الحمد لله الذي أكمل لنا الدين، وأتم علينا النعمة وجعل أمتنا خير أمة، وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا ءاياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة. أحمده على نعمة الجمة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله أرسله للعالمين رحمة وفرض عليه بيان ما أنزل إلينا فأوضح لنا الأمور المهمة فأدى الأمانة ونصح الأمة فصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وأصحابه أولي الفضل والهمة.
عباد الله أوصي نفسي وإياكم بتقوى الله العظيم القائل في كتابه الكريم: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}
فاتقوا الله عباد الله ولا تلهينكم الدنيا وشهواتها ومتاعها وأموالها عما عند الله فإن الله تبارك وتعالى عنده حسن المئاب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم: “إن هذا المال حلوة خضرة من أخذه بحقه ووضعه في حقه فنعم المعونة هو ومن أخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع” اهـ. شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم المال من حيث الرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة التي تميل إليها النفس وتشتهيها فالذي يأخذ المال من طريق حلال فيستعين به على أمر نفسه وأهله ويصرفه في وجوه البر والخير بنية حفظ نفسه أو يصرفه على زوجته بنية حسنة أو على أولاده أو على أبويه أو على أبويه أو على أقربائه فهو نعمة عظيمة من الله تعالى على عبده المؤمن فالمال الذي يأخذه المؤمن من الموضع الذي أحله الله ويضعه فيما يحب الله يكون عونا له على ءاخرته لأنه يكون وسيلة لكسب الأجر في الأخرة فيكون نعم المعونة على مصالح الآخرة كما أنه معونة على مصالح المعيشة. وأما من أخذه بغير حقه فاكتسبه بطريقة محرمة فإنه يحرم بركته فيكون كالذي يأكل ولا يشبع وإن كان ذلك المال كثيرا وعليه وبال ذلك يوم القيامة.
فليس المال إخوة الإيمان مذمومًا على الإطلاق فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: “نعم المال الصالح للرجل الصالح” اهـ. فالرجل الصالح الذي يأخذ ماله من طريق حلال ويصرفه في وجوه الخير فنعم المال له. ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته رضوان الله عليهم أسوة حسنة في بذل المال في وجوه الخير والبر، فقد قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقى جبريل عليه السلام فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود حينئذ من الريح المرسلة. وكان أبو بكر رضي الله عنه مثالا في البذل والعطاء في طاعة الله تعالى إذ صرف ثروته كلها في سبيل الله عز وجل رغبة في الآخرة ونصرة للدين ولرسول الله صلى الله عليه وسلم وإعانة ضعفاء المسلمين حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر” فبكى أبو بكر رضي الله عنه وقال: “هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله” اهـ .وقال عمر رضي الله عنه: “أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ووافق ذلك مالا عندي فقلت اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما، قال فجئت بنصف مالي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أبقيت لأهلك؟” قلت مثله، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما أبقيت لأهلك؟” فقال أبقيت لهم الله ورسوله، قال عمر: “فقلت لا أسابقك إلى شيء أبدًا” اهـ
فاسأل نفسك أخي المسلم قبل أن تأخذ المال وقبل أن تنفقه من أين تكتسبه وفيم تنفقه فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيم أفناه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيم أنفقه، وعن جسده فيم أبلاه” اهـ.
اسأل نفسك أخي قبل أن تسأل وحاسب نفسك قبل أن تحاسب جعلك الله وإياي من الذين يسارعون في بذل المال الحلال في وجوه الخيرات والطاعات ومن الذين يتزودون لآخرتهم بالأعمال الصالحة ليلا ونهارا لتكون لنا ذخرا وزادا يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website