إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومن يُضلِلْ فلا هَادِيَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له ولا مثيلَ له ولا ضِدَّ ولا نِدَّ ولا كَيْفِيَّةَ ولا شَكْلَ وَلا صُورَةَ ولا أَعضاءَ وَلا جِسْمَ وَلا جُثَّةَ وَلا مَكانَ لَهُ، تَنَزَّهَ اللهُ عَنْ صِفَاتِ خَلْقِهِ فَهُوَ القَائِلُ سُبْحَانَهُ وَتَعالَى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ وَهُوَ السَّميعُ البَصِيرُ}.
وأَشْهَدُ أَنَّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنَا وقائِدَنا وقرَّةَ أعيُنِنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه بلَّغَ الرِّسالَةَ وأدَّى الأمانَةَ ونصَحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنا خيرَ ما جَزَى نبيًا من أنبيائِه.
اللهمَّ صلِّ على محمدٍ صلاةً تقضِي بِهَا حاجاتِنا، اللهُمَّ صلِّ على مُحمدٍ صلاةً تُفَرِّجُ بِها كُرُباتِنَا، اللهمَّ صلِّ على محمدٍ صلاةً تَكفينَا بِهَا شرَّ ما أَهَمَّنَا وسلِّمْ عليهِ وعلَى ءالِه سَلامًا كثيرًا.
أما بعدُ عبادَ اللهِ، فإِنِّي أوصيكُم ونفسِي بتقوَى اللهِ العَلِيِّ القَدِيرِ القَائِلِ في مُحْكَمِ كِتابِه: {الم . ذَلِكَ الكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمَتَّقِينَ . الذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُون} سورةُ البقرةِ / 1، 2، 3.
ويقولُ رَبُّ العزَّةِ في مُحْكَمِ التَّنْزِيلِ: {وَيُؤْثِرونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} سورةُ الْحَشْرِ / 9.
جاءَ ضَيفٌ إلى رَسُولِ اللهِ، جاءَ ضَيْفٌ إلى حبيبِ اللهِ، إلى أفضَلِ خلقِ اللهِ فَبَعَثَ إلى نسائِهِ فَقُلْنَ: “مَا مَعَنَا إِلاَّ الماءُ”، نِسَاءُ النبِيِّ قُلْنَ: “مَا مَعَنَا إِلاَّ الماءُ”، فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم: “مَنْ يَضُمُّ أَوْ يُضَيِّفُ هَذَا”، فقالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ “أَنَا” فَانْطَلَقَ إلى امْرَأَتِهِ فَقَالَ: “أَكْرِمِي ضَيْفَ رسولِ اللهِ صلى اللهُ عليه وسلم” فقالَتْ: “مَا عِنْدَنا إلاَّ قُوتُ صِبْيَانِي” فَقالَ: “هَيِّئِي طَعَامَكِ وَأَصْبِحِي سِرَاجَكِ وَنَوِّمِي صِبْيَانَكِ إذَا أَرَادُوا عَشَاءً” فَهَيَّأَتْ طَعَامَها وَأَصْبَحَتْ سِرَاجَها وَنَوَّمَتْ صِبْيانَهَا ثُمَّ قَامَتْ كَأَنَّها تُرِيدُ كأَنَّها تُصْلِحُ السِّرَاجَ فَأَطْفَأَتْهُ، فَجَعَلا يُرِيَانِه أنَّهُما يَأْكُلانِ فَبَاتَا طَاوِيَيْنِ (أَيْ لَمْ يَأْكُلا شَيْئًا) فَلَمَّا غَدَا إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلمَ فقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ، قالَ لهذَا الصحابِيِّ الذِي ءاثَرَ ضيفَ رسولِ اللهِ على نفسِه كَلامًا مَعْنَاهُ “لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنْ فِعالِكِمَا” فأنزَلَ اللهُ قولَه: {وَيُؤْثِرُونَ على أنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِه فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} سورةُ الحشرِ / 9.
ويُؤْثِرونَ على أنفسِهم بأموالِهِم، وَيُؤثِرونَ على أنفسِهم بِمَنازِلِهم ولو كانَ بِهم خَصَاصَةٌ، ولو كانَ بِهِمْ فَقْرٌ وَحَاجَةٌ.
اللهُ تعالَى بَيَّنَ في هذهِ الآيةِ أَنَّ إِيثَارَهُمْ لَمْ يكُنْ عَنْ غِنًى بَلْ كانُوا فُقَراءَ، كانوا مُحتاجينَ، مِنْ شِدَّةِ فَقْرِهِمْ واحتِياجِهم قَالَتْ لِزَوْجِها مَا عِنْدَنا إلاَّ قوتُ صِبْيَانِي، لَيسَ عندَهُمَا إلا طعامُ صبيانِها ومعَ ذلكَ هَيَّأَتْ هذا الطَّعامَ وَأَطْفَأَتِ السِّراجَ فَجَعَلا يُرِيَانِه أَنَّهُما يأكُلانِ وَبَاتَا طَاوِيَيْنِ.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
فيا أيها المسلمُ الذي أنعَمَ اللهُ عليكَ، تَفَضَّلَ اللهُ عليكَ، المالُ مالُ اللهِ، أَنْتَ وَمَا تَمْلِكُ مِلْكٌ للهِ، فَبِالصَّدَقَةِ قَدْ تَمْسَحُ دَمْعَةَ فَقِيرٍ أَوْ تُبَلْسِمُ جِراحَ يَتِيمٍ أَوْ تُعِينُ أبًا في أَحْمالِهِ أو تخفِّفُ بإذنِ اللهِ تعالَى أوجاعَ مَريضٍ ذَرَفَتْ عَيْنَاهُ مِنْ أَوْجَاعِه وَلا مَالَ عندَهُ وَلا دَواء.
وَيُؤْثِرونَ على أنفسِهم وَلَوْ كانَ بِهم خَصَاصَةٌ، وَلَوْ كانَ بِهِمْ فَقْرٌ وَحَاجَةٌ، فكم هو عَظِيمٌ أَنْ تَتَحَرَّكَ نُفُوسُ المسلِمينَ الأَغْنِياءِ لِبِنَاءِ الْمَسَاجِدِ التِي يُذْكَرُ فيهَا اسمُ اللهِ فِي الغُدُوِّ وَالآصَال، فقَدْ قالَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ: “المؤمِنُ في ظِلِّ صَدَقَتِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ”.
معنَاهُ تَحْفَظُهُ مِنَ الأَهْوالِ يومَ القِيَامَةِ.
قالَ تعالَى: {وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِه فَأُولَئِكَ هُمُ المفلِحُونَ}.
معناهُ أن لا يأخُذَ شَيْئًا مِمَّا نَهَاهُ اللهُ عنهُ ولا يَمْنَعَ مَا أَمَرَهُ اللهُ بِأَدَائِه، فَإِيَّاكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْ مَالِ الزَّكاةِ وَأَنْتَ لَسْتَ مِنْ أَهْلِهَا وَإِيَّاكَ أَنْ تَمْنَعَ حَقَّ اللهِ في مَالِكَ أي كمَالِ الزَّكاةِ أَيِ الصَّدَقَةِ الواجِبَةِ.
أمَّا صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مِنْ مَالٍ طَيِّبٍ حَلالٍ أَجْرُها عَظِيمٌ عندَ اللهِ.
فَأَنْفِقْ أخِي المسلم وَتَوَكَّلْ علَى الْحَيِّ الذِي لا يَمُوتُ وَفَوِّضْ أمرَكَ إلَى اللهِ.
وَتَذَكَّرْ أنَّ الصَّدَقَةَ تُطْفِئُ الخطيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الماءُ النارَ وَأَنَّ الصَّدَقَةَ سَبَبٌ لِدَفْعِ البَلاءِ عَنْكَ وَلِقَضَاءِ الحاجَاتِ فَكَمْ مِنْ أُنَاسٍ سَعِدُوا بِقَضَاءِ حَوَائِجِهِمْ بِسَبَبِ صَدَقَةٍ تَصَدَّقُوا بِها لِوَجْهِ اللهِ.
وَتَذَكَّرْ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ لِسَيِّدِنا بلالٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ “أَنْفِقْ بِلالُ وَلا تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلالا”.
اللهمَّ اجعَلْنا مِنَ الْمُصَّدِّقينَ يا ربَّ العالَمِينَ.
هذا وأستغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم.
الخطبة الثانية
إن الحمدَ للهِ نحمَدُهُ سُبحانَه وتَعالَى وَنَسْتَهْدِيهِ وَنَشْكُرُه، وَنَعُوذُ باللهِ مِنْ شُرورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنا، مَن يهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ لَهُ ومن يُضلِلْ فلا هَادِيَ لهُ، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له وأشهدُ أنَّ سيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه وصفيُّه وحبيبُه صلَّى اللهُ عليهِ وعلى كلِّ رسولٍ أرسلَه.
أما بعد عبادَ اللهِ، فَإِنِّي أُوصِيكُمْ ونفسِيَ بِتَقْوَى اللهِ العَلِيِّ العظيمِ وبالثباتِ على نهجِ رسولِه محمدٍ الصادقِ الوَعْدِ الأمينِ.
واعلَموا أنَّ اللهَ أمرَكُمْ بأمْرٍ عظيمٍ، أمرَكُمْ بالصلاةِ والسلامِ على نبيِهِ الكريمِ فقالَ {إنَّ اللهَ وملائكتَهُ يصلُّونَ على النبِيِ يَا أيُّهَا الذينَ ءامَنوا صَلُّوا عليهِ وسَلّموا تَسْليمًا} اللّهُمَّ صَلّ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا صلّيتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيم وبارِكْ على سيّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِ سيّدِنا محمَّدٍ كمَا بارَكْتَ على سيّدِنا إبراهيمَ وعلى ءالِ سيّدِنا إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ، يقول الله تعالى: {يا أيُّها الناسُ اتَّقوا رَبَّكم إنَّ زلزَلَةَ الساعَةِ شَىءٌ عَظِيمٌ يومَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حملَها وَتَرَى الناسَ سُكارَى ومَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عذابَ اللهِ شَديدٌ}، اللّهُمَّ إنَّا دعَوْناكَ فبجاه محمّد استجبْ لنا دعاءَنا، اللهم بجاه محمّد اغفرِ لنا ذنوبَنا وإسرافَنا في أمرِنا، اللّهُمَّ اغفِرْ للمؤمنينَ والمؤمناتِ الأحياءِ منهُمْ والأمواتِ ربَّنا ءاتِنا في الدنيا حسَنةً وفي الآخِرَةِ حسنةً وقِنا عذابَ النارِ، اللّهُمَّ بِجَاهِ محمّد اجعلْنا هُداةً مُهتدينَ غيرَ ضالّينَ ولا مُضِلينَ، اللّهُمَّ بجاه محمّد استرْ عَوراتِنا وءامِنْ روعاتِنا واكفِنا مَا أَهمَّنا وَقِنا شَرَّ ما نتخوَّفُ.
عبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمرُ بالعَدْلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القربى وينهى عَنِ الفحشاءِ والمنكرِ والبَغي، يعظُكُمْ لعلَّكُمْ تذَكَّرون.
اذكُروا اللهَ العظيمَ يذكرْكُمْ واشكُروهُ يزِدْكُمْ، واستغفروه يغفِرْ لكُمْ واتّقوهُ يجعلْ لكُمْ مِنْ أمرِكُمْ مخرَجًا، وَأَقِمِ الصلاةَ.