من أهل مصر عبد الله بن وهب بن مسلم القرشي
مولاهم، مولى يزيد بن ريحانة ويقال مولى بني فهر قاله الباجي.
قال البخاري: هو مولى ريحانة.
روى عن مالك والليث وابن أبي ذئب ويونس بن يزيد والثوري وابن عيينة وابن جريج وابن أنعم وعبد العزيز بن الماجشون ويحيى بن أيوب ونحو أربعمائة شيخ من المصريين والحجازيين والعراقيين وقرأ على نافع وروى عنه الليث وصرح باسمه.
ومن أروى الناس عنه أصبغ بن الفرج وسحنون وأحمد بن صالح وابن بكير ويونس وأبو الطاهر وقتيبة وابن عفير والوقار والقراطيسي والحارث بن مسكين وبنو عبد الحكم وحرملة وأبو مصعب الزهري وغير واحد.
قال الشيرازي: تقفه بمالك وعبد الملك بن الماجشون وابن أبي حازم وابن دينار والمغيرة والليث.
قال حرملة: سمعت ابن وهب يقول لقيت ثلاثمائة عالم وستين عالماً، ولولا مالك لضللت في العلم……وقد حدث الليث عن ابن وهب بحديث كثير.
قال أبو الطاهر: سمع ابن وهب من مالك قبل ابن القاسم ببضع عشرة سنة وصحب مالكاً من سنة ثمان وأربعين إلى مات ولم يشاهد ابن وهب موته، كان خرج للحج.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وقال ابن وضاح: حج ابن وهب سنة أربع وأربعين وفيها لقي مالكاً أولاً.
قال الشيرازي: صحب ابن وهب مالكاً عشرين سنة.
ذكر مكانته من الفقه والحديث وثناء الأجلاء عليه:
قال أبو عمر: يقولون إن مالكاً لم يكتب لأحد بالفقيه إلا إلى ابن وهب وقاله ابن وضاح وكان يكتب إليه: عبد الله بن وهب فقيه مصر.
قال الشيرازي: كان مالك يكتب إليه: إلى أبي محمد المفتي وحكى مثله أبو الطاهر، زاد ولم يكن يفعل هذا بغيره.
وقال مالك: ابن وهب إمام وقال: ابن وهب عالم ونظر إليه مرّة فقال: أي فتى لولا الإكثار.
وقال أحمد بن حنبل: ابن وهب عالم صالح فقيه كثير العلم وقال أيضاً ابن وهب صحيح الحديث عن مشايخه الذين روى عنهم.
قال أبو مصعب: كنا إذا شككنا في شيء من رأي مالك بعد موته كتب ابن دينار والمغيرة وكبار أصحابه إلى ابن وهب فيأتيناً جوابه.
قال هارون القاضي الزهري: كان أصحاب مالك بالمدنية يختلفون في قول مالك بعد موته فينتظرون قدوم ابن وهب فيصدرون عن رأيه.
وقال ابن وضاح: كان أهل الحجاز يحتاجون إلى ابن وهب في علم الحجاز، وأهل العراق يحتاجون إليه في علم العراق وكان عنده علم كثير ونعي إلى ابن عيينة فترحم عليه وقال: أصيب به المسلمون عامة وأصبت به أنا خاصة.
قال أبو زرعة: نظرت من حديث ابن وهب نحو ثمانين ألف حديث فما رأيت له حديثاً لا أصل له وهو ثقة وهو أفقه من ابن القاسم.
وقال الكوفي: هو ثقة صاحب سنة وآثار، رجل صالح.
وقال محمد بن عبد الحكم وابن بكير: هو أثبت الناس في مالك.
قال أصبغ: ابن وهب أعلم أصحاب مالك بالسنن والآثار.
قال الحارث: جمع ابن وهب الفقه والرواية والعبادة، وكان إماماً ورزق من العلماء محبة، وحظوة من مالك وغيره.
قال أبو زيد: وكنا نسمي ابن وهب ديوان العلم.
قال حرملة: رأيت كتاب مالك، إلى ابن وهب مفتي مصر.
وكان ابن القاسم يقول: لو مات ابن عيينة لضربت إلى ابن وهب أكباد الإبل، ما دوَّن أحد العلم تدوينه.
ذكر مذهبه في الرواية:
قال ابن وهب: كل شيء في كتبي )كتب إليّ مالك( فقد سمعته منه وكانت له منه خاصة.
قال ابن وهب: قال لي مالك: ما خلفك عنا منذ ليال.
فقال: كنت أرمد.
قال مالك: أحسب من كتب الليل.
قلت أجل.
فصاح مالك بالجارية هاتي من ذلك الكحل لصديقي المصري ابن وهب.
قال إسماعيل بن قعنب: كنت مع ابن وهب عند مالك فكانت الهدية تأتي إلى مالك بالنهار ويهديها إلى ابن وهب باللّيل.
باب في غير شيء من أخباره:
قال الربيع صاحب الشافعي: جئنا عبد الله بن وهب للسماع واجتمع على بابه خلق كثير، فقام ليفتح الباب، فلما فتحه ازدحمنا للدخول فسقط وشج وجهه،
فقال: ما هذا إلا الخفّة وقلة الوقار ونحو هذا، والله لا أسمعتكم اليوم حرفاً، ثم قعد وقعدنا، فلما رأى ما بنا من الهدوء، قال أين سكينة العلم؟ إنما أنا أكفِّر عن يميني وأسمعكم اليوم، فكفّر وأسمعنا.
ونظر ابن وهب إلى رجل يمضغ اللبان فقال له: إنه يقسي القلب ويضعف البصر ويكثر القمل.
ذكر عبادته وزهده وخوفه ووفاته:
قال أبو عمر: كان ابن وهب صالحاً خائفاً لله.
قال غيره: كان كثير الحج.
قال سحنون: كان ابن وهب قد قسم دهره أثلاثاً، ثلث في الرباط، وثلث يعلم الناس بمصر وثلث بالحج وذكر أنه حج ستاً وثلاثين حجة.
قال ابن أخيه: ما رأيت قط أزهد في الدنيا منه، كان ينهدم عليه بعض بنائه فلا يصلحه، وما بنى قط شيئاً، ولا رأيت أكثر رباطاً منه.
قال: وشهدت عبد الله بن وهب يقرأ عليه في منزله كتاب الأهوال الذي كان يرويه أنه بلغه عن أبي هريرة وشهده أبو أسامة البكاء فأخذا في البكاء، ثم أن أبا أسامة قام بتلك الرِّقة وابن وهب على حالته من البكاء والقارىء يقرأ وابن وهب ينشج رافعاً صوته، حتى أني لأحسب من كان على خمسين ذراعاً يسمعه، فلم يزل كذلك حتى مال على الحائط الذي كان مستنداً إليه، ثم احتمل إلى منزله فلم يزل على حاله لا يعقل حتى توفي، فكنا نرى أن قلبه انصدع.
قال يونس: قال ابن وهب: إن أصحاب الحديث طلبوا مني أن أسمعهم صفة الجنة والنار، وما أدري أقدر على ذلك، ثم قعد لهم، فقرأوا عليه صفة النار، فغشى عليه فرش بالماء وجهه، فقيل اقرأوا عليه صفة الجنة، فلم يفق وبقي كذلك اثني عشر يوماً فدعي له طبيب فنظر إليه فقال: هذا رجل انصدع قلبه وكانت وفاته بمصر سنة سبع وتسعين ومائة فيما قاله أحمد بن صالح والكندي.
وقال ابن سحنون: الثابت أنه مات سنة ست وتسعين وهو ابن اثنتين وسبعين سنة وقيل ابن خمس وسبعين سنة وقيل ابن ثمانين.
ولد بمصر سنة أربع وعشرين ومائة وقيل سنة خمس وعشرين.
قال أبو اسحاق: وكان أسنّ من ابن القاسم بثلاث سنين، وعاش بعده خمس سنين.
قال ابن أخيه: لما توفي ابن وهب رأى رجل في المنام تلك الليلة أنه قيل له: مات الليلة أربعمائة عالم، فلما انتبه سمع النوح، فسأل فقيل له: مات ابن وهب.
قال: وكان ابن وهب روى عن أربعمائة عالم.
قال الطباع: لما غسلوا ابن وهب وجدوا فيه رطبة وصلى عليه عبّاد والي مصر.
قال أبو بشر بن قعنب: رأيت ليلة مات ابن وهب كأن مائدة العلم رفعت.
قال الطباع وغيره: وبيعت كتبه بعد موته، فبلغت خمسمائة دينار ……
وألف تآليف كثيرة جليلة المقدار عظيمة المنفعة منها سماعه من مالك ثلاثون كتاباً وموطأه الكبير وجامعه الكبير وكتاب الأهوال وبعضهم يضيفها إلى الجامع، وكتاب تفسير الموطأ، وكتاب البيعة وكتاب لا هام ولا صفر وكتاب المناسك وكتاب المغازي وكتاب الردة.
وله أخ اسمه عبد الرحمان والد أحمد وعبد العزيز وأخ اسمه عمرو بن وهب…..وكان له ابن اسمه حميد.
رحمه الله تعالى.
من ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك للإمام القاضي العلامة الحافظ شيخ الإسلام أبي الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي الأندلسي ثم السبتي المالكي توفي 544 هـ رحمه الله تعالى.