تزايد الاهتمام بصحة جهاز المناعة بشكل خاص بعد انتشار جائحة كورونا، وبتنا جميعاً نبحث عن وسائل لزيادة قوة جهازنا المناعي، وربما سمع بعضكم عن الدراسات التي تقول إن عناصر مثل فيتامين “د” والزنك والبروبيوتيك تقوي الجهاز المناعي، فهل هذه الدراسات دقيقة حقاً؟ 4 خبراء في علم المناعة يجيبوننا عن هذا التساؤل.
لكن، في البداية دعونا نفهم آلية عمل جهاز المناعة:
كيف يعمل جهاز المناعة؟
ببساطة يقوم الجهاز المناعي في الجسم بالتعرف على كافة الأجسام الغريبة مثل الميكروبات أو الفيروسات، وغيرها ثم يهاجمها ويقوم بإبادتها لحماية الجسم من الأمراض والسموم والخلايا السرطانية.
ويشمل الجهاز المناعي أعضاء مختلفة من جسمنا بما في ذلك اللوزتان والمعدة والطِّحال والغدد اللمفاوية والجسيمات المضادة وخلايا الدم البيضاء.
وبالتالي عندما يكون الجهاز المناعي ضعيفاً، من الطبيعي أن تصبح أجسامنا أكثر عرضة للمرض.
لكن ما الذي يقوي المناعة؟
يقول دافيد نيمان، أستاذ علم الأحياء في جامعة Appalachian State، بولاية كارولينا الشمالية، والخبير في أبحاث مناعة التغذية: “جهاز المناعة معقد، وموزع في جميع أنحاء الجسم، وشديد النشاط. والتغذية الجيدة ضرورية لدعم وظائف الجهاز المناعي المختلفة، لكن هذا الدعم يتحقق باتباع أنظمة غذائية عالية الجودة على المدى الطويل”.
بعبارة أخرى، كلمة السر لتقوية المناعة هي: التغذية السليمة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
هل يوجد معززات فعالة للمناعة؟
وفقاً لما ورد في مجلة Allure الأمريكية، هناك عدد من الدراسات التي تقترح تناول عناصر غذائية معينة مثل الزنك أو مكملات فيتامين “د” أو البروبيوتيك أو الثوم كونها تعزز صحة الجهاز المناعي.
لكن يتفق الخبراء على أن فعالية هذه المعززات قد تختلف من شخص لآخر بسبب اختلاف احتياجات جهاز المناعة لكل شخص، وفي حين قد تكون مفيدة للبعض، فإنها لا تحقق النفع المطلوب للبعض الآخر.
ويقول نيكولاي فان أورس، أستاذ علم المناعة وعلم الأحياء الدقيقة في دالاس: “العديد من الفوائد المشار إليها لمعززات المناعة تم التأكد منها عن طريق تجارب أنابيب الاختبار، لكن لا يمكن تحقيقها ببساطة في الجسم الحي لأنه لا يمكن للمرء أبداً تناول المستويات المطلوبة”.
وتتفق ويلي جاروش، خبيرة التغذية المسجلة في مدينة نيويورك، مع هذا القول. وتقول: “في بعض الحالات، تظهر تقوية جهاز المناعة المشار إليها في إحدى الدراسات لدى الأشخاص الذين يعانون نقصاً في مناعتهم أصلاً. لذا فتناول هذه المغذيات قد لا يأتي بأي فائدة لشخص لا يعاني نقصاً في مناعته”.
وبأخذ ذلك بعين الاعتبار، دعونا نلق نظرة على أبرز معززات المناعة التي يتحدث عنها أولئك الخبراء:
العلاج بالإبر
يقول فان أورس إن الوخز بالإبر قد يساهم في الحد من الالتهاب، إلا أنه يحذر بالقول: “هذا يعتمد على الخصائص الفردية، وقد لا ينجح مع كثيرين”.
ويبدو أن هذا ما يُجمع عليه الخبراء. تقول ويلي: “إن كان الوخز بالإبر يساعد في تقليل مستويات القلق، ويساعدك على النوم، وما إلى ذلك، فهو على الأرجح يوفر لك فائدة مناعية”.
البيلسان أو الخمان الأسود
تقول ويلي: “الخمان من المكملات التي يسألني عنها كثيرون. تشير بعض الأبحاث إلى أن الخمان قد يساعد في تقصير مدة الإصابة بالإنفلونزا والتهاب الجيوب الأنفية. ولكننا نقول مرة أخرى، لا يوجد شيء قاطع”.
يقول سونبال إن أي فائدة محتملة من الخمان مرتبطة بمضادات الأكسدة. ويوضح أن “البيلسان غني بمضادات الأكسدة والفيتامينات التي تعزز جهاز المناعة بشكل مباشر. وتوصلت الأبحاث الوبائية إلى وجود روابط بين الأنظمة الغذائية الغنية بمضادات الأكسدة وانخفاض نسبة الإصابة بالسرطان”.
إذا اخترت إضافة نبات البيلسان إلى نظامك الغذائي، فتحدث إلى طبيبك أولاً، وراقب استهلاكك له. وتجنب البيلسان غير المطبوخ لأنه قد يسبب اضطراباً في المعدة.
الثوم
يقول سونبال إن الثوم قد يكون خياراً آخر تضيفه إلى نظامك الغذائي، وخاصة مستخلص الثوم القديم، الذي توصلت بعض الدراسات إلى احتوائه على خصائص مضادة للأكسدة. ويضيف: “الأبحاث أكثر وضوحاً من حيث تعزيز الثوم لجهاز المناعة”. ووجد العلماء أيضاً مركبات داخل الثوم تزيد من الاستجابة المناعية في الخلايا البيضاء، وهو ما يساعدها في محاربة الفيروسات وأعراض المرض”.
ووفقاً لويلي: “تشير بعض الدراسات إلى أن الثوم قد يكون قادراً على تحفيز أو دعم جوانب من أجهزتنا المناعية”. لذلك لا تتردد في إضافة الكثير منه إلى وصفاتك المفضلة.
البروبيوتيك
البروبيوتيك عبارة عن بكتيريا حية تساعد في تنويع ميكروبيوم الأمعاء داخلنا وتساعد جهاز المناعة على تنظيم الالتهاب. يقول سونبال: “كلما كانت مستعمراتنا البكتيرية أكثر تنوعاً في أمعائنا، كلما شعرنا بأننا أفضل”.
ولكن توجد مشكلة بالطبع. يقول فان أورس موضحاً: “الأنواع البكتيرية التي تعيش في المعدة والأمعاء تؤثر على سلوك جهاز المناعة بكل تأكيد. على أن الاكتفاء بإضافة البروبيوتيك لا يغير التجمعات الطبيعية لهذه البكتيريا”.
ويتابع قائلاً: “التنوع المناسب المطلوب لهذا ليس معروفاً وقد يختلف من شخص لآخر. خليط البروبيوتيك لا يعدو كونه أكثر من مجرد خليط، وغالباً لا يأتي بنتيجة مع معظم الناس”.
الكركم
تقول ويلي: “توصلت الأبحاث إلى أن الكركم قد يمنع حدوث الالتهابات وينظم الاستجابات المناعية في حالات أخرى”. وتؤكد أن الباحثين مازالوا يحاولون اكتشاف الطريقة التي يؤدي بها الكركم هذه المهمة تحديداً.
يشير سونبال إلى بعض الطرق الممكنة التي يمكن أن يساعد بها الكركم جسمك على تنظيم جهاز المناعة. ويوضح أن “الكركمين الموجود في الكركم مادة حيوية تقوم بدور البروبيوتيك الذي يساعد على تغذية البكتيريا في الأمعاء. وهو يحارب الالتهابات وتلف الخلايا لأنه يحتوي على الكثير من مضادات الأكسدة”.
ويضيف أنه يمكن أن يساعد أيضاً في تعزيز نظام المناعة عن طريق تخفيف التوتر: “الكركم يساعد أيضاً في خفض مستويات الكورتيزول، وهي الهرمونات التي يتم تحفيزها حين نشعر بالتوتر”.
فيتامين سي
يوافق سونبال على أن فيتامين سي يؤدي دوراً مهماً في الجهاز المناعي لأنه “يساعد على تحفيز إنتاج الخلايا اللمفاوية، وهي خلايا دم بيضاء تساعد على حماية الجسم من المرض”.
ويضيف سونبال: “عند الإصابة بالتهاب رئوي، عادة ما تنخفض مستويات فيتامين سي بدرجة كبيرة. وأظهرت دراسات مثل هذه الدراسة أن مكملات فيتامين سي قد تساعد على الشفاء”.
لكن يجب الانتباه إلى أن زيادة فيتامين سي عن طريق تناول مكملات فيتامين يؤدي إلى عدم امتصاص المعدة للجزء الأكبر منه.
فيتامين “د”
تزايد الاهتمام العام بفيتامين “د” منذ أشارت بعض الأبحاث إلى ارتباطه المحتمل باستجابة الجهاز المناعي لكوفيد-19.
يقول سونبال موضحاً: “الدور الذي يؤديه فيتامين (د) في الحفاظ على صحة الجهاز المناعي شديد التعقيد؛ لأن الجهاز المناعي لا بد أن يكون متوازناً بالكامل. وتوصلت دراسة ممولة من المعهد الوطني للصحة عام 2009 إلى أن مستويات فيتامين (د) المنخفضة مرتبطة بنزلات البرد والإنفلونزا المتكررة”.
على أنك قد لا تحتاج إلى مكملات فيتامين “د” إذا كنت تأخذ احتياجك منه عن طريق التعرض لأشعة الشمس.
الزنك
يتفق الخبراء على أن الزنك يمكن أن يكون مفيداً، ولكن إن كنت بحاجة إليه فقط، ولهذا من الأفضل دوماً التحدث إلى طبيبك قبل تناول أي مكملات.
يقول فان أورس: “الزنك بالتأكيد يمكنه تحسين وظائف المناعة، ولكن هذا يحدث عموماً لدى كبار السن حين يقل الامتصاص الطبيعي للزنك”.
وتتفق ويلي مع ذلك بالقول: “في حالة الزنك وفيتامين “د”، تظهر الفوائد أكثر لدى الأشخاص الذين يعانون من نقص فيتامين د”.
ما الذي يمكنك فعله لتعزيز جهاز مناعتك؟
يؤكد جميع الخبراء الأربعة على أهمية اتباع نظام غذائي متوازن.
يقترح نيمان ألا نشغل أنفسنا بنوع معين من الطعام وعوضاً عن ذلك علينا أن نحرص على الإكثار من تناول الفواكه والخضراوات الغنية بمضادات الأكسدة والفلافونويد.
تنصح ويلي أيضاً بتناول مجموعة متنوعة من الأطعمة الغنية بالعناصر المغذية مع الحذر من المبالغة في استهلاكها، وتشير إلى أن الحد من التوتر جزء مهم من الحفاظ على جهاز المناعة.
التمارين الرياضية جزء مهم آخر للحفاظ على صحة الجهاز المناعي، ويوضح نيمان أن “الوقت الموصى به من النشاط البدني المتوسط الكثافة يتراوح عادةً ما بين 150 إلى 300 دقيقة في الأسبوع”.
يقول فان أورس إن كان لا يمكنك ممارسة التمارين القاسية لأي سبب من الأسباب، فتمارين المشي واليوغا وحتى التأمل والتنفس يمكن أن تكون مفيدة أيضاً. وأهم شيء هو الاستمرار.
والنوم أيضاً من العادات الأخرى البسيطة والمهمة لصحة نظام المناعة (يوصي فان أورس بالنوم من حوالي سبع إلى ثماني ساعات يومياً)، واحرص على تناول كميات وفيرة من المياه، وغسل اليدين بانتظام وبالطريقة الصحيحة. وإن كنت تتناول أي فيتامينات أو مكملات، فتنصح ويلي بمراجعة الطبيب و”إجراء فحوصات الدم الأساسية لتحديد مكان النقص ثم تناول المكملات المناسبة”.
وأخيراً، إن كان بإمكانك تناول لقاح كوفيد-19، فينصح فان أورس بذلك. ويشرح قائلاً: “التطعيمات مهمة جداً. على سبيل المثال، يمكن للحصبة أن تمحو بين 50% و70% من ذاكرة الجهاز المناعي للأطفال غير المطعمين إذا أصيبوا بالمرض. وكوفيد-19 أيضاً يمكنه محو مكونات الجهاز المناعي، وهو ما يزيد من خطر الإصابة مجدداً”.
المصدر: عربي بوست.