إنَّ الحمدَ للهِ نحمدُهُ ونستغفرُهُ ونستعينُهُ ونستهديه ونشكرُهُ، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالنا، من يهدِ اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يُضلل فلا هادِيَ له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحدَهُ لا شريكَ له ولا مثيل ولا شبيه لهُ ولا ضدّ ولا ندّ له. وأشهدُ أنّ سيدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقرّةَ أعيننا محمّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ وحبيبهُ وخليلهُ مَن بعثَه اللهُ رحمةً للعالمين هادِيًا ومبشرًا ونذيرًا بلّغَ الرسالة وأدى الأمانة ونصحَ الأمّةَ وجاهدَ في الله حقَّ جهادِهِ فجزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جزَى نبيًّا مِن أنبيائِهِ.
أما بعد، فيا عبادَ الله أوصي نفسى وأوصيكم بتقوى الله العليّ العظيم، فإنَّ الدنيا لم تُخلقْ للبقاء ولم تكنْ دارَ إقامة، وإنما جُعِلتْ للتزوّدِ منها إلى الآخرة، وقدْ ءاذَنَتْ بِالانصرامِ وَوَلَّت، قال تعالى: {اِقْتَرَبَ للنَّاسِ حِسـابُهُم وَهُمْ فى غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1]. وقالَ عزَّ وَجَلَّ: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ} [الزخرف: 66].
وقدْ جَعَلَ اللهُ عَزَّ وَجَل للسَّاعَةِ علاماتٍ تَدُلُّ على قُربها وانْتِهَاءِ هذه الحياةِ الدُّنيا، ولا أَحد يعلمُ متى تقومُ القيامةُ على التَّحديدِ إلا اللهُ وحدَه، لا شريكَ له جلَّ جلالُه وتَعالى سُلطانُه، وهي مِنَ الغَيبِ الذي اسْتَأْثَرَ اللهُ بعِلْمِهِ ولم يُطْلِعْ علَيه أحدًا حتى الرسولَ محمدًا صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: {وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ ٱلغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُو} [الأنعام: 59].
وقالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “مَفَاتِيْحُ الغَيب خَمْسٌ“ ثم قرأ الآية: {إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [لقمان: 34].
وعنْ أنسِ بنِ مالك قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم : “بُعِثْتُ أَنَا والسَّاعَةُ كَهَاتَيْن“ قالَ: وَضَمَّ السَّبَّابَةَ وَالوُسْطَى، رواه البخاريُّ ومُسلم وغيرُهما.
وَمِنْ علاماتِ الساعةِ زَوالُ جبالٍ عنْ مَرَاسِيْها، وكثرةُ الزلازلِ، وكثرةُ الأمراضِ التي مَا كانَ يَعْرِفُها الناسُ سابقًا، وكثرةُ الدَّجالينَ وخطباءِ السُّوءِ، وادّعاءُ أُناسٍ النُّبُوّةَ، وتَغَيُّرُ أحوالِ الهواءِ في الصيفِ يَصيرُ كأنَّه في الشّتاءِ وفي الشتاءِ يصيرُ كأنَّه في الصيفِ، وكذلك قِلَّةُ العلمِ وكثرةُ الجهلِ بعلمِ الدِّين، وكثرةُ القَتْلِ والظُّلمِ، وتقاربُ الزَّمانِ وتقاربُ الأسواقِ وتَدَاعي الأممِ على أُمَّةِ محمَّدٍ كتَدَاعِيْهِم على قَصْعَةِ الطَّعَامِ يُحيطونَ بهم مِنْ كُل صَوب. وهذا كلُّه حَصَل.
وَقَدْ أَخْرَجَ الطَّبرانيُّ في “الأَوْسَط” مِنْ طَرِيْقِ سعيدِ بنِ جُبيرٍ عَنْهُ رَفَعَهُ “لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَظْهَرَ الْفُحْشُ وَالْبُخْلُ، وَيُخَوَّنَ الأَمِينُ وَيُؤْتَمَنَ الْخَائِنُ، وَيَهْلِكَ الْوُعُولُ ويظهرَ التُّحُوتِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْوُعُولُ وَمَا التُّحُوتُ؟ قَالَ: الْوُعُولُ وُجُوهُ النَّاسِ وَأَشْرَافُهُمْ، وَالتُّحُوتُ الَّذِينَ كَانُوا تَحْتَ أَقْدَامِ النَّاسِ ليس يُعلَم بهم“.
وعن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال: “بادِرُوا بالأعمالِ فِتنًا كَقِطَعِ الليلِ المُظلم، يُصْبحُ الرجلُ مؤمنًا ويُمسي كافرًا أو يُمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا يبيعُ دينَه بَعَرَضٍ منَ الدنيا” رواه مسلم.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وروى مسلمٌ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إِنَّهُ لَمْ يَكُنْ نَبِيٌّ قَبْلِي إِلَّا كَانَ حَقًّا عَلَيْهِ أَنْ يَدُلَّ أُمَّتَهُ عَلَى خَيْرِ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَيُنْذِرَهُمْ شَرَّ مَا يَعْلَمُهُ لَهُمْ وَإِنَّ أُمَّتَكُمْ هَذِهِ جُعِلَ عَافِيَتُهَا فِي أَوَّلِهَا وَسَيُصِيبُ ءاخِرَهَا بَلَاءٌ وَأُمُورٌ تُنْكِرُونَهَا وَتَجِيءُ فِتْنَةٌ فَيُرَقِّقُ بَعْضُهَا بَعْضًا وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ مُهْلِكَتِي ثُمَّ تَنْكَشِفُ وَتَجِيءُ الْفِتْنَةُ فَيَقُولُ الْمُؤْمِنُ هَذِهِ هَذِهِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُزَحْزَحَ عَنْ النَّارِ وَيُدْخَلَ الْجَنَّةَ فَلْتَأْتِهِ مَنِيَّتُهُ وَهُوَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَأْتِ إِلَى النَّاسِ الَّذِي يُحِبُّ أَنْ يُؤْتَى إِلَيْهِ” رواه مسلم.
وعن أبي هريرةَ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ وَيُلْقَى الشُّحُّ وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّمَ هُوَ قَالَ الْقَتْلُ الْقَتْلُ” رواه البخاري.
وعن أبي إدريسَ الخولاني أنه سمع حُذيفةَ بنَ اليمان يقولُ: كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ الْخَيْرِ وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِى جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ». قَالَ : فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ؟ قَالَ : «نَعَمْ وَفِيهِ دَخَنٌ». فَقُلْتُ: وَمَا دَخَنُهُ؟ قَالَ: «قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْيِي تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ». قُلْتُ: هَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ؟ قَالَ: «نَعَمْ دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا». قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا. قَالَ: «هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا». قُلْتُ: فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ؟ قَالَ: «تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ». قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَكُنْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ؟ قَالَ: «فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ وَأَنْتَ على ذَلِكَ» رواه البخاري.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: “إنها سَتَأتي على النّاسِ سِنُونَ خَدَّاعَةٌ، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ، قِيلَ وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ قَالَ السَّفِيهُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ“ رواه أحمد وغيره.
وعن أنسِ بنِ مالك رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: ”يأتي على النّاسِ زمانٌ الصَّابرُ فيهم على دِينه كالقابضِ على الجمر” رواه الترمذي.
وعن عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فَعَلَتْ أُمَّتي خمسَ عشرَةَ خَصْلَة حلَّ بها البلاءُ، فقيل: وما هُنَّ يا رسولَ الله؟ قال: إذا كان المَغنمُ دُوَلا، والأمانةُ مَغْنما، والزّكاةُ مَغرَما، وأطاعَ الرجُلُ زوجتَهُ وعقَّ أُمَّه، وبرَّ صديقَهُ وجَفا أباه، وارتَفَعَتِ الأصواتُ في المساجد، وكان زَعيمُ القومِ أرذَلَهم، وأُكرمَ الرَّجُلُ مخافةَ شرِّه، وشُرِبَ الخمرُ، ولُبِس الحريرُ، واتُّخِذَتِ القَيْنَاتُ والمعازف، ولَعَنَ ءاخِرُ هذه الأُمّةِ أوَّلَها، فلْيَرْتَقِبُوا عند ذلك ريحًا حمراءَ، وخسفًا أو مَسْخا» رواه الترمذي.
أسأل الله تعالى أن ينفعني وإياكم بهذه الكلمات.
أقول قولي هذا وأستغفر الله.