تُعرَّف العادات بأنها “سيئة” عندما تميل إلى الحدوث مراراً وتكراراً، وتؤدي لآثار سلبية على حياة الشخص، سواء كان ذلك معنوياً ومادياً، مما يمنعنا من عيش حياتنا على أكمل وجه وتحقيق أقصى استفادة من إمكاناتنا وقدراتنا.
وفي حين أن ارتكاب الأخطاء هو جزء من طبيعتنا البشرية، لكن العادات السيئة تجعلنا نشعر بالضعف والإحباط باستمرار وبمرور الوقت، وقد تؤدي لتبعات غير مرغوبة. وبالإضافة إلى ذلك، لا ينبغي اعتبار العادات السيئة جزءاً من حياتنا اليومية، لذلك علينا تحجيمها والتعامل معها بوعي وفي أقرب فرصة.
طبيعة اكتساب وتطوير العادات
عندما نفكر ونشعر ونتصرف بطريقة معينة على مدى فترة متواصلة من الزمن، تتشكل العادات، ليس فقط في سلوكنا الميكانيكي، ولكن في أنظمة الذاكرة لدينا أيضاً.
وبحسب موقع Psychology Today، هناك أنواع مختلفة من تصنيفات الذاكرة بما في ذلك الذاكرة الدلالية (المعرفة)، والذاكرة العرضية (تذكُّر الأحداث) ، والذاكرة الإجرائية (معرفة كيفية القيام بالأشياء) والتي تعتبر شكلاً ضمنياً للذاكرة، وبالتالي تعمل في الغالب دون الإدراك الواعي.
وهذا النوع الأخير من الذاكرة، المدعو بالذاكرة الإجرائية، هو الأهم في تكوين العادات اليومية باختلافها.
لماذا نكتسب العادات السيئة بسهولة؟
العادات السيئة لدينا جميعاً. وهي تلك الأشياء التي نلتقطها بسهولة ونواجه صعوبة في فقدانها. أما بالنسبة للعادات الجيدة – فنحن مصممون على فعل الأشياء الجيدة قدر الممكن لكننا نميل إلى الفوضى بسرعة واستسلام.
وهناك أسباب بسيطة جداً لصعوبة التخلُّص من العادات السيئة وصعوبة تأسيس العادات الجيدة، وهي الرغبة في الإشباع الفوري للرغبات.
على سبيل المثال، عندما نفعل تلك العادات “السيئة” مثل التدخين أو الإفراط في الأكل أو عدم ممارسة الرياضة، فإننا نتلقى نوعاً من الإشباع الفوري – أو المكافأة.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
لكن عندما نحاول إنشاء عادة “جيدة” جديدة، فإننا نحارب عاداتنا المريحة القديمة، وحتى إذا تمكنا من القيام بهذه العادة “الجيدة”، فما الذي نحصل عليه من ذلك؟ رضا عن النفس، لكن المكافأة الحقيقية مؤجلة.
لذلك على الرغم من أننا نعتزم القيام بعمل أفضل في كل مرة، يكون دائماً من الأسهل الاستسلام للعادة الثابتة التي تحقق مكافأة فورية، بحسب موقع Eco Creative Coach للتدريب والتنمية البشرية.
علم الأعصاب واكتساب العادات اليومية
وقد حدد باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا أنه إذا نشطت الخلايا العصبية في بداية ونهاية سلوك معين، فإنه يصبح عادة.
وعادة ما تنشط الخلايا العصبية الموجودة في منطقة تكوين العادة في بداية سلوك جديد، وتهدأ أثناء حدوث السلوك، ثم تنطلق مرة أخرى بمجرد انتهاء السلوك. وبمرور الوقت، تتشكل الأنماط، في السلوك وفي الدماغ في الوقت نفسه، ما يجعل من الصعب كسر العادات السيئة المكتسبة.
وفي منطقة الدماغ الأمامية، من المعروف أن العقد القاعدية تتحكم في الحركات الإرادية وقد تلعب أيضاً دوراً مهماً في تكوين العادات (الجيدة والسيئة) بالإضافة إلى التعبير العاطفي.
ولا يهتم هذا النظام بالحركات الحركية للجسم فحسب، بل له تأثير قوي على الجزء العاطفي من الدماغ. وتعتقد الباحثة والأستاذة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا بالولايات المتحدة الأمريكية، آن غرايبيل، أن العقد القاعدية في جوهرها تعمل على مساعدة الناس على تطوير عاداتهم، بحيث تصبح تلقائية. وبحسب موقع Psychology Today، هذا يحرر مساحة في عقلك وذاكرتك لاستيعاب كل الأشياء الأخرى التي نواجهها على أساس يومي.
وتشمل العادات التلقائية ركوب الدراجة أو قيادة السيارة أو تنظيف أسنانك.
ومع ذلك، فهي نفس المنطقة التي تساعد الناس على تطوير العادات السيئة غير المرغوب فيها أو غير الصحية مثلاً مثل اضطرابات الأكل والقلق والمزاج المكتئب والإدمان.
أسباب صعوبة كسر العادات السيئة
يتطلب التخلُّص من أنماط السلوك السلبية والابتعاد عنها الكثير من قوة الإرادة، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل التخلص من العادات السيئة معضلة صعبة.
ونشر موقع LifeHack المعرفي أسباباً كانت هي الأبرز في صعوبة التخلُّص من العادات السيئة بأنواعها، وهي ما يلي:
1- قلة الوعي أو عدم القبول
لا يمكن التخلص من العادة السيئة إذا كان صاحبها لا يدرك أنها عادة سيئة.
ولا يدرك الكثير من الناس أن مهارات الاتصال لديهم ضعيفة أو أن تسويفهم يؤثر عليهم سلباً، أو حتى أن تناول مشروب غازي على العشاء يسبب الكثير من المشكلات.
وبالتالي فإن الوعي يحقق القبول. ما لم يدرك الشخص من تلقاء نفسه أن العادة سيئة، أو تمكن شخص ما من إقناعه بذلك، فهناك فرصة ضئيلة جداً للتخلص من هذه العادة.
2- انعدام الدافع وغياب التحفيز
إن المعاناة من أزمة حياتية كالطلاق، وعدم القدرة على التعامل مع الضغط الأكاديمي، والوقوع في الديون مثلاً، كلها حالات يمكن أن تجلب معها إحساساً عميقاً بالفشل.
ويمكن لأي شخص يمر بهذه الأمور أن يقع في دائرة من التفكير السلبي حيث يشعر أن العالم ضده ولن يساعده أي شيء يمكنه فعله، لذلك يتوقف عن المحاولة تماماً لغياب الحافز الأصلي.
3- الأسباب النفسية الكامنة
يمكن للحالات النفسية مثل الاكتئاب واضطراب نقص الانتباه ADD أن تجعل من الصعب البدء في كسر العادات السيئة.
وقد يجد الشخص المكتئب صعوبة في استجماع الطاقة للاغتسال أو طهي الطعام لنفسه، مما يؤدي إلى استهلاك الوجبات السريعة وغير الصحية. وقد يؤدي هذا إلى تقوية العادة السلبية التي تؤثر على الصحة ويصعب التغلب عليها.
كما قد يبدأ الشخص المصاب باضطراب نقص الانتباه ADHD في تنظيف منزله ولكن يتشتت انتباهه بعد فترة وجيزة، تاركاً المهمة غير مكتملة، مما يؤدي في النهاية إلى حالة يكون فيها من المقبول العيش في منزل غير مرتب وقذر.
كذلك معاناة الشخص من اضطراب الخوف من عدم الاطلاع أو Fear of Missing Out – FOMO تكون مُعضلة نفسية حقيقية.
ويقوم هؤلاء بمتابعة محطات الأخبار ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها للبقاء على اطلاع دائم وكأن عدم معرفة أي خبر معين قد يعرّضهم للخطر أو يسبب تبعات كارثية على مكانتهم الاجتماعية.
4- إجراء المقارنات غير المُنصفة
المقارنات عادة سيئة فعلها الكثير منّا منذ أن كنّا أطفالاً. ربما قارن الآباء بيننا وبين أشقائنا، وربما قارنّا المعلمون بزملائنا في الفصل، ويمكن للرؤساء مقارنتنا بالموظفين السابقين والحاليين.. إلخ.
وبالنسبة للأشخاص الذين طوروا تلك العادة السيئة المتمثلة في مقارنة أنفسهم بالآخرين، سيكون هناك دائماً شخص يتمتع بشيء أفضل مما لديهم: منزل أفضل، وسيارة أفضل، وعمل أفضل، ودخل أعلى، وأسرة أجمل وما إلى ذلك.
وتظهر الأبحاث وفقاً لـLifeHack أنه في عصر وسائل التواصل الاجتماعي، أصبحت المقارنات الاجتماعية أسهل بكثير ويمكن أن تضر في النهاية باحترام الذات.
5- عدم تحديد البدائل
هذا سبب حقيقي ومؤثر في مشكلة صعوبة التخلص من العادات السيئة؛ إذ يمكن أن تلبي هذه العادات السلبية حاجة لا يتم تلبيتها بأي طريقة أخرى.
لذلك إذا كنت تريد استبدال مشكلة قضم أظافرك مثلاً عند الشعور بالتوتر والقلق، يجب الاستعاضة عنه بوسيلة جديدة تكون منفساً فورياً عن الشعور بالضغط والإجهاد.
6- الإرهاق والإجهاد الشديد
كما ذكرنا أعلاه، فإن أي شيء يُجهدنا يُمكن أن يؤدي إلى تبنّينا عادات سلبية وغير صحية وترسيخها في السلوك اليومي.
وعندما يكون الشخص مضغوطاً بشأن شيء ما، فمن السهل أن تتشكل العادات السيئة لأن الموارد العقلية اللازمة لمكافحتها غير متوفرة نظراً للشعور بالإجهاد.
وكثيراً ما نرى شخصاً ما تمكَّن في وقت سابق من التخلص من عادة سيئة يعود إلى تلك الأنماط السلبية القديمة؛ لأنه ببساطة شعر أنه لا يمكنه التعامل مع ضغوطات يومه بأي طريقة أخرى. وقد يشعر الأشخاص الذين يتطلعون إلى التخلص من العادات السيئة بإحساس قوي بالفشل لأنه بهذه الصعوبة.
7- الاعتقاد أنك بحاجة إلى أن تصبح شخصاً مختلفاً تماماً
يشعر الأشخاص الذين يتطلعون إلى كسر العادات السيئة أنهم بحاجة إلى إعادة تكوين أنفسهم من أجل التخلص من عاداتهم السيئة، في حين أن الحقيقة هي عكس ذلك تماماً. أنت فقط تحتاج إلى تغيير فعل معين وتعويضه بعادة جديدة إيجابية تساعدك في تغيير سلوكك، بحسب LifeHack.
كيف يمكن إذن تغيير هذا النمط؟
- الإقرار بالمشكلة: لكي نتعامل مع العادات السيئة، يجب علينا أولاً تحديدها والاعتراف بها. يُعد القبول أولى مراحل ينبغي أن نمر بها للسماح لأنفسنا في النهاية بالتخلص من المشكلة. لكن إن ظللنا مرتبكين بشأن عاداتنا، فسيكون من المستحيل علينا إجراء أي تعديلات، وفقاً لموقع Great Performers Academy.
- اختر يوماً سيئاً للإقلاع عن عادتك السيئة: عادة ما نميل إلى اتخاذ قرار بالتخلي عن العادة السيئة عندما نشعر بالرضا والتفاؤل والحماس، وهذا ليس بالضرورة منظوراً خاطئاً. لكن لمَ لا نحاول التخلص من العادة السيئة عندما نشعر بالضعف نتيجة عاداتنا السيئة؟
- العمل تدريجياً وخطوة بخطوة: يجب ألا نحاول التخلص من الكثير من العادات مرة واحدة. وبعد تحديد العادة التي نريد الإقلاع عنها، ينبغي أن نتخذ خطوات واحدة تلو الأخرى ونتعامل مع كل نقطة على حدة. وليس من السهل التحكم في دوافعنا عندما نضغط على أنفسنا، لأنه من المرجح أن نفشل. وبدلاً من ذلك، يجب أن نحاول تركيز إرادتنا على عادة واحدة فقط وستكون الأمور أبسط.
- انتبه إلى المحفزات: يُعد الوقت والمكان المرتبط بالعادة السيئة عاملين مهمين عندما نريد التخلص من العادات السيئة؛ لذلك إن كنت تميل إلى التدخين عند الوقوف مع زملائك المدخنين في فترة راحة الغداء، ربما عليك التفكير في تغيير مكان غدائك المرة المقبلة.
- أحِط نفسك بالمكافآت: حتى أصغر الخطوات إلى الأمام يجب الاحتفال بها. ينبغي أن نتأكد من أننا نكافئ أنفسنا على كل إنجاز. ويمكننا تعيين مكافآت للأسبوع الأول والشهر الأول والشهر الثالث وما إلى ذلك.
ومن خلال إنشاء مثل هذه المكافآت، سنكون قادرين على الحفاظ على تركيزنا وتحفيزنا باستمرار. ومع ذلك، يجب اختيار المكافآت بعناية؛ يجب ألا نحتفل بشهر خالٍ من التدخين بالحصول على سيجارة أو اثنتين للاحتفال.
المصدر: عربي بوست.