توق جميعنا للعودة إلى الوضع الطبيعي، ولكن ليس بالطريقة الحالية؛ حيث غيّر فيروس كورونا حياتنا بطرق لا تُعدّ ولا تحصى نحو الأسوأ. وهناك الكثير من الأشياء التي لم نعد نستطيع القيام بها، والعديد من الأماكن التي لم نتمكن من الذهاب إليها على غرار السينما وزيارة بلد آخر والذهاب إلى حفل زفاف وزيارة أقارب في المستشفى.
تقول الكاتبة مولي روبرتس -في مقالها الذي نشرته صحيفة “واشنطن بوست” (Washington Post) الأميركية- إن المكتب من بين الأماكن التي منعتنا الجائحة من التوجه إليها. وبعد أن بدأ تخفيف القيود في الوقت الراهن، أصبح العمل عن بعد يمثّل فرصة لا يريد العديد من الموظفين التخلي عنها.
مستقبل أكثر مرونة
وصرح المستثمر مارك آندرسن -الذي يعتبر نفسه متفائلا بالتقدم التكنولوجي، قائلا “ربما نحن بصدد الحصول على ثورة. وسنشهد تحولا حضاريا دائما”. وربما يكون ذلك مجرد هدنة قبل الانتقال إلى مستقبل أكثر مرونة أكثر من ذي قبل.
ويعتمد الجواب على الطرف الذي توجّه له السؤال، نظرا لأن مجتمعنا يشمل أولئك الذين يرغبون في العودة إلى المكاتب وأولئك الرافضين لذلك. ولكل فرد أسبابه التي تجعله يرغب في العودة إلى المكاتب من عدمها. ويمكن تفسير ذلك بالتجربة البائسة التي عشناها مع الجائحة.
ومن الواضح أن هناك أسبابا شخصية وعمليّة تفسر أسباب مطالبة الكثيرين بالعمل من المنزل، بحسب الكاتبة. ففي الواقع، منعنا فيروس كوفيد-19 من القيام بالكثير من الأشياء. وفي المقابل، سمح لنا التخلص من توقيت العمل الذي يبدأ من الساعة التاسعة إلى الساعة الخامسة بالقيام بأشياء أخرى كانت مستحيلة في السابق، مثل اللعب مع الطفل قبل وقت القيلولة، أو مغادرة العمل الساعة الثالثة والعودة له مرة أخرى الساعة العاشرة.
جاذبية العمل عن بعد
سمحت الجائحة لنا بالتواجد في الكثير من الأماكن التي لم نكن نتواجد فيها، سواء كان ذلك في مكان أرخص أو أقرب إلى عائلاتنا أو مشمس عندما كان الجو باردا في الخارج.
عموما، عادة ما يكون تحمل المعاناة أسهل عند حدوث أمر ما. وفي هذه الحالة، يمكننا القول على الأقل إن فيروس كورونا علّمنا كيفية التوقف عن القلق وحب الحاسوب المحمول.
مكاتب دائمة للعمل عن بعد
علاوة على ذلك، تُعتبر إعادة التأقلم مع الحياة السابقة أمرا غريبا. لقد تخلّينا عن الكثير من الأشياء، وأصبح ينبغي علينا في الوقت الراهن أن نتخلّى عن كل ما حل محلها.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
ولسائل أن يسأل، من يلوم الناس على أملهم في التمسك بالشيء الوحيد الذي استمتعوا به بالفعل بسبب الجائحة؟ وعلى الرغم من أن هناك العديد من الموظفين الذين اقتنوا مكاتب دائمة للعمل عن بعد على المدى الطويل، إلا أن المديرين بصدد انتداب موظفين للعمل من المكاتب.
عطش الثرثرة
هناك بالتأكيد عدد لا يحصى من الموظفين المتعطشين لبعض الثرثرة وسهولة تبادل الأفكار خلال القيام بنزهة قصيرة عوضا عن إرسالها في بريد إلكتروني.
ولدى هؤلاء الناس عبئ من الجائحة انعكس على طريقة تفكيرهم، حيث قضوا العام الماضي معتقدين أن كل هذا الأمر سيكون مؤقتا. وفي الوقت الراهن، اتضح أنه من الممكن أن يستمرّ العمل عن بعد، مما يجعلهم يشعرون بأنهم عالقون في المنزل.
ذكرت الكاتبة أن هؤلاء الأشخاص يشعرون أن هذه المحنة لن تنتهي. ويبدو أن كل جانب من جوانب هذا النقاش لا يأخذ بعين الاعتبار أسباب كل طرف، على الرغم من أنهم عاشوا أشهرا من التوتر والحرمان أدت إلى الانفصال عن المكتب.
ويبقى الأمر مختلفا من شخص لآخر؛ حيث من الممكن أن يرغب البعض في العمل عن بُعد طوال الوقت ويفضل البعض الآخر العمل لفترة محددة عن بعد، ولا يرغب آخرون في العمل عن بعد على الإطلاق.
المصدر: موقع الجزيرة