الفصل الثالث عشر
شذوذ الألباني عن المذاهب الأربعة
لا شك أن أهل السنة والجماعة أجمعوا على فضل أصحابالمذاهب الأربعة أبي حنيفة النعمان، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل رضوان الله عليهم.
أما الألباني الذي يهوى الشذوذ فله رأي ءاخر حيث يقول: بأن عيسىلما ينزل لا يحكم بالنصرانية ولا باليهودية ولا بالفقه الحنفي [1].
فانظرواكيف يتكلم عن هذا العالم الجليل الذي فسر به حديث: “لو كان العلم بالثريا لتناولهناس من أبناء فارس” [2].
فكيف يقول عن أبي حنيفة النعمان هذا وقد أخذ علمهمن التابعين والتقى بأنس بن مالك لما دخل الكوفة، ومشايخه كثر أمثال عطاء بن أبيرباح والشعبي ونافع مولى ابن عمر [3]، ومحمد بن المنكدر وابن شهاب الزهري ومحمدالباقر وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج وحماد بن أبي سليمان وجميعهم من أكابرالتابعين.
وروى عه خلق كثير، ودرس على يديه أكابر العلماء مثل محمد بن الحسنشيخ الشافعي وأبي يوسف القاضي ووكيع الشافعي وعبد الله بن المبارك وزفر بن هذيلالتميمي وداود الطائي وحماد بن أبي حنيفة وغيرهم، حتى قال عنه الشافعي: “الناس عيالعلى فقه أبي حنيفة”، وقال عنه يحيى بن مَعين أحد نقاد الرجال: “كان أبو حنيفة لايدرّس إلا من حفظه“.
فلأي سبب تطعن بمثل هذا الإمام أيها الألباني، وأي شئجعلك تطعن بالشافعي والحافظ البغدادي يروي عنه [4] بالإسناد الصحيح أنه قال: “إنيلأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره كل يوم فإذا عرضت لي حاجة صليت ركعتين وجئت إلىقبره وسألت الله الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى“.
فماذا تقول بعد هذاالبيان أيها الألباني! هل ترجه عن قولك هذا أم تناطح رجلاً كالشافعي فُسر به حديثالنبي صلى الله عليه وسلم: “عالم قريش يملأ الأرض علمًا” [5]، أم تراك تغير على هذاالحديث بالتضعيف لتهشم الشافعي وترفع من قدر نفسك لجهلك بمعنى الحديث الذي رواهالحاكم [6] وفيه: “من أقام بمسلم مقام سمعة أقامه الله يوم القيامة مقام سمعةورياء“.
وحسبنا حكمًا بيننا وبينك قول أفضل البشر وخاتم النبيين سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم: “ليس من أمتي من لم يجلّ كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمناحقّه” رواه أحمد وغيره [7].
فمن أي باب يا ألباني تذم الإمام أبا حنيفةوالشافعي وأنت بلغ جهلك مبلغه، ولأي سبب تحمل على أئمه السلف وأنت مفلس من العلموالفقه، لقد صدق سيدنا علي رضي الله عنه حين قال: “والجاهلون لأهل العلم أعداء” أماءان لكم يا جماعة الألباني أن تسكتوا وتكفوا عن هؤلاء الشرفاء الأطهار الذين رفعواراية محمد وحفظوا السنة.
الهوامش:
[1] انظر كتابه المسمى “صحيح الترغيب والترهيب”: باب نزول عيسى.
[2] مسند أحمد [2/420].
[3] وهوأثبت الناس بحديث ابن عمر.
[4] تاريخ بغداد [1/123].
[5] رواه البيهقي فيمناقب الشافعي [1/54].
[6] المستدرك [4/128].
[7] مسند أحمد [5/323]، وعزاهالهيثمي في مجمع الزوائد [1/127] للطبراني في المعجم الكبير
الفصل الرابع عشر
شذوذ الألباني عن الجمهور
فيحكم على نفسه بأنه ليس جمهوريًّا
يقول ناصر الدين الألباني في تعليقه علىقول الطحاوي: “ونجتنب الشذوذ والخلاف والفرقة” بقول [1]: “قلت: يعني الشذوذ عنالسنة ومخالفة الجماعة الذين هم السلف كما علمت، وليس من الشذوذ في شئ أن يختارالمسلم قولاً من أقوال الخلاف لدليل بدا له، ولو كان الجمهور على خلافه خلافًا لمنوهم، فإنه ليس في الكتاب ولا في السنة دليل على أن كل ما عليه الجمهور أصح مما عليهمخالفوهم عند فقدان الدليل” اهـ، إلى أن قال: “وأما عند الاختلاف فالواجب الرجوعإلى الكتاب والسنة، فمن تبيّن له الحق اتبعه ومن لا استفتى قلبه سواء وافق الجمهورأو خالفهم، وما أعتقد أن أحدًا يستطيع أن يكون جمهوريًا في كل ما لم يتبين له الحقبل إنه تارة هكذا وتارة هكذا حسب اطمئنان نفسه وانشراح صدره وصدق رسول الله إذ قال: “استفت قلبك وإن أفتاك المفتون” اهـ.
الرد: إن هذهدعوة إلى ترك ما عليه جمهور الأمة ومخالفة صريحة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد من أرادبحبوحة الجنة فليلزم الجماعة” [2].
ومعنى الجماعة في هذه الحديث لم يرد بهاالرسول صلى الله عليه وسلم الجماعة في الصلاة إنما المعنى معنى حديث ابن حبان [3]: “ثلاثٌ لا يُغلُّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العمل لله، ومناصحة ولاة الأمر، ولزومالجماعة فإن دعوتهم تحيط من وراءهم“.
وقد كتبت مجلة “التمدن الإسلامي” منذ أربعين سنة أنه اجتمع الألباني بالمحدث الشيخ عبد الله الهرري فقال الألباني: تضعأربعة أسس الكتاب والسنة والإجماع والقياس، ثم بعد أن بدأ بالكلام قال: الإجماع إذالم يكن معه نص لا أقبل، فقال له المحدث الهرري: أنت متلاعب اتفقنا على أن الأدلةالشرعية أربعة والآن جعلتها ثلاثة فأنا لا أمضي معك على هذا أنت تناقض نفسك قلتالأدلة الشرعية أربعة عليها نبني المناظرة ثم جعلتها ثلاثة.
ودعوة الألبانيأيّ إنسان أن يعمل بحديث: “استفت قلبك وإن أفتاك المفتون” فيه تشجيع الجهال على تركالعمل بما عليه أهل الاجتهاد والعمل بما تميل إليه نفوسهم، ولا يخفى أن الجاهل قديميل قلبه إلى ما يخالف الشرع فكيف يترك فتوى المجتهدين المعتبرين ويعمل بما تميلإليه نفسه، وهذا الحديث كان الخطاب فيه لوابصة بن معبد وهو من مجتهدي الصحابة،فوابصة ومن كان مثله في الأهلية لأخذ الحكم من القرءان والحديث يأخذ بما ظهر له منالأدلة على حسب اجتهاده، وليس المراد كلّ فرد من أفراد المسلمين وإلا لأدى ذلك إلىالفوضى قال الأفوه الأودي:
لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم *** ولا سراةَإذا جهالهم سادوا
والسراة: الأشراف من أهل الفهم الذين يصلحون للقيادة،ويعلم أنه ليس كل من سمع حديثًا له أهلية الاجتهاد أي استنباط الأحكام من الحديثلقوله صلى الله عليه وسلم: “نضر الله امرأً سمع مقالتي فوعاها وحفظها وبلغها فربّحامل فقه إلى من هو أفقه منه [4]”، وفي رواية: “وربّ حامل فقه ليس بفقيه [5]” فقدأفهمنا الرسول عليه السلام بذلك أنه قد يسمع منه الشخص الحديث المتضمن للأحكام ولايكون عنده أهلية الاستنباط ويحمله إلى من هو أفقه منه أي من له أهلية الاستنباط،وفي قوله عليه السلام: “وربّ حامل فقه ليس بفقيه” دليل على أن الذين لا يستطيعون أنيستخرجوا الفقه من الحديث أكثر من الذين يستطيعون، وهذا موافق لقول النحويين: ربّللتكثير كثيرًا.
فكيف يتجرأ مثلك يا ألباني على تأليف فتاوى، وما أنت إلاكما قال الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي: “من لم يأخذ الحديث من أفواه العلماء لايسمى محدثًا بل يسمى صحفيًا”، إنما المحدث كما قال الحافظ السلفي:
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
بادر إلىعلم الحديث وكتبه *** واجهد على تصحيحه من كتبه
واسمعه من أشياخه نقلاً كما *** سمعوه من أشياخهم تسعد به
وأنت تعرف نفسك ويعرفك غيرك أنك لم تقرأ كتابًا فيالحديث على محدّث قرأ على غيره من المحدثين بالاتصال خلفًا عن سلف، أما تستحي مندعواك أنك محدث وأنك من أهل الفتوى وأنت مبتور مقطوع.
الهوامش:
[1] أنظر [ص/48] من الكتاب.
[2] رواه الترمذي: كتاب الفتن: باب ما جاء في لزوم الجناعة.
[3] أنظر الإحسان بترتيبصحيح ابن حبان [2/35].
[4] أخرجه الترمذي في سننه: كتاب العلم: باب ما جاء فيالحث على تبليغ العلم.
[5] المصدر السابق.