إنها أم سعد جميلة بنت سعد بن الربيع الأنصاري الخزرجي وأمها عَمْرَة بنت حزم بن زيد النجارية، كما جاء في “الطبقات” و”أسد الغابة”. وذكر ابن حجر العسقلاني في “الإصابة” في ترجمتها قوله: “جميلة بنت سعد بن الربيع الأنصاري الليثي استُشهد بأحُد،.. لها صحبة، روت عن أبيها. وروى عنها ثابت بن عُبيد الأنصاري: أن أباها وعمها قُتلا يوم أحد، فدُفنا في قبر واحد، قاله أبو عمر. قال: وتزوج جميلة هذه زيد بن ثابت، قاله ابن سعد، وزاد: ولدت له خارجة ويحيى وإسماعيل وسليمان. وكانت تكنّى أم سعد.”اهـ
وجاء في كتاب “الإصابة” وكتاب”الطبقات” أن جميلة بنت سعد بن الربيع اشتهرت بكنيتها أم سعد بنت سعد رضي الله عنها. ولما استشهد أبوها كانت أمها عمرة حاملاً بها، ووضعتها بعد عدة أشهر من استشهاد سعد رضي الله عنه.
نشأتها
نشأت أم سعد – جميلة – في حجر أبي بكر الصديق رضي الله عنه، واقتبست من أخلاقه الكريمة، ومن خصاله الحسان، ومن فصاحته، ما رفعها مكانًا عليًّا. وكانت جميلة بنت سعد تقول عن نفسها: أنا ابنة الخطيب النقيب الشهيد سعد بن الربيع.
نصّ قرءاني
في شأن هذه الصحابية وأختها وأمها عمرة أنزل الله عز وجل قراءنًا ودستورًا للناس يُتلى ويُعمل به إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وينص هذا الدستور القرءاني على إبطال عادة جاهلية مقيتة، كانت تهضم حقوق المرأة، ولا تعترف بمكانتها، فجاء نصّ القرءان الكريم، على لسان النبي العظيم صلى الله عليه وسلم فوضع المرأة المؤمنة في المكانة التي تستحقها، وأعطاها حقوقها المهدورة. وجاءت الشريعة المحمدية فأبطلت هذا الظلم، واختصت النساء زوجات وأمهات وبنات وغيرهن من الوارثات بنصيب من تركة الرجل الميت، وهذا ما سمي بالفرائض أي المواريث.
زواج مبارك
منّ الله على أم سعد – جميلة – بالخير العميم حين يسّر لها الزواج من الإمام الكبير، وشيخ المقرئين وأعلم الصحابة بالمواريث وهو من كتبة الوحي، وأحد الأذكياء النجباء من صحابة النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم سيدنا زيد بن ثابت الأنصاري الخزرجي رضي الله عنه وأرضاه. وقد تأثرت جميلة بنت سعد بن الربيع به، واقتبست من علمه وفقهه شيئًا كثيرًا، وهذا جعلها في الصف الأول أي في مقدمة العالمات الفقيهات من نساء الأنصار رضي الله عنهن.
وكانت ثمرات هذا الزواج الميمون، أن ولدت جميلة لزيد عددًا من الأبناء النجباء الذين رصعوا صفحات التاريخ الإسلامي المجيد بعلمهم الغزير المعطاء. وعلمهم بتقوى الله. قال الإمام النووي رضي الله عنه في “تهذيب الأسماء واللغات”: ومن أشهر أولادها: خارجة بن زيد بن ثابت المدني التابعي… كان إمامًا جليلاً، بارعًا في العلوم، واتفقوا على توثيقه، وفضله، وهو أحد فقهاء المدينة السبعة.
مناقبها
حفظت القرءان وروت عن النبي صلى الله عليه وسلم. سمعت أم سعد القرءان الكريم، فشغفت بألفاظه ومعانيه فراحت تنهل من ءاياته حتى أتقنت حفظه، وعرفت أسباب النزول، وصارت مقصدًا ومرجعًا في هذا المضمار، ومما يشير إلى فهمها العميق بمعاني الآيات ما رواه داود بن الحصين قال: كنت أقرأ على أم سعد بنت سعد بن الربيع مع ابن ابنها موسى بن سعد، فقرأت عليها “والذين عاقدت إيمانكم”… فقالت: لا… ولكن {والذين عقدت إيمانكم فآتوهم نصيبهم إن الله كان على كل شئ شهيدًا} سورة النساء/33.
ذكر ابن الأثير في “أسد الغابة” أن أم سعد ادركت النبي صلى الله عليه وسلم وروت عنه، وروى عنها ثابت بن عبيد الأنصاري أن أباها وعمها قتلا يوم أحد فدفنا في قبر واحد. ولأم سعد مرويات هامة عن أحداث السيرة النبوية في المرحلة المكية. ذكر ذلك الأصبهاني في “دلائل النبوة”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
عاشت أم سعد مع زوجها زيد بن ثابت رضي الله عنهما، حياة عبادة وجد واجتهاد إلى توفاهم الله عز وجل. فقد توفي زيد سنة خمسة وأربعين هجرية وأما زوجه أم سعد فلا توجد وثائق أكيدة تشير إلى تاريخ وفاتها، ولكن أخبارها تدل على أنها عاشت زمنًا بعد وفاة زوجها رضي الله عنها. وبعد… فهذه سيرة عطرة لصحابية جليلة اكرمها الله تعالى، فحفظت القرءان، وأضحت زوجة لصحابي كريم، وأمًا عظيمة ربت أبناءها بما يرضي الله تبارك وتعالى، ويكفيها فخرًا أنها أنجبت وربت أحد أعلام فقهاء المدينة خارجة بن زيد…
رضي الله عن أم سعد وأسكنها فسيح جنانه.