اعلم أن المسيح ابن مريم عليه الصلاة والسلام ليس بإله، بل هو بشر ورسول كريم، بعثه الله لتبليغ دينه، وإعلاء شريعته، شأنه في هذا شأن غيره من الرسل، فقد قال تعالى: مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ {المائدة:75}، وقال تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ* الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُن مِّن الْمُمْتَرِينَ {آل عمران:59-60}، وهذا يوافق إنجيل لوقا الإصحاح 24: 19 الذي هو بين أيادي أهل الكتاب في أيامنا هذه حيث جاء فيه: يسوع الناصري الذي كان إنساناً نبياً مقتدراً في الفعل والقول. فلوقا يصف المسيح بأنه كان إنسانا، وفي إنجيل مرقس الإصحاح 12: 29 من أقوال المسيح عليه السلام: إن أول كل الوصايا… الرب إلهنا واحد. أفلا تدل كلمة: إلهنا على أن المسيح عليه السلام ينتمي للبشر؟
ويقول إنجيل النصارى عن عيسى أنه كان يتوجع قائلاً: للطيور أوكار، وللثعالب أوكار، وليس لابن الإنسان مكان يضع فيه رأسه. هل يتحسر خالق السماوات والأرض وملك العالم والكون أنه لا يملك ما يملكه ثعلب أو غراب؟!
وأما بالنسبة لاعتقادهم أن المسيح قد صلب، فهذا اعتقاد باطل، قد دل على بطلانه كتابهم المقدس، ففي إنجيل لوقا 4: 29-30 أن الله عصم المسيح عليه السلام وحفظه من كيد اليهود ومكرهم فلم يستطيعوا أن يصلبوه قال يوحنا : 8 : 59 (فرفعوا حجارة ليرجموه. أما يسوع فاختفى وخرج من الهيكل مجتازا في وسطهم ومضى هكذا). وقال يوحنا 10: 93: (فطلبوا أيضاً أن يمسكوه فخرج من أيديهم)، وفي يوحنا 36: 19 (وقد حدث هذا ليتم ما جاء في الكتاب: لن يكسر منه عظم)!.
هذا العبارة في الإنجيل يُقصد بها المسيح، وهي كافية لإثبات عدم صلبه، فالمصلوب لابد أن تخترق المسامير الحديدية الغليظة يديه وقدميه على الأقل بالطرق العنيف الشديد المتواصل، وبعد ذلك على ثقوب جسده التي أحدثتها هذه المسامير الغليظة المطروقة أن تتحمل كل وزنه وثقله لبضع ساعات على الأقل، فكيف بعد ذلك لا يكسر منه عظم؟!
والحق الذي لا مرية فيه أن الله رفع المسيح الى السماء، كما دل عليه القرآن، قال تعالى: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِن شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلاَّ اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا* بَل رَّفَعَهُ اللّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا {النساء:157-158}
وقد دل على ذلك أيضاً الإنجيل الذي بين أيديكم، ففي سفر أعمال الرسل 1: 11: (إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء)، وفي متى 4: 6 ولوقا 4: 10-11: (مكتوب أنه يوصي ملائكته بك فعلى أياديهم يحملونك).
أما تحريف الأناجيل فأمر ثابت، وليس أدل على ذلك من تناقض الأناجيل الموجودة الآن، ولا يعرف من كتبها ولا ما هي اللغة الأصلية التي كتبت بها، حتى قال فهيم فؤاد في مدخل للعهد الجديد عندما سئل عن مؤلف إنجيل يوحنا: (لا يعلم إلا الله وحده من الذي كتب هذا الإنجيل)، والأناجيل المتداولة هي: (متى، لوقا، مرقس، يوحنا) ونحن كمسلمين لا نؤمن بغير إنجيل عيسى عليه السلام فأين هو هذا الإنجيل؟
وهؤلاء الكتبة للأناجيل بعضهم تتلمذ على يد المسيح (متى، يوحنا، بطرس، يعقوب، يهوذا) وبعضهم تنصر بعد المسيح ولم يلقه (بولس ومرقس تلميذ بطرس)، وبعضهم تنصر على يد من لم يلق المسيح (لوقا تلميذ بولس) وقد كتبت أصول هذه الأناجيل باللغة اليونانية فيما عدا (متى) الذي كتب بالعبرانية، لكن أياً من اللغتين لم تكن لغة للمسيح، الذي كان يتكلم السريانية كما دلت على ذلك الأناجيل، فمن الذي ترجم هذه الأناجيل؟ وأين النسخ الأصلية؟
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ونقول: إن هذا التحريف وهذا التبديل للتوراة والإنجيل رغم أنه وقع من اليهود والنصارى إلا أن الله لا يحبه ولا يأمر به، وهم مجزيِّون به يوم القيامة، وذلك كما أن الكفر والإلحاد أمر واقع، ولكن الله لم يأمر بالكفر ولا يرضى لعباده الكفر، ولقد حفظ الله كتابه القرآن الكريم من التبديل والتحريف، فتولى هو سبحانه وتعالى حفظه، ولم يكل أمر حفظه إلى أحد من البشر، قال تعالى عند القرآن: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ {الحجر:9}.
فمع تطاول الزمان لم يتغير حرف واحد من القرآن، فلو أحضرت نسخاً من المصحف من أي مكان في العالم وقارنتها لوجدتها متطابقة تماماً، وهذه معجزة، مع أن الأمة الإسلامية تعرضت لغزو التتار والصليبيين، ثم تعرضت للاستعمار في العصر الحديث، ومع ذلك لم يستطع أحد أن يغير فيه ولو آية، بينما الأناجيل التي في أيدي الناس مختلفة
لا تنسوا متابعتنا على الانستقرام