الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على سيدنا محمد وعلى آله واصحابه الطيبين الطاهرين اما بعد : يقول الله تعالى في سورة القمر:”إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ .”الأية / 49
و يقول “وخلقَ كل شيء فقدرهُ تقديراً” وكقوله تعالى “سبح اسم ربك الأعلى الذي خلقَ فسوى والذي قدَّرَ فهدى” أي قدر قدراً وهدى الخلائق إليه، لهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السابق لخلقه وهو علمه الأشياء قبل كونها وكتابته لها قبل برْئِهَا وردوا بهذه الآية وبما شَاكلها من الآياتِ وما ورد في معناها من الأحاديثِ في شرح كتاب الإيمان من صحيح البخاري رحمه الله ولنذكر هاهنا الأحاديث المتعلقة بهذه الآية الكريمة عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كل شيء بقدر حتى العجز والكيس” أي البلادة والذكاء /ورواه مسلم والبيهقي.
وفي الحديث الصحيح “استعن بالله ولا تعجز فإن أصابكَ أمرٌ فقلْ قدَّرَ الله وما شاءَ فعل ولا تقلْ لو إني فعلتُ لكانَ كذا فإن لوْ تفتحُ عملَ الشيطانِ”. وفي حديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له “واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم يكتبْهُ اللهُ لكَ لم ينفعوكَ ولو اجتمعوا على أن يضروكَ بشيء لم يكتبْهُ الله عليكَ لم يضروك جفتْ الأقلامُ وطُويتِ الصحفُ” أي ما كتبتهُ الملائكة مما أرادهُ الله وأمرَّ بهِ لا يتغيّر.
وفي حديثٍ آخر يقول: “إن أول ما خلق الله القلم ثم قال له اكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة”. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة” زاد ابن وهب “وكان عرشه على الماء” ورواه الترمذي وقال حسن صحيح غريب.عن زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ :” لَوْ أَنَّ اللَّهَ عَذَّبَ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ وَأَهْلَ أَرْضِهِ لَعَذَّبَهُمْ وَهُوَ غَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَوْ رَحِمَهُمْ لَكَانَتْ رَحْمَتُهُ خَيْرًا لَهُمْ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَوْ كَانَ لَكَ مِثْلُ أُحُدٍ ذَهَبًا أَوْ مِثْلُ جَبَلِ أُحُدٍ ذَهَبًا تُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا قَبِلَهُ مِنْكَ حَتَّى تُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ كُلِّهِ فَتَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ وَأَنَّكَ إِنْ مُتَّ عَلَى غَيْرِ هَذَا دَخَلْتَ النَّارَ . رواه أبن ماجة في السنن وأبي داوود.
وأما الأية الكريمة: قال الله تعالى:{يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} . سورة الرحمن الأية / 29 وجاء في تفسير الأية :” وهذا إخبارٌ عن غناهُ عن المخلوقاتِ عما سواهُ وافتقارُ الخلائقِ إليهِ في جميع الآناتِ والأوقاتِ وأنهم يسألونهُ بلسانِ حالهمْ ومقالهمْ و أنه كل يوم هو في شأن. عن مجاهد: عن عبيد بن عمير “كل يوم هو في شأن” قال من شأنه أن يجيبُ داعيًا أو يُعطي سائلاً أو يفكُ أسيراً أو يُشفي سقيماً أي مريضاً. و قال الأعمشُ :” كل يوم هو يجيبُ داعياً ويكشفُ كرباً و يجيب مضطراً ويغفر ذنباً وقال قتادة: لا يستغني عنه أهل السموات والأرض يحيى حياً ويميت ميتاً ويربي صغيراً و يفكُ أسيراً وهو منتهى حاجات الصالحين وصريخهم ومنتهى شكواهم..وقال ابن جرير عن عبدالله بن منيب الأزدي عن أبيه قال: تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية “كل يوم هو في شأن” فقلنا يا رسول الله وما ذاك الشأن؟ قال “أن يغفرُ ذنباً ويفرجُ كرباً ويرفعُ قوماً ويضعُ آخرين”. وورد نحوه عن أم الدرداء. وقد رواه ابن عساكر من طرق متعددة عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم.
إعلم أنَّ تقديرَ اللهَ الأزليَّ لاَ يتغَيّرُ ، إذاً التغيّرُ لمن؟ للمخلوقات، وليس في مشيئة اللهِ. ورد في كتاب السنن لأبي داود أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. كَانَ يُعَلِّم بعض بناته فَيَقُولُ قُولِي” مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ وَمَا لَمْ يَشَأْ لَمْ يَكُنْ. وقد أحسن الناسُ حين قالوا :” سبحانَ الذي يُغيّرُ ولا يَتغيّرُ “. كلام جميل.
صفات الله أزليةٌ أبديةٌ لا تتغَيّرُ لذلكَ لا يجوزُ أن يعتقدَ الإنسانُ أن ربنا يغيرُ مشيئتَهُ لدعوةِ داعٍ أو لصدقةِ متصدقٍ أو لنذرِ ناذرٍ أو لصلاةِ مصلٍ أو غيرِ ذلكَ من الحسناتِ، بل لا بدَّ أن يكونَ الخلقُ على ما قدَّرَ لهمْ من غيرِ أن يتغيّرَ ذلكَ ومما إستدل به أهل الحقِّ على ذلكَ الحديث الذي أخرجه الحافظ ابن حجر من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:” سألتُ ربي أربعاً فأعطاني ثلاثاً ومنعني واحدةً ، سألتهُ أن لا يكفرَ أمتي جُملةً فأَعْطَانِيهَا ، ( أمةُ محمَّدٍ من حيث الجملة لا تكفرُ قد يقع قسم منها في الكفرِ لكنها لا تكفرُ جُملةً). قال :” وسألتهُ أن لا يهلِكَهُم بما أهلكَ بهِ الأممَ قبلهمْ فَأعْطَانِيهَا وسألتهُ أن لا يُسلطَ علِيهمْ عدواً من غيرِهم فيستَأْصِلَهم فَأعْطَانِيهَا وسألتهُ أنْ لاَ يجعلَ بأْسَهمْ بينَهمْ أي أنْ لاَ يتقَاتَلُوا فَمَنعَنِيهَا ، وفي روايةٍ قالَ :” يا محمّد إني إذا قضيتُ قضاءً فإنهُ لا يُرَدُّ ” . هكذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلو كان الله يغيرُ مشيئتَهُ لدعوة داع لغيّرها لحبيبهِ محمّدٍ ولكنَّهُ قال :” فمنعنيها”. ما استجاب له الدعوة الرابعة .
وكلامنا هذا لبيان الحقِّ والمسائل الشرعية وليس دعوةٌ للكسل وعدم العمل . فقد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” إِنَّ النُّطْفَةَ تَكُونُ فِي الرَّحِمِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا عَلَى حَالِهَا لَا تَغَيَّرُ فَإِذَا مَضَتِ الْأَرْبَعُونَ صَارَتْ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً كَذَلِكَ ثُمَّ عِظَامًا كَذَلِكَ فَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُسَوِّيَ خَلْقَهُ بَعَثَ إِلَيْهَا مَلَكًا فَيَقُولُ الْمَلَكُ الَّذِي يَلِيهِ أَيْ رَبِّ أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى، أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ ، أَقَصِيرٌ أَمْ طَوِيلٌ أَنَاقِصٌ أَمْ زَائِدٌ ، قُوتُهُ وَأَجَلُهُ أي رزقهُ وعمرهُ ، أَصَحِيحٌ أَمْ سَقِيمٌ ، قَالَ فَيَكْتُبُ ذَلِكَ كُلَّهُ فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ :” فَفِيمَ الْعَمَلُ إِذَنْ وَقَدْ فُرِغَ مِنْ هَذَا كُلِّهِ ؟ قَالَ :” اعْمَلُوا فَكُلٌّ سَيُوَجَّهُ لِمَا خُلِقَ لَهُ ” والحديثُ رواه الإمام أحمد في المسند قال الحسنُ البصري رحمه الله:” من لم يؤمن بالقدَّرِ فقدْ كفرَ “. وهو مأخؤذٌ من حديثِ جبريل الذي رواه الإمام مسلم والترمذي وأبو داوود وأحمد. قَالَ فَأَخْبِرْنِي عَنِ الْإِيمَانِ قَالَ:” أَنْ تُؤْمِنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَتُؤْمِنَ بِالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ قَالَ صَدَقْتَ قَالَ وفي روايةٍ :”حلوهِ ومرهِ “.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
القضاء : 1 – منه ما هو مبرمٌ لا يتغيّر وقد شرحناه .2- ومنه ما هو معلقٌ
وأما مسئلة : القضاء المعلق أو القدرِ المعلقِ :” الذي يقول أن الله كَتَبَ قَدراً مُعَلقاً بأنَّ فلاناً إن فعل كذا يصيبهُ كذا من مطالبهِ أو يدفع عنه شيئاً من البلاء وإن لم يفعل كذا لا ينالُ ما طلبهُ لأن الملائكة يكتبون في صحفهم على وجه التعليق على حسب ما يتلقون من قبل الله تعالى فهذا لا ينافي الإيمان بالقدر فالمعلقُ معناهُ أنهُ معلقٌ في صحفِ الملائكة التي نقلوها من اللوحِ المحفوظِ فيكون مكتوباً عندهم مثلاً فلان إن وصل رحمهُ أو برَّ والديهِ أو دعا بكذا يعيشُ إلى المائة أو يعطى كذا من الرزقِ والصحةوإن لم يصلْ رحمهُ يعيشُ إلى الستين ولا يُعطىَ كذَا من الرزقِ والصحةِ هذا معنى القضاء المعلقِ أو القدر المعلقِ وليسَ معناهُ أنَّ تقديرَ الله الأزليِّ الذي هو صفتهُ معلقٌ على فعلِ الشخصِ أو دعائهِ فالله تعالى يعلمُ كلَّ شيءٍ ولا يخفى عليهِ شيءٌ وهو يعلمُ بعلمهِ الأزليِّ أيُّ الأمرين سيختارُ إذا الشخصُ وما الذي سيصيبهُ واللوحُ المحفوظُ كُتِبَ فيهِ ذلكَ كلهُ وعلى مثلِ ذلكَ يحملُ الحديثُ الذي رواهُ البيهقيُّ عن ابن عباسٍ أنهُ قالَ : ” لا ينفعُ حذرٌ من قدرٍ “.ولكنَّ الله عز وجلَّ يمحو بالدعاء ما شاءَ من القدرِ “. أما الأول “: لاَ ينفعُ حذرٌ من قدر ” معناه فيما كُتِبَ من القضاء المحتومِ المبرم الذي لا يتغيّر والثاني ” ولكن الله يمحو بالدعاءِ ما شاءَ من القدرِ ” معناه المقدورِ . وقد سار عمرَ بن الخطاب رضي الله عنه ومعه ناس من الصحابة إلى الشام فاستقبله معاوية وامراء الشام وأخبروه بشدة وطاة الطاعون في البلاد الشامية فتوقف عن الدخول وإستشار رؤساء الصحابة فبعضهم أشار بالدخول والبعض أشار بعدم الدخول وكان رأي عمر عدم الدخول للبلاد التي فيها الطاعون خوفاً على الصحابة الذين معه، الا أنهُ أراد الرجوع بالجيشِ خوفاً عليهِ من الطاعون فقال أحدهم:” يا أمير المؤمنيين ” أتفرُّ من قدر الله “. فقال عمر :” نفرُّ من قدَّرِ اللهِ إلى قدَّرِ الله .قَالَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِذَا سَمِعْتُمْ بالطَّاعُونَ بِأَرْضٍ فَلَا تُقْدِمُوا عَلَيْهِا وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ فيهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ ” رواه البخاري في الصحيح . فحمدَ الله عمر ورجع بمن معه ولم يدخل الشام.
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” يَدْخُلُ الْمَلَكُ عَلَى النُّطْفَةِ بَعْدَمَا تَسْتَقِرُّ فِي الرَّحِمِ بِأَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَيَقُولُ يَا رَبِّ مَاذَا أَشَقِيٌّ أَمْ سَعِيدٌ، فَيَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَكْتُبَانِ فَيَقُولَانِ مَاذَا أَذَكَرٌ أَمْ أُنْثَى، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَيَكْتُبَانِ، فَيُكْتَبُ عَمَلُهُ وَأَثَرُهُ وَمُصِيبَتُهُ وَرِزْقُهُ ثُمَّ تُطْوَى الصَّحِيفَةُ فَلَا يُزَادُ عَلَى مَا فِيهَا وَلَا يُنْقَصُ.
رواه الإمام أحمد في مسنده والبخاري في معناه في الصحيح ولذا فقد قال الإمام أحمد بن حسين بن رسلان المتوفى في رملة فلسطين سنة 844 هجرية في كتابه الزبد وكان رأس الصوفية في عصره وله كرامات:” إن الشقيَّ لشقيُّ الأزلِ وعكسهُ السعيدُ لم يُبدَّلِ ومن هنا نقول أن الذي كان يعتقد أن الله يغير مشيئته لدعوة داع أو يغير مشيئته لصدقة متصدق أو يغير مشيئته لنذر ناذر من كان يعتقد ذلك بقلبه أو قاله بلسانه فليعلم أنه على عقيدة ضد القرءان على عقيدة تكذب القرءان ومن كان على عقيدة تكذب القرءان فليصلح عقيدته وليعتقد أن مشيئة الله لا تتغير وليقل أشهد أن لا اله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. تبرأ ً من الكفر الذي كان عليه ورجوعاً إلى الإسلام فإننا على مقربة من ليلة مباركةٍ وليلة كريمة هي ليلة النصف من شعبان.عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :” إِنَّ اللَّهَ لَيَطَّلِعُ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ /فَيَغْفِرُ لِجَمِيعِ خَلْقِهِ إِلَّا لِمُشْرِكٍ أَوْ مُشَاحِنٍ “.
عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ “: إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا نَهَارَهَا فَإِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ لِي فَأَغْفِرَ لَهُ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ أَلَا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ أَلَا كَذَا أَلَا كَذَا حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ” والحديثان رواهما ابن ماجة في السنن . يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :” إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها”، وقد جاء عن حبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم مما رواه الإمام مسلم أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل. أفضل صلاة بعد الفريضة صلاة الليل. ومن هنا أقول لكم، إن غاية ما يبلغه المرء ما يبلغه الإنسان في ليلة النصف من شعبان إن غاية ما نصل إليه في ليلة النصف من شعبان، أن يقومها أن يقوم تلك الليلة أن يحيي تلك الليلة بالصلاة والذكر وقراءة القرءان والدعاء وما في معناه من الخير والعبادات هذا غاية ما يبلغه المرء تلك الليلة، ليلة النصف من شعبان.
ليلة النصف من شعبان. فيها خير و خير الزاد التقوى، ربنا قال:{ وتزودوا فإن خير الزاد التقوى}، فليلة النصف من شعبان هي محطة لنا جميعا لنتزود من التقوى فربنا يقول:{ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا} سورة القصص الأية/77 ولا تنسى نصيبك من الدنيا، معناها تزود لآخرتك ليس معناه تمتع بدنياك لا كما فسره بعض أدعياء العلم الذين يحبون الدنيا والمال، ليس معناه تمتع بالدنيا لا وإنما الآية باتفاق المفسرين معناها لا تنسى نصيبك فيها من التزود لآخرتك لأن خير الزاد التقوى. والتقوى معناها أن تؤدي ما فرض الله وتجتنب ما حرّم الله، هذه هي التقوى أن تؤدي ما فرض الله وتجتنب ما حرم الله وهذا واجب علينا في النصف من شعبان وغيره، في كل يوم في كل ساعة و في كل دقيقة في كل مكان يجب عليك أن تؤدي الفرائض كلها وأن تجتنب المحرمات كلها. ومن جملة الواجبات أن تتعلم ما فرض الله عليك من علم الدين لأن الذي لا يتعلم علم الدين يقع في الحرام شاء أم أبى. ليس معنى علم الدين أن تتعلم السياسة ليس معنى الدين أن تتحزب أو أن تكون في خلية سرية لا، الدين الإسلامي واضح. مرادنا أن تتعلم الحلال والحرام لأن من لم يعر ف الشر يقع فيه. إذا نحن مأمورون بتقوى الله نحن مأمورون بأداء الفرائض واجتناب المحرمات في كل ءان في كل مكان و زمان ليس في شعبان فقط و ليس في رمضان فقط إذا غاية ما تصل إليه في ليلة النصف من شعبان أن تتزود من التقوى وأن تحيي تلك الليلة بالصلاة وتصوم فإن في ذلك أجر عظيم فإن بعض الناس قد إعتادوا في ليلة النصف من شعبان أن يدعوا دعاءً هذا الدعاء ينسبه بعض الناس لعمر أو لإبن مسعودٍ أو مجاهدٍ ولكن لم يثبت عن عمر ولا عن غيرهِ يقولون :” اللهم إن كنت كتبتني عندك في أم الكتاب شقيا أو محروما أو مطرودا أو مقترا علي في الرزق فامح اللهم شقاوتي”، هذه العبارات يرددها كثير من الناس لأنهم يظنون أنه دعاء خاص بليلة النصف من شعبان، لم يرد عن رسول الله دعاء خاص بليلة النصف من شعبان، لم يرد عن رسول الله دعاء خاص بشعبان لن يجد حديثا مسندا ثابت، بعض الناس هوايتهم الكذب على الرسول وهؤلاء ويل لهم ثم ويل لهم أمثال الذين يقولون:” رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي”. ثم يقولون :”رجب شهر الإستغفار وشعبان شهر الصلاة ورمضان شهر القرءان “. هذان الحديثان غير ثابتين عن رسول الله ولاأصل لهما عند علماء الحديث، فربنا يقول {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي}. الإسلام ليس بحاجة أن تكذب على رسول الله لذلك أقول لكم ليس هناك دعاءً خاصاً بتلك الليلة بل تدعو الله ما شئت.
قال الله تعالى :” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ” سورة البقرة الأية /186وقال تعالى أيضاً :{ وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا} سورة يونس الأية /12 روى الإمام الترمذي في سننه باب الدعوات
عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :” قَالَ الدُّعَاءُ مُخُّ الْعِبَادَةِ ” إخوة الإيمان إن المؤمن إذا دعا ربَّهُ وتذلل له كان له بذلك أجرٌ إن أخلص النيةَ ولقد بينَ النبي صلى الله عليه وسلم متى يكون الدعاء أقرب للإجابة فمن ذلك الدعاء ما بين الأذان والإقامة و ءاخر ساعة من يوم الجمعة و في الثلث الأخير من الليل و في السجود في الصلاة و دعاء المسافر و دعاء المظلوم و كذلك الدعاء عند قبر النبي وعند قبور غيره من الإنبياء و الدعاء عند قبور الصالحين و في ليلة القدر إن صادفها و الدعاء الملتزم وتحت الميزاب، ميزاب الرحمة. إخوة الإيمان، إن الدعاء قربةٌ من القرب إن كان بخير ، ينتفع المسلم بالدعاء ولو لم يحصل على مراده الذي طلبه فالداعي قد يعطى بعض ما طلب ولا يعطى البعض الآخر وأما قوله تعالى :{ وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} سورة غافر الأية / 60 ، معناه أعبدوني أثبكم. وينبغي أن يكون الدعاء بما يجوز الدعاء به شرعاً لا غير،وقد قال مفتي مدينة فرغانة بتركستان الشيخ سراج الدين الفرغاني الحنفي المتوفى سنة 575 هجرية في كتابه بدء الأمالي :وللدعواتِ تأثيرٌ بلِيغٌ وقدْ ينفيهِ أصحابُ الضَّلالِ وأما الآية : { يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }سورة الرعد الأية / ، 39 ليس معناه كما يقول البعض كان الله شاء أن يخلق فلانا ذكرا ثم غير مشيئته فخلقه أنثى هذا كفر أن فيه نسبة تغير والتغير ينسب للمخلوقين وربنا لا يتغير “يمحو الله ما يشاء ويثبت” معناه إن الله تعالى يمحو ما يشاء من القرءان ويرفع حكمه وينسخه و يثبت ما يشاء من القرءان لأن بعض ءايات القرءان نسخ حكمها كقوله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ }./سورة البقرة الأية /184 ، هذه الآية معناها أن الذي يطيق الصيام في رمضان يجوز له أن يترك الصيام ويدفع الفدية هكذا كان الحكم ثم نسخ بقوله :{ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } سورة البقرة الأية ،185 نسخ الحكم الأول بالآية الأخرى، واخيراً فإلى صاحب الرسالة وغيره بعد هذا البيان أثبت على المعتقد الصحيح بأن القدر من الله وأن مشيئة الله لاتتغير لأن التغير صفة المخلوقين والله منزه عن ذلك.
—————————-