لقد وصف الله الجنة لعباده المؤمنين، ليزدادوا لها شوقاً ومسابقة وعملاً، فوصف لهم ما فيها من الأنهار والأشجار، وما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين من النعيم الأبدي، ووصف لهم ما فيها من الدرجات العالية والمنازل الرفيعة، وما لهم من الزوجات الحسان، وبالمقابل وصف لهم مقام أهل المعاصي والآثام وما يلقونه من الإهانة والنكال
بادروا بالمنافسة والمسارعة إلى الجنة، ليقم القائمون، وليصم الصائمون، وليتصدق المتصدقون، أقبلوا على اللطيف الخبير، وأصلحوا ما دام في العمر فسحة، فإنكم والله لا تدرون لعلكم لا تصبحون بعد أن تمسوا، ولا تغتروا بهذه الحياة الدنيا فإنها دار غرور، خداعة مدبرة فانية، فالله الله فيما يقربكم من الله والدار الآخرة! فإن الآخرة مقبلة باقية ثم فريق في الجنة وفريق في السعير.
فإن سألتم عن سعة الجنة فاسمعوا إلى المولى جل جلاله وهو يصفها لنا في كتابه العزيز ويقول: وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عرضها السماوات وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ. ويقول أيضاً جل جلاله وهو يصف لنا سعة الجنة: سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ
ثم لنتفكر في هذه الجنة ما هو بناء هذه الجنة، هذه الجنة دار؛ قصورها مبنية بلبنة من ذهب ولبنة من فضة، وملاطها المسك الأذفر، وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت، وتربتها الزعفران، هذه الجنة فيها خيام اللؤلؤ المجوفة
فخيّل لنفسك عزيزي القارئ، اول ما تدخل الجنة، تأكل زيادة كبد الحوت وهي في غاية اللذة وقيل انه اخنأ طعام، ثم يُذبح لكم ثور الجنة، ثم تشرب من عين اسمها سلسبيل. ثم تسمع مناد يُنَادِي: إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلَا تَسْقَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلَا تموتوا أبدا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلَا تَهْرَمُوا أَبَدًا، وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلَا تَبْتَئِسُوا أَبَدًا
فأهل الجنة راضون بما أعطاهم ربهم جل وعلا، حتى إن أدناهم يرى أنه لم يعط أحد مثل عطائه
روى مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إِنَّ أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً رَجُلٌ صَرَفَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ قِبَلَ الجَنَّةِ.. الحديث“. وفيه: “فَإِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الأَمَانِيُّ، قَالَ اللَّهُ: هُوَ لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ، قَالَ: ثُمَّ يَدْخُلُ بَيْتَهُ، فَتَدْخُلُ عَلَيْهِ زَوْجَتَاهُ مِنَ الْحُورِ الْعِينِ، فَتَقُولَانِ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَحْيَاكَ لَنَا وَأَحْيَانَا لَكَ، قَالَ: فَيَقُولُ: مَا أُعْطِيَ أَحَدٌ مِثْلَ مَا أُعْطِيتُ“
وروى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي سعيد الخدري – رضي الله عنه – أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: “إِنَّ اللَّهَ تعالى يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، فَيَقُولُ: هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: ومَا لَنَا لا نَرْضَى وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، فَيَقُولُ: أَنَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ، قَالوا: يَا رَبِّ، وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّعَلَيْكُمْ رِضْوَانِي، فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُم بَعْدَهُ أَبَدًا“
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
فيا له من مقام، ويا لها من سعادة، ويا له من هناء، فتخيّل نفسك أنك في هذا النعيم، كيف سيكون قلبك؟ ماذا ستحكي للنبي عندما تراه؟ ماذا يتقول لأهلك عندما تجتمعون في قصركم في الجنة؟
يُتبع ..