عند رؤية علاقة الأطفال الصغار في سن مبكرة بوالديهم، قد تظن أن الطفل يرغب في الجلوس في حضن أبويه على مدار اليوم. وهو يلعب، وهو يأكل، وحتى أثناء نومه. وذلك لما يلعبه دور العناق كلغة جسدية حميمة مُعبرة عن الدعم والأمان والحب.
لكن مع انتهاء مرحلة الطفولة وبدء رحلة البلوغ والمراهقة بين سن التاسعة والـ13 عاماً، يرفض الأطفال العديد من بوادر الاهتمام والحميمية والحب التي يتبادلونها مع آبائهم؛ وذلك لكي يشعروا بأنهم “لم يعودوا أطفالاً”. ويأتي على رأس تلك البادرات الحميمة التي يبدأون في الاعتراض عليها والامتناع عنها “القُبل والعناق”.
لماذا يبدأ الطفل المراهق في رفض التواصل الجسدي مع والديه؟
يوضح موقع Psychology Today المختص في الصحة النفسية، أنه في هذه المرحلة العمرية الحساسة، قد يختار الأطفال التخلي عن التعبير عن المودة الجسدية مع الوالدين وعلامات القبول والحميمية معهما، وقد يشمل الأمر أيضاً الامتناع عن التعبير والتواصل وحتى الموافقة والرضا عنهم، ولذلك تُسمّى تلك السن بفترة “الشغب والعصيان”.
وبفقدان هذا التواصل المعنوي والجسدي في التقبيل والعناق، والذي يملك أهمية في توفير إطار داعم من الأمان والحب، يبدأ الابن أو الابنة في اختبار مشاعر أكثر استياءً وغير مستجيبة جسدياً، فيتجنب أي لغة قديمة من التواصل؛ لأنه يشعر الآن بأنها أصبحت غير مناسبة لعمره، وأنها محرجة ولا تتيح له فرصة أن يكون “شخصاً بالغاً”.
أيضاً بعد سن البلوغ، عندما تزداد الحاجة إلى الخصوصية الجسدية، غالباً ما يريد المراهق أن تكون اللمسة الأبوية أكثر حذراً أو حتى منعدمة تماماً، بسبب ما يخوضونه من تغيرات مُربكة بالنسبة لهم.
الطريقة المثلى للتعامل مع المراهق الرافض للحميمية مع والديه
ويساعد في تخفيف وتقليل حدة هذه المشاعر أن يتمكن الوالدان من القيام بأمرين: أولاً: الاستمرار في تقديم شكل أقل من المودة الجسدية تجاه طفلهم، وثانياً: التعبير عن الاهتمام من خلال الكلمات والأفعال والمواقف عندما يتجنب الطفل كافة أشكال المودة الجسدية من تقبيل وعناق.
وتأتي أفعال مثل تناول الفطور معاً أو شراء لعبة فيديو جديدة ولعبها سوياً أو الربت على كتفه أو شعره أثناء أدائه للواجبات المدرسية، قد يمكِّن الأبوين من تجاوز جدار الامتناع الذي بناه الطفل المراهق عند رفض العناق، وسيوصل له مقدار محبتهما بصورة مناسبة بشكل مؤقت يناسب المرحلة.
وأوضحت مجلة Your Teen التربوية المعنية بسن المراهقة، أن هناك بعد الخطوات التي من شأنها مساعدة الأبوين والطفل في المرور بهذه المرحلة بأمان، دون أن يمثّلا عائقاً أو حملاً على مشاعر المراهق بردود أفعالهما على رفضه للعناق كباقي الأطفال الآخرين، وتشمل ما يلي:
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
1- مراعاة مشاعر طفلك
تنصح لورا ماركهام، اختصاصية علم النفس الإكلينيكي والأخصائية التربوية لمجلة Your Teen، بأنه على الوالدين البدء بطرق غير جسدية للتواصل، بما في ذلك العاطفة اللفظية أو مجرد الجلوس على الأريكة ومشاهدة فيلم معاً. تضيف أنه يمكنك بعد ذلك “البدء تدريجياً في بدأ تواصل جسدي، بطريقة أقل حميمية مثل المصافحة أو التربيت أو تحية اليد التشجيعية مثلاً عند فوز فريقكم الرياضي المفضل”.
2- زيادة التواصل الجسدي تدريجياً
وعندما تشعر براحة وحميمية أكبر مع ابنك المراهق، حاول إضافة أنواع أخرى من التواصل، مثل لمس الذراع أو الكتف أو الشعر. وينبغي في المقام الأول عدم إجبار الطفل على مثل هذا النوع من التواصل؛ كي لا يأتي بنتيجة عكسية.
3- التحلي بالصبر
على الأبوين الاستمرار في هذا النمط البطيء من كسب الثقة الحميمة مع ولدهم المراهق تدريجياً، والتحلّى بالصبر.
وتضيف ماركهام لـYour Teen: “إنك تبني علاقة جسدية مع شاب في طور تغيراته، وهذا يستغرق وقتاً وجهداً، وبالطبع يجب على كلا الشخصين أن يرغب في الاتصال في المقام الأول”.
4- إعطاء اهتمام كامل
إن بناء- أو إعادة بناء- ذلك الاتصال العاطفي هو المفتاح في تعزيز العلاقة الأبوية مع الطفل. وعندما يرفض المراهق العاطفة أو أي علامات متبادلة من المودة، فلا تتخلَّ عن الاتصال الكلي معه بل واصل محاولة كسر هذا الحاجز.
لذلك شاركه اهتماماته وخصص له اهتمامك بشكل كامل لكي يشعر بدعمك المعنوي واحتوائك له حتى وإن كان رد فعله متحفظاً في مبادلتك بنفس الأمر.
5- اسأل عما إذا كان الطفل يريد قبلة أو عناقاً
وتقترح الأخصائية النفسية لوري كوتور لذات المجلة، أنه بالنسبة لهذا النوع من الأطفال، وعند الوصول إلى درجة معينة من التقارب والتفاهم، يمكن تقبيل أو عناق طفلك شريطة أن تطلب الإذن منه أولاً.
تقول الخبيرة: “استخدم القرب المكاني، والتواصل البصري، والاستماع الفعال والانتباه المنصب على الطفل، واللمسات الموجزة التشجيعية، واعمل باجتهاد وصبر إلى حين الوصول إلى درجة التقبيل والعناق دون أن يثير ذلك حفيظة أو إحراج الطفل وعدم شعوره بالارتياح”.
في النهاية.. الأمر مجرد مرحلة مؤقتة
لذلك فإن المودة الجسدية بين الوالدين والمراهقين قد تكون موجودة أو تنعدم تماماً وفقاً لمشاعر الطفل واستعداده النفسي. وعندما يغيب الأمر ويمتنع الطفل عن قبول العناق والتقبيل من والديه، ويتم صد مبادرات الوالدين الحميمة في التعبير عن الحب والمودة بشكل جسدي، من المهم ألا يأخذ الآباء ذلك على أنه رفض شخصي.
وفي غضون هذه المرحلة الحساسة، لا تنس أبداً استخدام البديل اللفظي للعاطفة الجسدية الذي لا تقل قيمته أبداً، وهي أن تخبره “أنا أحبك” كلما سنحت الفرصة.
المصدر: عربي بوست