا بدليل ما ذكرناه ـ وقد تقدم ـ وبقوله عليه الصلاة والسلام: «إنه ليبسمع قرع..نعالهم» وبالمعلوم من سؤال الملكين للميت في قبره وجوابه لهما وغير ذلك مما لا ينكر، وقد ذكر ابن عبد البر في كتاب التمهيد والاستذكار من حديث ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من أحد يمر بقبر أخيه المؤمن كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه، ورد علي السلام
فصل: صحت الأخبار عن النبي صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر على الجملة فلا مطعن فيها ولا معارض لها وجاء فيما تقدم من الآثار: أن الكافر يفتن في قبره ويسأل ويهان ويعذب قال أبو محمد عبد الحق: واعلم أن عذاب القبر ليس مختصاً بالكافرين ولا موقوفاً على المنافقين، بل يشاركهم فيه طائفة من المؤمنين، وكل على حال من عمله وما استوجبه من خطبئته وزللـه