القرضاوي خالف الائمة في تفسيره لمعنى “وفي سبيل الله”
تنبيه: من دفع زكاة ماله لطباعة الكتب أو عقد الندوات أو بناء المساجد أو المستشفيات أو افتتاح مراكز جمعيات وروابط أو نحو ذلك كما أجازه القرضاوي فلا يصح منه ذلك ولا يجزىء عنه زكاةً، أفتى بذلك مفتي مصر الفقيه الحنفيّ المشهور محمد بخيت المطيعي الأزهري وكذا وكيل المشيخة الإسلامية في الدولة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري وأقرَّه رحمهما الله، وقبلهما بكثير نقل ابن هبيرة الحنبلي الإجماع على ذلك ذكره في الإفصاح فَلْيُتَنَبَّهْ، فإن من فعل هذا يأتِي يوم القيامة والزكاة ما زالت في رقبته لم تبرأ منها ذمته، والله تعالى أعلم.
قال الله تعالى :{وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ (5 وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا ءاتَاهُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللهُ سَيُؤْتِينَا اللهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللهِ رَاغِبُونَ (59) إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (60) وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ ءامَنُواْ مِنكُمْ وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (61)} [سورة التوبة].
والصدقات جمع صدقة، والمراد هنا الصدقات المفروضة بدليل قوله تعالى:{فريضةً من الله} وهي الزكوات بالإجماع.
والصدقة ـ من حيث الأصل ـ حتى تقع وتحصل لا بد فيها من تمليك المال للمتصدّق عليه، ومَنْ دَفَعَ الزكاة على النحو الذي أجازه القرضاوي وأمثاله لم يقع منه التمليك لأنه لما أعطاها للمشرفين على الرابطة أو الجمعية لم يقصد أن يتملكوها بأنفسهم إنما قصد أن يكونوا وكلاء في صرفها، وهو يعلم أنهم لا يملّكونها لأهل الأصناف الثمانية بل يستأجرون بها قاعة أو يشترون أوراقًا أو يستثمرونها في تجارة أو يودعونها بنكًا تختلط فيه بالحرام البيّن أو نحو ذلك، فيكون نتيجة ذلك أن التملك لم يحصل وبالتالي فإن الصدقة الواجبة لم تقع، وهذا المال المدفوع لا يعتبر إذن في شرع الله زكاة صحيحة بل هو عبادة فاسدة واقعة في غير موقعها. فمن اتبع فتوى القرضاوي واعطى مال زكاته على الوجه الذي اباحه القرضاوي يكون قد اعطاها لغير مستحقيها ولم تسقط عنه وهي باقية في ذمته.
قال الشيخ الكوثري رحمه الله :”وتخصيص الصدقات المفروضة بالأصناف الثمانية أتى من لفظ “إنما” المفيد للحصر، وكون هذا الاختصاص بطريق التمليك جاء من وقوع اللام بين صدقاتٍ تُمَلَّكُ وشخصٍ يتملك ومن السياق لأن الآية في الرد على طلاب التملك من غير استحقاق فتكون الأصناف الثمانية هم الذين يُملَّكُونها عن جدارة” اهـ.
قال الخازن في تفسيره ما نصه :”المسئلة الثانية: الآية تدل على أنه لا حقَّ لأحد في الصدقات إلا هؤلاء الثمانية وذلك مجمع عليه لأن كلمتي “إنما” تفيدان الحصر وذلك لأنها مركبة من “إن” و”ما” فكلمة “إن” للإثبات وكلمة “ما” للنفي فعند اجتماعهما يفسدان الحكم المذكور وصرفه عما عداه، فدل ذلك على أن الصدقات لا تصرف إلا إلى الأصناف الثمانية” اهـ.
وكون الغزاة المتطوعين أحد الأصناف الثمانية الذين تُملَّكُ لهم الزكاة مأخوذ من قوله تعالى:{وفي سبيل الله} فإن إطلاق هذا اللفظ في الشرع أصلاً إنما هو للغزو فإن استعملت بغير ذلك المعنى كان معها قرائن تدل على ذلك ولا قرينة من ذلك هنا، واحتج بذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه على أن معنى الآية الغزو قال النووي في المجموع ما نصه :”واحتج أصحابنا بأن المفهوم في الاستعمال المتبادر إلى الأفهام أن سبيل الله تعالى هو الغزو، وأكثر ما جاء في القرءان العزيز كذلك، واحتج الأصحاب أيضًا بحديث :”لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة” فذكر منهم الغازي، وليس في الأصناف الثمانية من يُعطى باسم الغزاة سوى الذين نعطيهم من سهم سبيل الله”. اهـ.
فإطلاق لفظ في سبيل الله على الغزو حقيقة شرعية والحقيقة الشرعية هي المتبادرة إلى الأذهان في تخاطب أهل الشريعة، وأما الحقيقة اللغوية فلا تكون متبادرة إلى أفهامهم في لفظ مشتهر بمعناه الشرعي، مثال لفظ الصلاة إذا قال المسلم :”صليتُ” لا يتبادر منه إلى الفهم إلا معنى الصلاة الشرعية فإن أراد المعنى اللغوي الذي هو الدعاء لا بد من قرينة تعيّن هذا المفهوم.
ولو فُرضَ ـ تَنَزُّلا ـ احتمال {وفي سبيل الله} في مصارف الزكاة للمعنيين لكان فِعْلُ الرسول صلى الله عليه وسلم وقولُهُ مبينًا للإجمال.
فإذا راجعت فعلَ نبي الله صلى الله عليه وسلم وقولَهُ في قسم الصدقات لم يبق احتمال غير صرف المعنى للغزو (أو له وللحج عند بعض الأئمة لآثار وردت فيه بخصوصه).
ولذلك لم يقل واحد من المفسرين المعتبرين بأن قوله تعالى :{وفي سبيل الله} يشمل كل عمل خيري أو يشمل التصدي للكفار عن طريق الفكر والثقافة والتوعية والتربية كما زعم القرضاوي في ورقته.
قال المفسر القرطبي في تفسيره الجامع :”{وفي سبيل الله} وهم الغزاة وموضع الرباط يعطون ما ينفقون في غزوهم كانوا أغنياء أو فقراء، وهذا قول أكثر العلماء وهو تحصيل مذهب مالك رحمه الله، وقال ابن عمر: الحجاج والعمَّار” اهـ.
وقال ابن الجوزي في تفسيره زاد المسير :”يعني الغزاة والمرابطين، ويجوز عندنا أن يعطى الأغنياء منهم والفقراء، وهو قول الشافعي، وقال أبو حنيفة: لا يعطى إلا الفقير منهم”. اهـ.
وقال أبو حيان الأندلسي في البحر المحيط :”هو المجاهد يعطى منها إذا كان فقيرًا، والجمهور على أنه يعطى منها وإن كان غنيًّا ما ينفق في غزوته” اهـ.
وأكد المفسر المشهور الطبري أن العلة في إعطائه هي الغزو فقال في تفسيره :”يعني وفي النفقة في نصرة دين الله وطريقه وشريعته التي شرعها لعباده بقتال أعدائه وذلك هو غزو الكفار” اهـ.
ولأجل ما تقدم قال المفسر ابن عطية في تفسيره :”ولا يعطى منها في بناء مسجد ولا قنطرة ولا شراء مصحف” اهـ.
فهل يجوز بعد ذلك كله أن يقول القرضاوي او غير القرضاوي إن سهم {وفي سبيل الله} يُصرف لما سموه المجاهدة بالفكر والتربية والثقافة؟!!! كلا والله بل هذا تحريف لمعاني كتاب الله وإخراج لألفاظه عن مدلولاتها ومعانيها بالتشهي وبمحض الرأي من غير دليل وهو حرام لا شك فيه، فكيف إذا اجتمع مع ذلك كله نصٌّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يفسر الآية؟!. فليتق الله القرضاوي وكل من يروج لفتواه.
قال الإمام الشافعي رحمه الله :”واحتج الأصحاب أيضًا بحديث :”لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة” فذكر منهم الغازي، وليس في الأصناف الثمانية من يُعطى باسم الغزاة سوى الذين نعطيهم من سهم سبيل الله”. اهـ.
فهذا تفسير منه صلى الله عليه وسلم للآية بأن معنى {وفي سبيل الله} هو الغزاة المقاتلون، وليس أحد من الخلق أعلم بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا نعدل بقوله قول أحد بعده لا القرضاوي ولا امثال القرضاوي.
توضيح: إن قيل: لماذا لم تدخل اللام التي تفيد الملك أوالاختصاص على {وفي سبيل الله} كما دخلت على الفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم؟ فالجواب: ما ذكره أبو حيان نقلاً عن بعض من سبقه وأقرَّهُ :”فإن قلتَ: لمَ عدل عن اللام إلى “في” في الأربعة الأخيرة؟ قلتُ: للإيذان بأنهم أرسخ في استحقاق التصدق عليهم ممن سبق ذكره لأن “في” للوعاء فنبَّهَ على أنهم أحقاء بأن توضع فيهم الصدقات ويجعلوا مظنة لها ومصبًّا” اهـ.
وأما ما حكاه الرازي من أن القفال الشاشي عزا القول بشمول {وفي سبيل الله} لوجوه البِرّ الى مجهول من الفقهاء على خلاف رأي الجماعة فلا عبرة به. وأي اعتبار يقام لرواية مجهول على خلاف الإجماع؟ وقد قال الكوثري: إن الشاشي حينما ألف تفسيره كان بَعدُ معتزليًّا لا يتحاشى نقل ءاراء المبتدعة ممن لا يقام لكلمهم وزن، فزاد هذا الأمرُ تلك الروايةَ سقوطًا وشذوذًا، ولسنا بحمد الله ممن يترك جمهور الأمة ليتبع مجاهيل الشذَّاذ.
ثم إن الشاشي القفال لم يعتمد هذا القول وإلا لكان أورده في كتابه “حلية العلماء” فإنه ذكر فيه أن سهم في سبيل الله هم الغزاة الذين إذا نشطوا غزوا، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وقال أحمد: يجوز أن يدفع ذلك إلى من يريد الحج، ويدفع إلى الغازي مع الغنى، وقال أبو حنيفة: لا يدفع إليه إلا أن يكون فقيرًا.
وقد رد المفسر الخازن القول المنسوب لبعض الفقهاء فقال ما نصه :”قوله تعالى:{وفي سبيل الله} يعني وفي النفقة في سبيل الله، وأراد به الغزاة فلهم سهم من مال الصدقات فيعطون إذا أرادوا الخروج إلى الغزو ما يستعينون به على أمر الجهاد من النفقة والكسوة والسلاح والحمولة، فيعطون ذلك وإن كانوا أغنياء لما تقدم من حديث عطاء وأبي سعيد الخدري، ولا يُعطى من سهم سبيل الله لمن أراد الحج عند أكثر أهل العلم، وقال قوم: يجوز أن يصرف سهم سبيل الله إلى الحج ويروى ذلك عن ابن عباس، وهو قول الحسن وإليه ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه، وقال بعضهم: إن اللفظ عام فلا يجوز قصره على الغزاة فقط ولهذا أجاز بعض الفقهاء صرف سهم {سبيل الله} إلى جميع وجوه الخير من تكفين الموتى وبناء الجسور والحصون وعمارة المساجد وغير ذلك، قال: لأن قوله :{وفي سبيل الله} عامٌّ في الكل فلا يختص بصنف دون غيره، والقول الأول هو الصحيح لإجماع الجمهور عليه” اهـ. فليتبع القرضاوي الاجماع وليترك الهوى.
و اذا فسر القرضاوي السبيل هنا بكل عمل خير فإنه يكفي في بيان فساد مقالته أنها تؤدي إلى تداخل الأصناف الثمانية بينما هي متباينة لا تتداخل بسبب العطف المُشعر بالتغاير كما قال علماء التفسير.
فلو حُمل:{وفي سبيل الله} على معنى كلِّ وجوه البر لشمل ذلك إعطاء الفقير قسطًا من هذا السهم، والتصدق على المسكين بقسط منه، واستخلاص الرقاب من الرق، وإنقاذ الغارم من الدين، ومعاونة ابن السبيل، إلى غير ذلك وهذا لا يستقيم لأن كل سهم مباين للآخر مختلف عنه غير متداخل معه، فتعيَّن بطلان هذا التفسير لا سيما وهو يخالف الحقيقة الشرعية، ولم يبق إلا حمل العبارة على أن المراد بها الغزو وقتال الكفار وما ألحق به.
ولهذا لم يقل إمام واحد من المجتهدين الأربعة وغيرهم بشمول {وفي سبيل الله} لكل أعمال البر بل قام إجماعهم على نفي هذا المعنى. فإن زعم زاعم ممن لم يبلغ مرتبتهم بل ولا حام حولها خلاف قولهم لم يُنظَر إلى زعمه، ولم يُلقَ له بالا، ورُمِيَ قولُهُ في كل سهلٍ وحَزَنٍ. فكن اخي المسلم على بينة وحذر من فتوى القرضاوي واعلم انه خالف الاجماع في فتواه وعليه وعلى من تبعه وبال هذه الفتوى.
القرضاوي يخالف احاديث الرسول
روى البخاري ومسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذًا نحو اليمن قال له :”إنك تقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم خمس صلوات في يومهم وليلتهم، فإذا صلوا فأخبرهم أن الله افترض عليهم زكاة في أموالهم تؤخذ من غنيهم فتُردُّ على فقيرهم، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم وتوقَّ كرائم أموال الناس”.
بيَّن رسول الله أن الزكاة تؤخذ من الأغنياء وتُعطى للفقراء، فرمى القرضاوي ومن نهج نهج القرضاوي بذلك خلف ظهورهم وقالوا بل تُصْرف للمعارض والمدارس وشراء المراكز، فيُحرَم منها المسكين ليستفيد منها المكتفي والميسور والقادر على الكسب تحت ستار مواجهة “الهجمة الاستعمارية الفكرية”، وبهذه الدعوى يسهل إدخال ما لا يحصر من الأمور تحت ستار هذه المواجهة ليصل كل طامع إلى غرضه بل يسهل إعطاء القرضاوي نفسه منها تحت هذا العنوان، وكذا توزيعها على إدارة وأعضاء منظمة m.a.y.a. أو إدارة مسجد السنة النبوية لو أرادوا، وكل ذلك على حساب حرمان الفقراء من حقهم، وهذا لا شك يساهم في استفحال الفقر والفاقة بين المسلمين مما يسهل لأعداء الدين إغواءهم بالمال للسيطرة عليهم وبث الفساد الاعتقادي والفعلي بينهم، وما مثال أندونيسيا والهند والصومال وغيرها عنا ببعيد. ولكأننا بمن ينشر هذا الرأي يخدم الطامعين في هذه الأمة من غير أن يدري ـ أو وهو يدري ـ وهو يزعم أنه يريد محاربتهم ومقارعتهم، وهذا ما يؤدي إليه إهمال النص لاتباع الرأي، فإنَّا لله وإنَّا إليه راجعون.
* ومثل الحديث المتقدم في الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم حين جاءه رجلان جلدان قويان يطلبان الزكاة فصوَّب فيهما النظر وصعَّده ثم قال :”إني أعطيكما وإنه لا حقَّ فيها لغني ولا لقوي مكتسِب”، رواه البخاري.
فبيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الزكاة تُدفع لسد خلة الفقراء وضروراتهم لا لتمويل أحلام أهل الكفاية ورغبات القادرين على العمل الواجدين له، وأما هؤلاء فقالوا: أعطونا إياها بدل أن تصرفوها للفقراء والمساكين نستعملها في المواجهات الفكرية، فَمَن الأوْلَى بالاتباع رسول الله أم القرضاوي و m.a.y.a. ؟؟
لا شك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بالاتباع، كيف لا وقد قال ربنا: :{قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} [سورة ءال عمران/31].
والحقيقة أن أمثال هؤلاء المحرفين يحلمون بمشاريع يحققونها، فإذا عجزوا عن جذب أموال المسلمين إلى صناديقهم عمدوا إلى باب الزكاة يطرقونه لما يعلمون من حرص كثير من المسلمين على أداء هذه الفريضة عسى أن يحقق لهم هذا الأمر مبتغاهم، ثم يجدون في أشباه أرباع أعشار العلماء – القرضاوي او غيره – من يعينهم بجهل أو بسوء نية، وإلا فهل يفتي عالم بل طالب علم بحجب الزكاة عن الفقراء وسائر المستحقين لها لتمويل مشاريع تجارية كطباعة كتاب يباع بعد ذلك بربح!! أو شراء شقة تؤجر بعد ذلك بمال!! كما فعل القرضاوي ؟ سبحانك ربي هذا بهتان عظيم.
* وقد بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم صراحة إلى من تُدفع الزكاة من غير أهل الحاجات فقال :”لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة: لغازٍ في سبيل الله، أو لعامل عليها، أو لغارم، أو لرجل اشتراها بماله، أو لرجل له جار مسكين فتصدّق على المسكين فأهدى المسكين للغني” رواه مالك مرسلاً عن عطاء، ورفعه معمر، عن عطاء، عن زيد بن أسلم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم. ورواه أبو داود وابن ماجه والبيهقي وأحمد وغيرهم، وواضح أن الصدقة المعنية في الحديث هي الزكاة.
فانظر كيف بيَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها تُملَّك تمليكًا للفقراء والمساكين وذلك بقوله :”اشتراها بماله”، وبقوله :”فأهدى المسكين للغني” وهذا سبق إيضاحه وهو ينقض دعوى القرضاوي نقضًا.
وانظر كيف استثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم هؤلاء فقط من أهل الكفاية، فهل يجوز بعد ذلك أن يقول القرضاوي وغيره: تدفع لغيرهم من أهل الغنى؟
وانظر أيها القارىء كيف عيَّن وبيَّن أن معنى {وفي سبيل الله} المذكور في ءاية الصدقات هو الغازي في سبيل الله. فهل يجوز بعد ذلك أن يقول أحد: إن معنى {وفي سبيل الله} هو المواجهة الفكرية والثقافية؟! وهل بعد بيان رسول الله صلى الله عليه وسلم بيان؟! وهل يُستَمَعُ بعد تفسيره إلى تمويهات فلان وتخيلات فلان؟!
بل رسول الله خيرُ من فَسَّر القرءان وأدرى الناس بمعانيه، وليس في قلب إنسان ذرة من إيمان إذا ظن أن رأيه خير مما حكم به نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم، قال الله تعالى:{ فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا} [سورة النساء/65].
أنت تعلم أيها القارىء أعزك الله بالتقوى أن الإجماع حجة في دين الله تعالى قال ربنا عزَّ وجلَّ:{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُواْ شُهَدَآءَ عَلَى النَّاسِ} [سورة البقرة/143] فلا يجتمعون إذن على باطل.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website