الفصل العاشر
الألباني ينكر تسمية ملك الموت عزرائيل
ومما يدل على جهل الألباني بما أجمعت عليه الأمة وعدماطلاعه أنه ينكر تسمية ملك الموت بعزرائيل، حيث يقول إن تسميته بعزرائيل كما هوشائع بين الناس فلا أصل له وإنما هو من الإسرائيليات.
فنقول له: كلا ليس كمازعمت، فقد نقل القاضي عياض [1] الإجماع على أن اسم ملك الموت عزرائيل، وهذا الإجماعوحده كافٍ لأن الأمة معصومة عن الخطإ في إجماعها، قال أبو مسعود البدري رضي اللهعنه: “وعليكم بالجماعة فإن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة”، وهذا موقوف صحيحالإسناد كما قال الحافظ ابن حجر [2]، وذكر الحافظ ابن الجوزي الحنبلي ملك الموتباسم عزرائيل في بعض مؤلفاته.
فإذا كان هذا الألباني لا يعرف ما اجتمعت عليهالأمة ويقول عن أمر مجمع عليه إنه من الإسرائيليات فيجب أن تُكف يده عن العبثبالدين ويُمنع من الفتوى لئلا يفتن بجهله العوام، وأنت يا أخي المسلم اسمع كلامسيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث قال: “الناس ثلاثة عالم رباني، ومتعلم علىسبيل النجاة، وهمج رعاع أتباع كل ناعق يميلون مع كل ريح”، فاحذر أن تكون من النوعالثالث.
الهوامش:
[1] كتاب الشفا [2/303].
[2] موافقة الخبر الخبر [1/115].
الفصل الحادي عشر
بيان شذوذ الألباني عن أهل السنةوالجماعة
لقد سلك المدعو الألباني طريقًا شائكًا لنصرة معتقدهوللفت الأنظار إليه والتمويه على العوام فتهجم على أهل السنة والجماعة ورماهمبالكفر، فقد ذكر [1] أن الأشاعرة اليوم كلهم كفار وأغلب الماتريدية إن لم يكونواكلهم، ومن راجع فتاويه وجد الطعن في أكثر من موضع بالأشاعرةوالماتريدية.
فنسأل الألباني: هل تعرف الفرق بين الأشاعرة والماتريدية منجهة وبين المعتزلة من جهة أخرى؟
ألم تسمع أن الحافظ ابن عساكر أخرج في كتاب “تبيين كذب المفتري” والحاكم في “المستدرك” أنه لما نزل قول الله تعالى: {يا أيها الذينَ ءامنوا مَن يرتدَّ منكُم عندينهِ فسوفَ يأتي اللهَ بقومٍ يُحبُّهم ويُحبونهُ أذِلَّةٍ على المؤمنينَ أعِزَّةٍعلى الكافرينَ يجتهدونَ في سبيلِ الله ولا يخافونَ لومةَ لائمٍ ذلكَ فضلُ اللهِيُؤتيهِ مَن يشاءُ واللهُ واسعٌ عليمٌ} [سورةالمائدة/54] أشار النبي إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه فقال: “هم قومهذا“.
قال القشيري: فأتباع أبي الحسن الأشعري من قومه لأن كل موضع أضيف فيهقوم إلى نبي أريد به الأتباع، قاله القرطبي [2]، وقال الحافظ البيهقي: وذلك لما وجدفيه من الفضيلة الجليلة والمرتبة الشريفة للإمام أبي الحسن الأشعري رضي الله عنهفهو من قوم أبي موسى وأولاده الذين أوتوا العلم ورزقوا الفهم مخصوصًا من بينهملتقوية السنة وقمع البدعة بإظهار الحجة ورد الشُّبه، ذكره ابن عساكر [3]. وروىالإمام البخاري [4] أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن أبي موسى الأشعري وقومه: “هم مني وأنا منهم”، ونحن نحمد الله تعالى على هذه العقيدة السنية التي نحن عليهاوالتي كان عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ومن تبعهم بإحسان والتي مدحالرسول صلى الله عليه وسلم معتنقها، فقد روى الإمام أحمد والحاكم [5] بسند صحيح: “لتفتحنّ القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش”، ولقد فتحتالقسطنطينية بعد ثمانمائة عام فتحها السلطان محمد الفاتح رحمه الله، وكان سنيًّاماتريديًّا أشعريًّا يعتقد أن الله موجود بلا مكان ويحب الصوفية الصادقين ويتوسلبالنبي صلى الله عليه وسلم وبالأولياء وكان له شيخ صوفي من المحققين بالتصوف كانيتوجه بإشارته، وجيشه شمله تزكية الرسول لهم وكانوا كذلك أشاعرة ماتريدية، وعلى هذاالاعتقاد مئات الملايين من المسلمين سلفًا وخلفًا في الشرق والغرب تدريسًا وتعليمًاويشهد بذلك الواقع المشاهد، ويكفي لبيان حقية هذا كون الصحابة والتابعين ومن تبعهمبإحسان على هذه العقيدة، فممن تبعهم بإحسان هؤلاء الحفاظ الذين هم رؤوس أهل الحديث: الحافظ أبو بكر الإسماعيلي صاحب المستخرج على البخاري، ثم الحافظ العلم المشهور أبوبكر البيهقي، ثم الحافظ الذي وصف بأنه أفضل المحدثين بالشام في زمانه ابن عساكر،كان كل واحد من هؤلاء علَمًا في الحديث في زمانه، ثم جاء من هو على منهجهم الحافظالموصوف بأنه أمير المؤمنين في الحديث أحمد بن حجر العسقلاني، فمن حقق عرف أنالأشاعرة فرسان ميادين العلم والحديث وفرسان ميادين الجهاد. ويكفي أن منهم مجددالقرن الرابع الهجري الإمام أبا الطيب سهل بن محمد، وأبا الحسن الباهلي، وأبا بكربن فورك وهو أحد شيوخ البيهقي في الحديث، وأبا بكر الباقلاني، وأبا إسحاقالأسفراييني، والحافظ أبو نعيم الأصبهاني، والقاضي عبد الوهاب المالكي، والشيخ أبامحمد الجويني، وابنه أبا المعالي إمام الحرمين، والحافظ الدارقطني، والحافظ الخطيبالبغدادي، والأستاذ العالم المحدث أبا القاسم القشيري، وابنه أبا نصر، والشيخ أباإسحاق الشيرازي، ونصرًا المقدسي، والغزالي، والفراوي، وأبا الوفاء بن عقيل الحنبلي،والحافظ الفقيه الحنفي عبد الرزاق الطُّبسي، وقاضي القضاة الدامغاني الحنفي، وأباالوليد الباجي المالكي، وابن الدبيثي، والإمام المحدث المفسر الفقيه الصوفي علمالزهاد السيد أحمد الرفاعي، والحافظ ابن السمعاني، والحافظ القاضي عياضًا، والحافظالسلفي، والحافظ الفقيه النووي، والفقيه المفسر الأصولي فخر الدين الرازي، والعز بنعبد السلام، وأبا عمرو بن الحاجب المالكي، والحافظ ابن دقيق العيد، وعلاء الدينالباجي، والحافظ الفقيه اللغوي المجتهد علي بن عبد الكافي السبكي الذي قال فيهالذهبي:
شيوخ العصر أحفظهم جميعًا *** وأخطبهم وأقضاهم عليّ
والحافظالعلائي، والحافظ زين الدين العراقي وابنه الحافظ ولي الدين، والشيخ زكرياالأنصاري، وابن الملقن، والقاضي الجليل ابن فرحون المالكي، وأبا الفتح الشهرستاني،والإمام أبا بكر الشاشي القفال، وأبا علي الدقاق النيسابوري، والحاكم النيسابوريصاحب المستدرك، وخاتمة الحفاظ الحافظ اللغوي السيد محمد مرتضى الزبيدي، ومن أهلالقرن المنصرم الحافظ أحمد الغماري، وغيرهم من أئمة الدين كثير لا يحصيهم إلا الله. ومنهم الوزير المشهور نظام الملك والسلطان العادل العالم المجاهد صلاح الدينالأيوبي طارد الصليبيين من القدس رحمه الله فإنه أمر أن تذاع أصول العقيدة على حسبعبارات الأشعري على المنائر قبل أذان الفجر، وأن تُعلَّم المنظومة في العقيدةالأشعرية التي ألفها له ابن هبة الله المكي للأطفال في الكتاتيب ومنها هذانالبيتان:
وصانع العالم لا يحويه *** قطر تعالى الله عن تشبيه
قد كانموجودًا ولا مكانا *** وحكمه الآن على ما كانا
وليس مرادنا بما ذكرناه إحصاءالأشاعرة فمن يحصي عدد نجوم السماء أو يحيط علمًا بعدد رمال الصحراء؟ ومثلهم فيالعقيدة الحقة الماتريدية أتباع إمام أهل السنة أبي منصور الماتريدي رضي اللهعنه.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
فالأشاعرة والماتريدية هم أهل السنة والجماعة الفرقة الناجية،والفريقان متفقان في أصول العقيدة لا اختلاف بينهم وإنما اختلفوا في بعض الفروعالتي لا تؤدي إلى التبديع والتضليل وقد حصل ذلك بين بعض الصحابة فإن عائشة وابنمسعود كانا ينفيان رؤية الرسول صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج، وأنس وابنعمر كانا يثبتان، ولم يمنع ذلك كون كل منهم على سنة رسول الله صلى الله عليهوسلم.
ففي الفريقين الأشاعرة والماتريدية تحقق حديث رسول الله صلى الله عليهوسلم: “سألت ربي لأمتي أربعًا فأعطاني ثلاثًا ومنعني واحدة، سألته أن لا يكفر أمتيجملة فأعطانيها” رواه الحافظ ابن أبي حاتم كما قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري [6]، فيستحيل أن يضل جمهور أمة محمد وإنما الضلال فيمن خالفهم كفرقتكم المشبهة،وبأي فضيلة يشهد لكم التاريخ يا مشبهة، أنتم الفرقة الذين قال الرسول فيهم: “يقتلونأهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان” وهو من جملة أحاديث البخاري [7]، هذا الوصف هوالذي يشهد به التاريخ عليكم.
ويكفي الأشاعرة فضلاً أن أغلب حفاظ الحديثهمأشاعرة، ويعلم ذلك من تتبع طبقات الحفاظ.
الهوامش:
[1] شريط بصوته يوزع في مدينة فاسوغيرها.
[2] الجامع لأحكام القرءان [6/220].
[3] تبيين كذب المفتري [ص/50].
[4] صحيح البخاري: كتاب المغازي: باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن.
[5] مسند أحمد [4/335]، المستدرك للحاكم [4/424].
[6] فتح الباري [8/293].
[7] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الأنبياء: باب قول الله تعالى: {وإلى عادٍ أخهُم هودًا