Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
[باب ما يلقي الناس في الموقف من الأهوال العظام والأمور الجسام]
قال المحاسبي في كتاب التوهم والأهوال: يحشر الله الأمم من الإنس والجن عراة أذلاء قد نزع الملك من ملوك الأرض ولزمهم الصغار بعد عتوهم والذلة بعد تجبرهم على عباد الله في أرضه ثم أقبلت الوحوش من أماكنها منكسة رؤوسها بعد توحشها من الخلائق وانفرادها ذليلة من هول يوم النشور من غير ريبة ولا خطية أصابتها حتى وقفت من وراء الخلق بالذلة والانكسار لذلك الجبار، وأقبلت الشياطين بعد تمردها وعتوها خاضعة ذليلة للعرض على الملك الديان، حتى إذا تكاملت عدة أهل الأرض من إنسها وجنها وشياطينها ووحوشها وسباعها وأنعامها وهوامها تناثرت نجوم السماء من فوقهم وطمست الشمس والقمر فأظلما عليهم ومارت سماء الدنيا من فوقهم فدارت من فوقهم بعظمها فوق رؤوسهم وهي خمسمائة عام فيا هول صوت انشقاقها في سمعهم وتمزقت وتفطرت لهول يوم القيامة من عظم يوم الطامة ثم ذابت حتى صارت مثل الفضة المذابة كما قال الجبار تبارك وتعالى {فإذا انشقت السماء فكانت وردة كالدهان} وقال {يوم تكون السماء كالمهل * وتكون الجبال كالعهن} أي كالصوف المنفوش وهو أضعف الصوف وهبطت الملائكة من حافاتها إلى الأرض بالتقديس لربها فتوهم انحدارهم من السماء لعظم أجسامهم وكثرة أخطارهم وهول أصواتهم وشدة فرقهم من خوف ربهم فتوهم فزعك حينئذ وفزع الخلائق لنزولهم مخافة أن يكونوا قد أمروا بهم فأخذوا مصافهم محدقين بالخلائق منكسي رؤوسهم العظيم هول يومهم قد تسربلوا أجنحتهم ونكسوا رؤوسهم بالذلة والخضوع لربهم، وكذلك ملائكة كل سماء إلى السماء السابعة قد أضعف أهل كل سماء على أهل السماء الذين قبلهم في العدة وعظم الأجسام والأصوات حتى إذا وافى الموقف أهل السموات السبع والأرضين السبع كسيت الشمس حر عشر سنين، ثم أدنيت من الخلائق قاب قوسين أو قوس فلا ظل ذلك اليوم إلا ظل عرش الرحمن فمن بين مستظل بظل العرش وبين مضح بحر الشمس قد صهرته واشتد فيها كربه وأقلقته وقد ازدحمت الأمم وتضايقت ودفع بعضهم بعضاً، واختلفت الأقدام وانقطعت الأعناق من العطش قد اجتمع عليهم في مقامهم حر الشمس مع وهج أنفاسهم وتزاحم أجسامهم ففاض العرق منهم على وجه الأرض، ثم على أقدامهم، ثم على قدر مرابتهم ومنازلهم عند ربهم من السعادة والشقاء، فمنهم من يبلغ العرق منكبيه وحقويه، ومنهم إلى شحمة أذنيه، ومنهم من قد ألجمه العرق فكاد أن يغيب فيه
قال القرطبي رحمه الله: ذكر المحاسبي وغيره أن انفطار السماء انشقاقها بعد جمع الناس في الموقف وقد قدمنا أن ذلك يكون قبل ذلك وهو ظاهر القرآن كما ذكرنا والله اعلم وقد جاء ذلك مرفوعاً في حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقد تقدم
وما ذكره المحاسبي مروي عن ابن عباس رضي الله عنه قال: إذا كان يوم القيامة مدت الأرض مد الأديم وزيد في سعتها كذا وكذا، وجمع الخلائق بصعيد واحد جهنم وإنسهم، فإذا كان ذلك قبضت هذه السماء عن أهلها فينتشرون على وجه الأرض فلأهل السماء أكثر من أهل جميع الأرض جهنم وإنسهم بالضعف
وذكر أبو حامد في كتاب كشف علم الآخرة نحواً مما ذكر المحاسبي عن ابن عباس رضي الله عنه والضحاك فقال إن الخلائق إذا اجتمعوا في صعيد واحد الأولين والآخرين أمر الجليل جل وجلاله بملائكة سماء الدنيا أن يتولوهم فيأخذ كل واحد منهم إنساناً وشخصاً من المبعوثين إنساً وجناً ووحشاً وطيراً وحولوهم إلى الأرض الثانية، وهي أرض بيضاء من فضة نورية، وصارت الملائكة من وراء العالمين حلقة واحدة، فإذا هم أكثر من أهل الأرض بعشر مرات، ثم إن الله سبحانه وتعالى يأمر ملائكة السماء الثانية فيحدقون بهم واحدة فإذا هم مثلهم عشرين مرة ثم تنزل ملائكة السماء الثالثة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة، فإذا هم أكثر منهم ثلاثين ضعفاً، ثم تنزل ملائكة السماء الرابعة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة أكثر منهم بأربعين صفاً، ثم تنزل ملائكة السماء الخامسة فيحدقون من ورائهم حلقة واحدة فيكونون مثلهم خمسين مرة، ثم تنزل ملائكة السماء السادسة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة وهم مثلهم ستين مرة، ثم تنزل ملائكة السماء السابعة فيحدقون من وراء الكل حلقة واحدة وهم مثلهم سبعين مرة والخلق تتداخل وتندمج حتى يعلو القدم ألف قدم لشدة الزحام، وتخوض الناس في العرق على أنواع مختلفة إلى الأذقان وإلى الصدر وإلى الحقوين وإلى الركبتين، ومنهم من يصيبه الرشح اليسير كالقاعد في الحمام، ومنهم من تصيبه البلة كالعاطش إذا شرب الماء، وكيف لا يكون القلق والعرق والأرق وقد قربت الشمس من رؤوسهم حتى لو مد أحدهم يده لنالها، ويضاعف حرها سبعين مرة
وقال بعض السلف لو طلعت الشمس على الأرض كهيتئها يوم القيامة لأحرقت الأرض وذابت الصخر وجفت الأنهار، فبينما الخلائق يموجون في تلك الأرض البيضاء التي ذكرها الله تعالى حيث يقول: {يوم تبدل الأرض غير الأرض} وهم على أنواع في المحشر على ما تقدم في حديث معاذ، والملوك كالذر كما قد ورد في الخبر في وصف المتكبرين وليس هم كهيئة الذر غير أن الأقدام عليهم حتى صاروا كالذر في مذلتهم وانخفاضهم، وقوماً يشربون ماء بارداً عذباً صافياً، لأن الصبيان يطوفون على آبائهم بكؤوس من أنهار الجنة يسقونهم
فحينئذ يذهب الناس إلى آدم فيقولون: يا أبا البشر الأمر علينا شديد، وأما الكافر فيقول: يا رب أرحني ولو إلى النار من شدة ما يرى من الهول يقولون: أنت الذي خلقك الله وأسجد لك ملائكته ونفخ فيك من روحه اشفع لنا في فصل القضاء، وذكر أمر الشفاعة من نبي إلى نبي وأن ما بين إتيانهم من نبي إلى نبي ألف عام حتى تنتهي الشفاعة إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على ما يأتي بيانه من أمر الشفاعة في أحاديث إن شاء الله تعالى، ونحو من هذا ذكره الفقيه أبو بكر بن برجان في كتابه الإرشاد قال: فإذا كان يومئذ جمع الله الأولين والآخرين في صعيد واحد وكورت الشمس وانكدرت النجوم ومارت السماء فوق الخلائق موراً، وتفطرت من عظيم هول ذلك اليوم، وتشققت بالغمام المنزل من عليهن فوقهن، ثم صارت وردة كالدهان وكشطن سماء سماء، ونزلت الملائكة تنزيلاً، وقام الخلائق وطال قيامهم أقل ما قيل في قيامهم مقدار أربعين عاماً إلى ثلاثمائة عام، وأياماً كان فاليوم يسعه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «ما من صاحب إبل» الحديث وفيه «وردت عليها أولاها» وعن سلمان قال: تعطى الشمس يوم القيامة حر عشر سنين ثم تدنى من جماجم الناس حتى تكون قاب قوسين
عن أبي عثمان النهدي عن سلمان قال: تدنى الشمس من الناس يوم القيامة حتى تكون من رؤوسهم قاب قوسين فتعطى حر عشر سنين وليس على أحد يومئذ طحرية ولا يرى فيها عورة مؤمن ولا مؤمنة لا يضر حرها يومئذ مؤمنا ولا مؤمنة وأما الآخرون أو قال الكفار فتطبخهم طبخاً فإنما تقول أجوافهم: [غق غق] قال نعيم: الطحرية: الخرقة
عن سليم بن عامر، عن المقداد بن الأسود رضي الله عنه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: تدنى الشمس يوم القيامة من الخلق حتى تكون منهم كمقدار ميل قال سليم بن عامر فو الله ما أدري ما يعني بالميل أمسافة الأرض أو الميل الذي تكحل به العين قال [فيكون الناس على قدر أعمالهم في العرق، فمنهم من يكون إلى كعبيه، ومنهم من يكون إلى ركبتيه، ومنهم من يكون إلى حقويه، ومنهم من يلجمه إلجاماً] قال: وأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى فيه» ، وأخرجه الترمذي وزاد قوله تكحل به العين فتصهرهم الشمس
ذكر ابن المبارك، أخبرنا مالك بن مغول، عن عبيد الله بن العيزار قال: إن الأقدام يوم القيامة مثل النبل في القرن والسعيد الذي يجد لقدميه موضعاً يضعهما عليه، وإن الشمس تدنى من رؤوسهم حتى لا يكون بينها وبين رؤوسهم إما قال ميلاً أو ميلين ثم يزاد في حرها بضعة وستون ضعفاً، وعند الميزان ملك إذا وزن العبد نادى ألا إن فلان بن فلان قد ثقلت موازينه وسعد سعادة لا يشقى بعدها أبداً ألا فلان ابن فلان قد خفت موازينه وشقى شقاء لا يسعد بعده أبداً.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن العرق يوم القيامة ليذهب في الأرض سبعين باعاً وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو آذانهم يشك ثور أيهما» قال: أخرجه البخاري، «وعن ابن عمر رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه وسلم {يوم يقوم الناس لرب العالمين} قال: يوم يقوم أحدهم في رشحه إلى نصف أذنيه» أخرجه البخاري والترمذي وقال: حديث صحيح مرفوعاً وموقوفاً.
عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {يوم يقوم الناس لرب العالمين} ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بكم إذا جمعكم الله عز وجل كما يجمع النبل في الكنانة خمسين ألف سنة لا ينظر إليكم» ؟ قال الوائلي غريب جيد الإسناد
قال القرطبي رحمه الله: ظاهر ما رواه ابن المبارك عن سلمان أن الشمس لا يضر حرها مؤمن ولا مؤمنة العموم في المؤمنين وليس كذلك لحديث المقداد المذكور بعده، وإنما المراد لا يضر حرها مؤمناً كامل الإيمان أو من استظل بظل عرش الرحمن كما في الحديث الصحيح «سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله» الحديث رواه الأئمة مالك وغيره