Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ذكر علي بن معبد «عن أبي هريرة قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في طائفة من أصحابه فقال: إن الله تعالى لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور وأعطاه إسرافيل فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر فقال أبو هريرة قلت: يا رسول الله وما الصور؟ قال: قرن فقلت: وكيف هو؟ قال: هو عظيم والذي نفسي بيده إن عظم دارة فيه لكعرض السماء والأرض فينفخ فيه ثلاث نفخات الأولى، نفخة الفزع، والثانية: نفخة الصعق، والثالثة: نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع فيفزع أهل السماء والأرض إلا ما شاء الله ويأمره فيمدها ويديمها ويطولها» يقول الله عز وجل: {وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق} مأخوذة من فواق الحالب وهي المهلة بين الحلبتين وذلك أن الحالب يحلب الناقة والشاة ثم يتركها ساعة يرضعها الفصيل لتدر ثم يحلب، ومنه سمي الفواق فواقاً لأنه ريح يتردد في المعدة بين مهليتن أي أن هذه النفخة ممتدة لا تقطيع فيها ويكون ذلك يوم الجمعة في النصف من شهر رمضان فيسير الله الجبال فتمر مر السحاب، ثم تكون سراباً ثم ترتج الأرض بأهلها رجاً وهي التي يقول الله عز وجل {يوم ترجف الراجفة * تتبعها الرادفة * قلوب يومئذ واجفة} فتكون الأرض كالسفينة في البحر تضربها الأمواج فيميد الناس على ظهرها وتذهل المراضع وتضع الحوامل ما في بطونها، وتشيب الولدان، وتتطاير الشياطين هاربة، حتى تأتي الأقطار فتتلقاها الملائكة هاربة فتضرب بها وجوهها ويولي الناس مدبرين ينادي بعضهم بعضعاً وهي التي يقول الله عز وجل {يوم التناد * يوم تولون مدبرين ما لكم من الله من عاصم ومن يضلل الله فما له من هاد} فبينما هم على ذلك إذ تصدعت الأرض من قطر إلى قطر، ورأوا أمراً عظيماً لم يروا مثله فيأخذهم من ذلك من الكرب والهول ما الله به عليم، ثم ينظرون إلى السماء فإذا هي كالمهل ثم انشقت وانخسف شمسها وقمرها وانتثرت نجومها، ثم كشطت السماء عنهم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «والموتى لا يعلمون شيئاً من ذلك قلت: يا رسول الله فمن استثنى الله عز وجل، حين يقول {ففزع من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} ؟ قال: أولئك هم الشهداء عند ربهم يرزفون إنما يصل الفزع إلى الأحياء، يقيهم الله شر ذلك اليوم ويؤمنهم منه وهو عذاب يلقيه الله على شرار خلقه، وهو الذي يقول الله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} أي شديد فتمكثون في ذلك ما شاء الله إلا أنه يطول عليهم كأطول يوم، ثم يأمر الله إسرافيل فينفخ نفخة الصعق»
فصل: هذا الحديث ذكره الطبري والثعلبي وصححه ابن العربي في سراج المريدين وقال: يوم الزلزلة وهو الاسم الثاني عشر يكون عن النفخة الأولى بهذا اختلافهم الصحيح الواحد المفرد
ولما نبأ النبي صلى الله عليه وسلم بذكر الزلزلة التي تكون عند النفخة الأولى ذكر ما يكون في ذلك اليوم من الأهوال العظام التي يعظمها قوله [شيء عظيم] ومن فزعها ما لا تطيق حمله النفوس وهو قوله لآدم: [ابعث بعث النار] فيكون ذلك في أثناء ذلك اليوم ولا يقتضي أن يكون ذلك متصلاً بالنفخة الأولى التي يشيب فيها الوليد وتضع الحوامل وتذهل المراضع ولكن يحتمل أمرين:
أحدهما: أن يكون آخر الكلام منوطاً بأوله تقديره يقال لآدم ابعث بعث النار أثناء يوم يشيب فيه الوليد وتضع الحوامل وتذهل المراضع من أوله
الثاني: أن شيب الوليد ووضع الحوامل وذهول المراضع يكون في النفخة الأولى حقيقة
وفي هذا القول الثاني تكون صفته بذلك إخباراً عن شدته وإن لم يوجد غير ذلك الشيء فيه وهذه طريقة العرب في فصاحتها
قال القرطبي رضي الله عنه: ما ذكره ابن العربي من صحة الحديث وكلامه فيه: فيه نظر لما نبينه آنفاً وقد قال أبو محمد عبد الحق في كتاب العاقبة له: ورد في هذا الباب حديث منقطع لا يصح ذكره الطبري «من حديث أبي هريرة عن النبي قال: ينفخ في الصور ثلاث نفخات الأولى نفخة الفزع» فذكره. قد تقدم أن الصحيح في النفخ إنما هو مرتان لا ثلاث، وحديث مسلم في قول الله تعالى لآدم [يا آدم ابعث بعث النار] إنما هو يعد البعث يوم القيامة ونفخة الفزع هي نفخة الصعق على ما تقدم أو نفخة البعث على ما قيل على ما يأتي ولأنه لو كانت نفخة الفزع غير نفخة الصعق لأقتضى ذلك أن يكون بقاء الناس بعدها أحياء ما شاء ويكون هناك ليل ونهار حتى تأتي نفخة الصعق التي يموت لسماعها جميع الخلق كما في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وعلى هذا لا يكون قوله ابعث في أثناء اليوم الذي يكون مبدؤه نفخة الفزع على ما ذكره ابن العربي والله أعلم ولا يلزم من زلزال الأرض أن تكون عن نفخة فإنا نشاهد تحرك الأرض وميدها بمن عليها وما عليها من جبال ومياه كالسفينة في البحر إذا تلاطمت أمواجه من غير نفخ وإنما تلك الزلزلة من أشراط الساعة ومقدماتها كسائر أشراطها وقد قال علقمة والشعبيث: الزلزلة من أشراط الساعة وهي في الدنيا.
وقال الحسن في قوله تعالى: {وترى الناس سكارى} أي من العذاب والخوف {وما هم بسكارى} من الشراب ومما يبين ما قلناه: أن إبليس قال {أنظرني إلى يوم يبعثون} سأل النظرة والإمهال إلى يوم البعث والحساب طلب أن لا يموت لأن يوم البعث لا موت بعده فقد قال تعالى: {إنك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم} قال ابن عباس والسدي وغيرهما: أنظره إلى النفخة الأولى حيث يموت الخلق كلهم، وكان طلب الإنظار إلى النفخة الثانية حيث يقوم الناس لرب العالمين فأبى الله ذلك عليه
قال الله تعالى: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم} إلى قوله {عذاب الله شديد} وقال: {إذا زلزلت الأرض زلزالها} إلى آخرها. والذي ثبت بسياق الآيات: أن هذه الزلزلة إنما يكون بعد أحياء الناس وبعثهم من قبورهم لأنه لا يراد بها إلا إذعان الناس والتهويل عليهم، فينبغي أن يشاهدوها ليفزعوا منها ويهولهم أمرها، ولا تمكن المشاهدة منهم وهم أموات. ولأنه تعالى قال: {يومئذ تحدث أخبارها} أي تخبر عما عمل عليها من خير وشر {يومئذ يصدر الناس أشتاتاً} فدل ذلك على أن هذه الزلزلة إنما تكون والناس أحياء واليوم يوم الجزاء وقال تعالى: {فإذا نفخ في الصور نفخة واحدة} يعني الآخرة {وحملت الأرض والجبال} إلى قوله {لا تخفى منكم خافية} فدلت هذه السورة على أن اصطدام الأرض والجبال لا يكون إلا بعد الإحياء، فدلت هذه الآية على أن الكوائن إنما تكون بعد النشأة الثانية
واختلفوا في الساهرة اختلافاً كثيراً، فقال ابن عباس: وأما الساهرة فأرض من فضة بيضاء لم يعص الله عليها طرفة عين خلفها الله يومئذ وهو قوله تعالى: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} وقال بعضهم: الساهرة اسم الأرض السابعة يأتي الله بها فيحاسب عليها الخلائق وذلك حين تبدل الأرض غير الأرض وقال قتادة: هي جهنم أي فإذا هؤلاء الكفار في جهنم وقيل صحراء قريب من شفير جهنم وقال الثوري: الساهرة أرض الشام وقيل غير هذا، وإنما قيل لها ساهرة لأنهم لا ينامون عليها حينئذ، ومعنى {فإذا هم بالساهرة} أي على الأرض بعدما كانوا في بطنها والعرب تسمي الفلاة ووجه الأرض ساهرة،