فضولي بطبعه وعليك التحدث معه بجدية.. لكن السؤال المحير: فيم يفكر الرضيع؟

يُعتبر الرضيع كائنا فضوليا بطبعه ويمكن لدماغه القيام بأداء إدراكي أكبر بكثير مما نعتقد، وعلى الرغم من عدم قدرتهم على التحدث؛ إلا أن الرضع بإمكانهم تمييز الفروق بين الصور. غير أن السؤال الذي قد يطرحه الآباء والأمهات، هو فيم يفكر الرضع؟.

تعليقا على ذلك، أفاد البروفيسور غيسلين ديهاين لامبرتز، طبيب أطفال متخصص في دراسة تطوير الوظائف المعرفية للأطفال، ومدير فريق التصوير العصبي في مركز أبحاث نوروسبا، “لا يمكننا معرفة ذلك بدقة. وعند إضاءة منطقة خلال التصوير التشخيصي الطبي، ندرك المهام التي تختص بها هذه المنطقة عند البالغين. ونستنتج أن هذه المنطقة لها الدور نفسه عند الرضيع في حال أضاءت في ظروف مماثلة”.

وفي مقال نشرته صحيفة “لوفيغارو” (Le Figaro) الفرنسية، قالت الدكتورة ناتالي زابيرو مانوكيان إن ترديد جملة قصيرة على مسامع رضيع يبلغ من العمر شهرين عدة مرات، يؤدي إلى تنشيط منطقة أمامية تُعرف بمشاركتها في الذاكرة اللفظية لدى البالغين.

دماغ الرضيع

ويمتلك دماغ الرضيع تنظيما في الشبكات؛ مما يسمح له بتنظيم بيئته والبحث هناك عما يساعده على النمو، إلى جانب أداء إدراكي أكبر بكثير خلافا لما يبدو. وهكذا، ينشأ لدى الإنسان تصوّر للكميّات منذ الولادة.

وصرح لامبرتز قائلا “إذا رددنا على مسامع الرضيع 4 رنات بشكل متتالٍ في العديد من المرات، ثم ننتقل فجأة إلى 12 رنة، سيندهش الطفل”.

وقالت فيرونيك إيزارد، الباحثة في مختبر علم نفس الإدراك في جامعة باريس الخامسة، “منذ الأشهر الأولى من الولادة، يمتلك الرضيع فكرة جيدة إلى حد ما عن الترتيب والكميات، غير أن فهم الأرقام بمثابة نقطة انطلاق جيدة لفهم العالم. ولا يقتصر ذلك فقط على صغار البشر، فالكلاب والغربان على سبيل المثال تدرك التغيرات في الكمية. في حين يتوجه قطيع الأسماك بشكل تلقائي حيث يوجد المزيد من المتجانسات”.

الجذب عن طريق الصوت

يعتبر الاعتراف بالمتجانس نقطة يشترك فيها الأطفال، كل وفق خاصيته. وبالنسبة للغة، أفاد لامبرتز قائلا “يبدو أن البشر يمتلكون شبكات خاصة للغاية، يجذبهم الصوت، وسرعان ما يفهم الرضع أن الكلمات تشبه مكعبات صغيرة يمكن إعادة دمجها مع بعضها البعض لإعطاء معنى جديد. لذلك، لا تعدّ قدرة المزج هذه خاصة سوى بالجنس البشري”.

بشكل عام، تسمح الشبكات الموجودة منذ الولادة للرضيع بمعرفة المتحدث سواء كان والده أو والدته أو طرفا ثالثا، فضلا عن فهم كيفية خلق اللغة للكلمات، حيث تختلف القواعد اعتمادا على اللغة، ولكل منها أصواتها الخاصة. بناء على ذلك، يدرك الرضيع أن اللغة تستخدم لنقل المعلومات، علما أن استخدام الكلمات في سياقات مختلفة، وفي أنواع جمل مختلفة يعلم الرضيع التحدث، ويثري قاموسه اللغوي.

مهارات التحديق في الصور

في العمر ما قبل اللفظي، غالبا ما تُجرى دراسات مهارات التفكير في وقت التحديق. في هذا السياق، قالت إيزارد “عند عرض أحد الصور خلال العديد من المرات وبشكل متتال على الطفل، سيجدها في البداية مثيرة للاهتمام، ويطيل التحديق بها. بعد ذلك، سيقلل من فترة النظر إليها”.

وأضافت “عندما يقلّ معدل النظر إلى الصورة بمرتين على الأقل مقارنة بما كان عليه في البداية، ينبغي المرور إلى مرحلة الاختبار، وهي إما الاستمرار في عرض الشيء نفسه أو عرض شيء مختلف قليلا. بناء على ذلك، من المتوقع أن يطيل الرضيع النظر إلى الصورة حال اكتشف الاختلاف”.

في حال عرض صور ديناصورات على رضع يبلغون من العمر 4 أشهر، سينظرون إليها في البداية. لكن، بعد عرض صور ديناصورات وأسماك عليهم، سيُولون اهتماما بصور الأسماك، التي تحمل بعض الاختلافات، على غرار عدم امتلاكها ذيلا أو أرجلا. وعلى الرغم من عدم قدرة الرضع على التكلم بعد؛ إلا أنه يمكنهم معرفة الفرق بين الأسماك والديناصورات.

غنوا لأطفالكم

يُعتبر الرضيع كائنا فضوليا بطبعه، يتعين الحديث معه في الكثير من الأحيان بجدية، وترديد أغان على مسامعه، وعدم مقاطعته للرد على الهاتف عند الحديث إليه نظرا؛ لأن ذلك يحول دون تذكر الطفل للحديث. وأشار لامبرتز إلى أن التواصل مع شخص بالغ يكرر الكلمات والجمل يؤمن اكتساب الطفل اللغة، مشجعا في الوقت ذاته الآباء على قراءة القصص للأطفال الصغار.

المصدر: موقع الجزيرة