ما هي الديانة الإبراهيمية؟
ليس هناك إعلان رسمي حتى الآن لقيام ما يعرف بـ”الديانة الإبراهيمية الجديدة”، إذ ليس لها أسس أو أتباع أو كتاب.
وإنما هي مشروع بدأ الحديث عنه منذ فترة، أساسه العامل المشترك بين الديانات الثلاث، الإسلام والمسيحية واليهودية، باعتبارها أديان إبراهيمية، نسبة إلى النبي إبراهيم. لكن هنا نسلط الضوء على أمر مهم ألا وهو أنّ لا دين صحيح إلا دين الإسلام.
الهدف المعلن للمشروع هو “التركيز على المشترك بين الديانات ونعود ونكرر أن الدين الصحيح الوحيد هو دين الإسلام، والتغاضي عما يمكن أن يسبب نزاعات وقتالا بين الشعوب”.
وقد بدأ الترويج للفكرة فعلا في إطار “إقامة السلام بين الشعوب والدول بغض النظر عن الفروقات”.
لماذا الآن؟
ومنذ ذلك الحين أثار المصطلح جدلا يظهر على السطح ويخبو منذ أكثر من عام.
لم يفهم كثيرون لماذا تحدث الإمام عن هذا الأمر، والبعض لم يسمع بهذا المصطلح قط قبل حديث الطيب.
الإطار العام للكلمة التي ألقاها شيخ الأزهر هو التعايش بين معتنقي الأديان المختلفة.
إذ أن بيت العائلة المصرية، جاءت فكرة تأسيسه بعد حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية في مصر، في حديث بين ما يسمى البابا شنودة الثالث ووفد من الأزهر.
فمن المنطقي والمتوقع أن يكون الحديث عن التعايش والتسامح بين الأديان.
ويبدو أن شيخ الأزهر رأى هذا الإطار ملائما للتعليق على مشروع ما يعرف بالديانة الإبراهيمية الجديدة.
بدأ الطيب الحديث عن الأمر بالقول إنه يريد “التنبيه قطعا للشكوك التي يثيرها البعض بغرض الخلط بين التآخي بين الدينين، الإسلامي والمسيحي، وبين امتزاج الدينين وذوبان الفروق والقسمات الخاصة بكل منهما، خاصة في ظل التوجهات والدعوة إلى الإبراهيمية”.
وقال إن هذه الدعوات تطمح فيما يبدو إلى “مزج المسيحية واليهودية والإسلام في دين واحد يجتمع عليه الناس ويخلصهم من بوائق الصراعات”.
لماذا هاجمها الطيب؟
أعلن الطيب رفض الدعوة إلى “الديانة الإبراهيمية الجديدة” وتساءل في خطابه عما إذا كان المقصود من الدعوة “تعاون المؤمنين بالأديان الباطلة على ما بينها من مشتركات وقيم إنسانية نبيلة أو المقصود صناعة دين جديد لا لون له ولا طعم ولا رائحة” حسب تعبيره.
وقال الطيب إن الدعوة لـ”الإبراهيمية” “تبدو في ظاهر أمرها دعوة للاجتماع الإنساني والقضاء على أسباب النزاعات والصراعات، وهي في الحقيقة دعوة إلى مصادرة حرية الاعتقاد وحرية الإيمان والاختيار”.
ويرى الطيب أن الدعوة إلى توحيد الدين دعوة “أقرب لأضغاث الأحلام منها لإدراك حقائق الأمور وطبائعها”، لأن “اجتماع الخلق على دين واحد أمر مستحيل في العادة التي فطر الله الناس عليها”.
ما علاقتها بإسرائيل والإمارات؟
تداول مصطلح “الإبراهيمية” والجدل حوله انطلق مع توقيع الإمارات والبحرين اتفاق تطبيع مع إسرائيل في سبتمبر أيلول العام الماضي.
الاتفاق، الذي رعته الولايات المتحدة الأمريكية ورئيسها حينها دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنير، يسمى “الاتفاق الإبراهيمي”.
وفي نص إعلان الاتفاق، المنشور على صفحة وزارة الخارجية الأمريكية، يرد ما يلي: “نحن نشجع جهود دعم الحوار بين الثقافات والأديان للدفع بثقافة سلام بين الديانات الإبراهيمية الثلاث والإنسانية جمعاء”.
هذه الفقرة، هي منطلق ومركز مبادرات كثيرة صاحبت اتفاق التطبيع وتبعته، فتطبيع العلاقات مع إسرائيل لم يكن صفقة سياسية أو اقتصادية بحتة وإنما انعكس على جوانب ثقافية في حياة كل الأطراف.
وهكذا بدأ الحديث عن التسامح والتواصل والحوار بين البلدان والشعوب والملل والأديان ليتحول فيما بعد إلى حديث عما يعرف بـ”الديانة الإبراهيمية الموحدة”.
وقد كان هذا الارتباط بين مشروع الديانة الإبراهيمية والتطبيع مع إسرائيل سببا لرفض المعارضين للتطبيع للمشروع الديني الجديد، حتى قبل أن تتكشف تفاصيله الكاملة.
دولة أخرى اتهمها رواد مواقع التواصل الاجتماعي المتفاعلون مع الأمر بالترويج للديانة الإبراهيمية الجديدة هي الإمارات، التي وقعت على اتفاق التطبيع مع إسرائيل وبدأت بالفعل في تفعيل تبادل مع إسرائيل في مختلف المجالات، منها الثقافية، وشهد المشهد الديني فيها تغيرا يلائم علاقتها الجديدة مع إسرائيل.
وربط كثيرون بين الدعوة “للإبراهيمية”، وبين “بيت العائلة الإبراهيمية” الذي أمر حاكم دبي محمد بم زايد بتأسيسه في أبوظبي “تخليداً لذكرى الزيارة التاريخية المشتركة لما يسمى البابا فرنسيس وفضيلة الإمام أحمد الطيب” بداية عام 2019، أي قبل توقيع اتفاق التطبيع مع إسرائيل بأكثر من من سنة ونصف.
جدل قديم
الجدل حول “الإبراهيمية” ليس وليد كلام شيخ الأزهر.
وكان وقوده في شهر مارس آذار من هذا العام، تغريدة لقائد التيار الصدري في العراق، مقتدى الصدر، قال فيها إنه “لا تناقض” بين أن يكون “الدين عند الله الإسلام” وبين “وحدة الأديان”. وهذا باطل.
وبعد توقيع “الاتفاق الإبراهيمي” وتداول الحديث عن “الديانة الجديدة”، بادر رجال دين ودعاة إلى الإسلام برفض الدعوة، ومنهم من قال إنها “كفر”. ومنهم الداعية طارق السويدان.
وفي شهر فبراير من هذا العام، عقد الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ورابطة علماء المسلمين، ورابطة المغرب العربي مؤتمرا عنوانه: “موقف الأمة الإسلامية من الديانة الإبراهيمية”.
بينما دافع آخرون عن الفكرة واعتبروها سبيلا للسلام.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website