يظهر من الأحاديث الواردة عن النبيّ عليه السلام، ومجالسته لزوجته عائشة أنّها كانت تُظهر للنبي أدباً جمّاً، وحباً ظاهراً، وحُسن خلقٍ بين يديه، ففي الحديث الطويل الذي قصّته السيدة عائشة لزوجها عن أمّ زرعٍ، وأبي زرعٍ، يظهر حبّها للنبيّ، ومسامرته لها، وقصّها القصص عليه، وحين ختمت السيدة عائشة قصّتها، أجابها النبي -عليه السلام- بقوله: (كنْتُ لكِ كأَبِي زرعٍ لأمِّ زرعٍ)، ولم تكتفِ السيدة عائشة بسماعها هذا من النبيّ عليه السلام، بل أثنت عليه بأنّه خيرٌ من أبي زرعٍ.
ولقد بدا اجتهاد السيدة عائشة لتكون زوجةً مثاليةً لزوجها محمدٍ عليه الصلاة والسلام، وتعدّدت أوجه عنايتها به، ابتداءً من حسن مظهرها، وطيب ريحها، إلى ترتيب بيتها، واستقبال ضيوف زوجها وغير ذلك، وفيما يأتي ذكرٌ لجوانب اهتمام السيدة عائشة بالنبي عليه السلام، وحسن مُعاملتها له:
- خدمة السيدة عائشة للنبي عليه السلام في بيته: فقد ورد أنّها كانت تطحن العجين، وتفتل قلائد هدي النبيّ عليه السلام، وورد عنها أنّها كانت تضع له الطيب في حلّه، ولقد كان من الممكن أن يُطيّب النبي -عليه السلام- نفسه بنفسه، إلّا أنّها من حبّها وحرصها عليه أرادت أن تخدمه بما استطاعت، فقدّمت له الطيب بيده
- تزيّنها وتطيّبها لزوجها: فقد كانت السيدة عائشة تلبس المعصفر، والمضرّج، وتتحلّى بالذهب، وتأتي ما يعجب النبي عليه السلام، وتتجنب كلّ ما لا يعجبه، وكانت حسنة المظهر، ونظيفةٌ طيبة الملبس.
- تفضيلها الحياة مع النبي -عليه السلام- رغم المشقّة، وصعوبة المعيشة، وعدم وجود حتى الطعام باستمرارٍ: لقد كان بيتها غرفةً واحدةً صغيرةً بجانب المسجد، جدرانها من طينٍ، وسقفها من جريدٍ، ومع ذلك فقد اختارت السيدة عائشة جوار النبيّ، على اختيار الحياة الدنيا، وزينتها ومتاعها، ولقد خيّرها النبي -عليه السلام- في ذلك، وأمرها أن تشاور أهلها قبل أن تعطيه الإجابة، وتلا عليها الآية الكريمة: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ إِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا*وَإِن كُنتُنَّ تُرِدْنَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّـهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)، فلم تأخذ عائشة -رضي الله عنها- وقتاً للتفكير في هذا؛ بل أجابت النبيّ -عليه السلام- فوراً: أنّها قد اختارت الله ورسوله
- عونها للنبيّ -عليه السلام- في السلم والحرب: فقد كانت ترفع همّة النبيّ -عليه الصلاة والسلام- في الحروب، وتقوّي عزيمته، وتحاول إذهاب همّه، وكانت تشاركه في غزواته كلّما أُتيحت لها الفرصة لذلك.
- دلالها على النبيّ عليه السلام: وهو من أسباب التحبّب له، فذات مرّةٍ سألته السيدة عائشة، فقالت: (أرَايتَ لو نزلْتَ واديًا وفيهِ شجرةٌ قدْ أُكِلَ منها، ووجدْتَ شجرًا لمْ يُؤكَلْ منها، في أيِّهَا كنتَ تُرتَعُ بعيرَكَ؟ قالَ: في التي لمْ يُرْتَعْ منْها)، وكانت تعني بهذا القول نفسها، إذ لم يتزوّج النبيّ -عليه السلام- بكراً غيرها.
الغيرة بين زوجات النبيّ
كان حبّ النبي -عليه السلام- لزوجته عائشة ظاهراً بين أصحابه، حتى صار من يريد من الصحابة أن يُهدي للنبيّ شيئاً، يتحرّى أن يقدّمه له وهو في بيت عائشة، فشعرت زوجات النبي -عليه السلام- بذلك، ورغِبن بمراجعته بهذا، فذكرت إليه أمّ سلمة -رضي الله عنها- ذلك، تقول أمّ سلمة: (فأَعَرَضَ عَنِّي، فلما عادَ إليَّ ذَكَرْتُ له ذلك فأَعَرَضَ عني، فلما كان في الثالثةِ ذَكَرْتُ له، فقال: يا أمَّ سَلَمَةَ، لا تُؤْذِيني في عائشةَ، فإنّه واللهِ ما نَزَلَ عليَّ الوَحْيُ وأنا في لحافِ امرأةٍ منكن غيرَها)، وورد كذلك أنّ عائشة -رضي الله عنها- كانت تغار على النبيّ -عليه السلام- من زوجاته، وكانت أكثر ما تغار من خديجة رضي الله عنها؛ لكثرة ما كان النبيّ -عليه السلام- يذكرها، تقول عائشة -رضي الله عنها- عن خديجة: (ولكن كان النبيُّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم- يُكثرُ ذِكرَها، وربما ذبح الشاةَ، ثمّ يُقَطِّعُها أعْضاءً، ثُمَّ يَبْعَثُها في صَدائِقِ خديجَةَ، فربما قُلْت له: كأنّهُ لم يكُن في الدنيا امرأةٌ إلّا خديجةُ، فيقول: إنّها كانت، وكانت، وكان لي منها ولدٌ).
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website