الجزء الثالث – هل كان آريوس مسلمًا؟
مَن هم الأَرِيْسِيُّون الوارد ذكرهم في الحديث النَّبويِّ الشَّريف.
روى البُخاري أنَّ الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم كتب إلى قيصر: <أسلِمْ تسلَمْ وإلَّا فإنَّ عليك إثم الأريسيِّين> انتهى؛ قال ابن الأثير في [النهاية]: <فَرُوِيَ الأرِيسِيْنَ بوزن الكريمين. ورُوِيَ الإرِّيْسِينَ بوزن الشَّرِّيبين. ورُوِيَ الأرِيسيِّين بوزن العظِيمِيِّين. ورُوِيَ بإبدال الهمزة ياء مفتوحة في البُخاريِّ> انتهى. وأخذنا بالتَّلقِّي أنَّ الأريسيِّين هم (عامَّة أتباع قيصر)؛ ويُفيده السِّياق؛ أي أنَّ عليك مثلَ إثمهم في استمرارهم على الكُفر اتِّباعا لك.
وقال النَّوويُّ في شرحه على مُسلم: <وَاخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ بِهِمْ عَلَى أَقْوَالٍ: أَصَحُّهَا وَأَشْهَرُهَا: أَنَّهُمُ الْأَكَّارُونَ أَيِ الْفَلَّاحُونَ وَالزَّرَّاعُونَ، وَمَعْنَاهُ: أَنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ رَعَايَاكَ الَّذِيْنَ يَتْبَعُونَكَ وَيَنْقَادُونَ بِانْقِيَادِكَ، وَنَبَّهَ بِهَؤُلَاءِ عَلَىْ جَمِيْعِ الرَّعَايَا لِأَنَّهُمُ الْأَغْلَبُ، وَلِأَنَّهُمْ أَسْرَعُ انْقِيَادًا، فَإِذَا أَسْلَمَ أَسْلَمُوا، وَإِذَا امْتَنَعَ امْتَنَعُوْا، وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ الصَّحِيْحُ> انتهى.
وفي [لسان العرب]: <الْإِرْسُ: الْأَصْلُ وَالْأَرِيسُ: الْأَكَّارُ> انتهى والأكَّار هُو الحارث الفلَّاح. وعمَّا يُقوِّي هذا التَّفسير قال النَّوويُّ في المرجع السَّابق: <فِي رِوَايَةٍ رُوِّينَاهَا فِي كِتَابِ دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ لِلْبَيْهَقِيِّ، وَفِي غَيْرِهِ: (فَإِنَّ عَلَيْكَ إِثْمَ الْأَكَّارِينَ) وَفِي رِوَايَةٍ ذَكَرَهَا أَبُو عُبَيْدٍ فِي كِتَابِ الْأَمْوَالِ (وَإِلَّا فَلَا يَحُلْ بَيْنَ الْفَلَّاحِينَ وَبَيْنَ الْإِسْلَامِ)> انتهى والحديث يفسِّره الحديث كما قال العُلماء: <وخيرُ ما فسَّرته بالواردِ> انتهى.
وقد وجدت بعض الكَتَبَة يذكُرون أنَّ الأريسيِّين هُنا هم أتباع آريوس تقليدًا لأقوالٍ مرَّت في بعض كتُب التُّراث على سبيل تعداد الأوجه المُحتملة لا على سبيل الاعتماد؛ فابن الأثير ت/544ه ذكر الأوجه القويَّة ثُمَّ ذكر عبارة <وقال بعضُهُم> وعدَّ التَّعريف الَّذي يقول: <في رَهط هِرَقل فرقةٌ تعرف بالأَروسِيَّة فجاءَ على النَّسب إِليهم. وقيل إنَّهم أتباع عبدِاللّه بن أرِيس رجل كان في الزَّمن الأوَّل قتلوا نبيًّا بعثه اللّه إليهم> انتهى.
والنَّوويُّ بعد أنْ صحَّح القول الأَوَّل ذكر على سبيل التَّعداد أوجُهًا أُخرى منها أنَّهم: <اليهود والنَّصارى، وهُم أتباع عبدِالله بن أريس الَّذي تُنْسَبُ إليه الأروسيَّة مِن النَّصارى، ولهُم مقالة في كتُب المقالات، ويُقال لهُم: الأروسِيُّون> انتهى، ولا أدري مِن أين جاء ذكر (عبدالله بن أريس) غير أنَّك ترى أنَّ كلام النَّوويِّ وابن الأثير وابن منظور ظاهره أنَّ عبدالله هذا هُو نفسه رئيس الفِرقة الَّتي كانت عند النَّصارى.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website