إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونشكره ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولا مثيل له ولا ضد ولا ند له ولا زوجة ولا ولد له ولا جثة ولا أعضاء له ولا كيفية ولا صورة ولا مكان له، تنَزه الله عن الشكل والجسم والصورة والأعضاء وكل ما هو من صفات خلقه، وقد صدق الطحاوي بقوله: “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر”.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقائدنا وقرة أعيننا محمدًا عبده ورسوله وصفيه وحبيبه، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًّا من أنبيائه. اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تقضي بها حاجاتنا وتفرج بها كرباتنا وتكفينا بها شر أعدائنا وسلم عليه وعلى ءاله سلامًا كثيرا.
أما بعد عباد الله، فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي القدير القائل في محكم كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لَّا بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} [سورة البقرة: ءاية 254].
ويقول النبي الأعظم صلى الله عليه وسلم: “سبعةٌ يُظِلُّهم اللهُ في ظِلِّه (أي ظلِّ العرش يوم القيامة) يومَ لا ظلَّ إلَّا ظلُّه: إمامٌ عادل، وشابٌّ نشأَ في عبادةِ الله تعالى، ورجلٌ مُعلَّقٌ قَلْبُهُ في المساجد، ورجلان تحابَّا في الله، اجتمعا عليه وتفرَّقَا عليه، ورجلٌ دَعَتْهُ امرأةٌ ذاتُ مَنْصِبٍ وجمالٍ فقال: إني أخافُ الله، ورجلٌ تصدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِمالُه ما تُنفق يمينُه، ورجلٌ ذكرَ الله خاليًا ففاضتْ عيناه“.
قال صلى الله عليه وسلم: “ورجلٌ تصدَّقَ بِصَدَقَةٍ فأخفاها حتى لا تعلمَ شِمالُه ما تُنفق يمينُه”.
عباد الله، إن الصدقةَ والجودَ والسخاء والسماحة خصالُ خيرٍ وصفاتٌ حميدةٌ يُمتدحُ بها المرءُ ويُكرم بها بين قومه وعشيرته، وإن التصدقَ والإنفاق في وجوه الخير والطاعات على أنواعها احتسابًا للأجر من الله تعالى وثقة به سبحانه أي بوعده الذي لا يتخلف من حسن الجزاء على ذلك في دار القرار في الجنة دليلُ الفلاح والخيرات. كيف لا وقد قال الرسول العظيم عليه الصلاة والسلام: “والصدقةُ بُرهان”، أي دليل على قوة إِيْمان من تصدق وعلامة على تصديق باذلها بوعد الله تعالى الذي لا يتخلف وعده حيث قال الله عز وجل: {وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ} الآية. [سورة سبأ: 39].
ومما ورد عن الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم في حَضِّ مَن عليهِ دفعُ الزكاةِ الواجبةِ لدفعها قولُه عليه الصلاة والسلام: “ما من يوم يصبحُ العباد فيه إلا ملكانِ ينْزلان فيقول أحدُهما اللهمَّ اعطِ مُنفقًا خلفًا ويقول الآخرُ اللهمَّ أعطِ ممسكًا تلفا” (أي في أمر الزكاة) متفق عليه.
ويقول الله سبحانه وتعالى: {مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّئَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاء وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [سورة البقرة: 261].
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وقال العلماء: “إنَّ الصدقةَ الحلالَ الـمُخرجةَ من المال تَقرُّبًا إلى الله تعالى واحتسابًا للأجر منه سبحانه يُباركُ اللهُ عزَّ وجل في مال صاحبها بالبركةِ الخفيةِ التي تحصلُ في مال صاحبها”.
وقالوا: “إنَّ المالَ الذي خَرجتْ منه الصدقةُ وإن نَقَصَتْ صورتُه لكنْ ثوابُه المعدُّ له في الآخرة جابرٌ لنقصِه”.
ولنا في رسولنا الأعظمِ عليه الصلاة والسلام قدوةٌ حسنةٌ في سخائه وكرمه وإنفاقه الكثير في سبيل الله تعالى. كيف لا وهو سيِّدُ الكرماء وأجودُ الناس عرفه هذا العالم.
عباد الله، جاء في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: “كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناسِ وأشجعَ الناس وأجودَ الناس”.
كان جودُه صلى الله عليه وسلم يتضاعفُ في رمضان ويزداد، وذلك لأسباب أحدها: أن شهرَ رمضانَ موسمُ الخيرات لأنَّ نِعَمَ اللهِ على عبادِه فيه زائدةٌ على غيره. ثانيها: أن الصدقةَ في رمضانَ أفضلُ منها في غيره لِما جاء في سُنَنِ الترمذيِّ عن أنسٍ عن النبي صلى الله عليه وسلم: “أفضلُ الصدقةِ صدقةٌ في رمضان”. ومنها أنّ شهرَ رمضانَ شهرُ المواساةِ والتعاونِ والمساعدة والرحمة والمغفرة والعتق من النار. هو شهرٌ أولُه رحمة وأوسطُه مغفرة وءاخرُه عتق من النار. قال الله تعالى: {لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُوا اللهَ وَاليَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيْرًا} [سورة الأحزاب: 21].
والزكاة إخوة الإيمان هي أحد الأمور التي هي أعظم أمور الإسلام، ومنعُ الزكاة لمن وجبتْ عليه من الكبائرِ لحديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: “لعن الله ءاكلَ الربا وموكلَه ومانعَ الزكاة“، فمن منعها بعد أن وجبت عليه وهو يعتقد بوجوبها لا يكفر لكنه عصى الله معصية كبيرة، فنصيحتنا لإخواننا التجار وأصحاب الأموال التي قد تكون بلغت النصاب ووجب فيها الزكاة أن يسألوا أهل العلم الثقات عن الحكم الشرعي في أموالهم في تجارتهم، ونصيحتنا أن تدفع الزكاة للمستحقين، الأصناف الثمانية الذين ذكرهم القرءان الكريم: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ} [التوبة: 60].
فلا يصح ولا يجوز ولا يكفي دفعُ الزكاة إلى غير هؤلاء الأصناف الثمانية المذكورين في الآية القرءانية. ولا تدفع الزكاة لمن تجب عليك نفقتُهم كالأمّ والأب والزوجة ولا تدفع لكافر ولا لإنسان من بني هاشم وبني المطّلب وكل منسوب إلى الحسن أو الحسين .
فالمتعلم إخوة الإيمان هو الذي يميِّز مَن هو الفقير ومن هو المسكين وغير ذلك، نعم المتعلم لشرع الله هو الذي يميِّز لمن تدفع ولمن لا تدفع الزكاة.
فلذلك إخوة الإيمان نذكركم بإخراج زكاة الفطر وهي صاعٌ من غالبِ قوتِ البلد، ويجوزُ في المذهبِ الحنفي إخراجُ قيمةِ ثلاثة أمدادٍ منَ القمحِ وهي لهذا العام تقريبًا خمسة دولارات أسترالية ومن أراد أن يدفع زيادةً فلْينوِ أن ما زادَ على القدر الواجب فهو صَدَقَة.
نسألُ اللهَ تعالى التوفيق على فعل الطاعات والخيرات وأن يرزقنا رؤية ليلة القدر في اليقظة. اللهم اجعلنا من المقتدين بنبيّك محمد عليه الصلاة والسلام واحشرنا معه ومع إخوانه النبيين والصديقين والشهداء يا أرحم الراحمين .
هذا وأستغفر الله لي ولكم.