قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق
الحمد للهرب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.
قالالله تعالى}ولا تقتلوا النفسَ التي حرَّم اللهُ إلا بالحق{الانعام.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إذا اقتتل المسلمان على الدنيا فالقاتلُ والمقتولُ فيالنار“.
اخوة الاسلام، انه من المعلوم أن الله سبحانه وتعالى حرّمقتل النفس إلا بالحق وأن هذه الخطيئة هي من أكبر الكبائر بعد الكفر والعياذ بالله. وقد بيّن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أنه إذا اقتتل المسلمانأي اذا قَصَدَ هذا أن يقتلَ هذا وقَصَدَ هذا أن يقتل هذا وحمل السلاحَ على مسلملأجل الدنيا أي كل منهما كان طالباً حظاً دنيوياً فكلا الفريقين يستحقانالنار.
وأما إذا كان هناك أحد الفريقين طالب دنيا والفريق الآخر ليس مقاتلاًلأجل الدنيا إنما هو مظلوم هُدد بالقتل ظُلماً ولم يجد مخلصاً فقاتل فقُتِلَ أوسَلِمَ وَقَتَلَ المُعتدي المهاجمَ فلا معصيةَ عليه ولا يكون داخلاً في الحديثالسابق ذكره. فالرسول صلى الله عليه وسلم انما قصد بقوله :” إذا اقتتل المسلمان علىالدنيا
فالقاتل والمقتول في النار “. أن يكون كلا الفريقين قتاله لا للدينبل للدنيا كحال كثير من المتخاصمين
المتقاتلين. وأما لو كانت طائفتان أي فئتانمن الناس احداهما قتالها للدِين والاخرى للدنيا للاستبداد كالتعدي على حقوق الغيرونحو ذلك من الاغراض الفاسدة فالفئة التي قصدها الدِين ليس عليها معصية ولا تدخلضمن هذا الحديث. وأما الحديث الآخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم ” إذا تواجه المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار ” رواه البخاري. فالمراد منه أيضا القتال الذي يكون للدنيا من الفريقين ويدل على ذلكرواية البزار في مسنده ” إذا اقتتل المسلمان على الدنيافالقاتل والمقتول في النار ” فقال بعض الحاضرين : يا رسول الله هذا القاتلفما بال المقتول. قال : ” إنه كان حريصاً على قتلصاحبه” أي أن هذين المسلمين اللذين تواجها بسيفيهما وكان كل منهما يقاتلللدنيا وليس لأمر ديني فالقاتل في ذلك أمره ظاهر لأنه قتل نفسا مسلمة ظلما، وأماالمقتول فسبب استحقاقه النار أي عذاب الله بالنار في الآخرة هو أنه كان حريصاً علىأن يقتل صاحبه للدنيا وبما أنه حمل السلاحَ ليقاتلَ المسلمَ الآخرَ على هذه النيةاستحق عذابَ الله على معصيته هذه.
كل مسلم يُقتل ظُلماً فهو شيهد :عنسعيد بن زيد قال : سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ” من قُتِلَ دون ماله فهو شهيد ومن قُتِلَ دون دمه فهو شهيد ومنقُتِلَ دون دِينه فهو شهيد “. رواه الترمذي.
1- ان المسلم الذي يُقتللدِينه فشهادته ظاهرة لا خفاء في هذا الحكم.
2- وأما من قُتل دون أهله كالذيدافع عن زوجته ليمنع الاعتداء عليها بالزنا فقتله ذلك المعتدي الذي يريد الفاحشةفإن هذا الزوج المقتول شهيد.
3- وأما من قتل دون دمه فهو كمن دافع عن نفسه لردظالمٍ هجم عليه ليقتله فقاتَلَ دون دمه فقُتل فهو شيهد. ولو كان المهاجمُ الظالمُالقاتلُ مسلماً.
4- وأما الذي يُقتل دون ماله كما إذا أراد شخص أخذ ماله ظُلماًفقاتل دفاعاً عن ماله فقُتل فهو شهيد. وكلٌّ من الثاني والثالث والرابع يُغَسَّلُويُكفنُ ويُصلَّى عليه مع كونه شهيداً.
الانتقام المحرم والعصبية البغيضة:
اخوة الاسلام، ان من العادات القبيحة والافعال الشنيعة التي نجدها عند بعضالناس عادة الاخذ بالثأر كالانتقام بقتل أحد أقرباء القاتل أو أكثر من واحد. فليُعلم أولا أنه إذا اعترف القاتل بأنه قَتَلَ مسلماً فأهل القتيل يُخيرون بينثلاثة امور :
– إما العفو عن القاتل فلا يُقتل.
– وإما ان يطلبوا من الحاكمالمسلم أن يُقيم عليه حدّ القتل فيقتله الحاكم.
– وإما أن يأخذوا منهالدية.
والقتل الذي يكون بغير طريق الحاكم قد يؤدي الى عودة الأخذ بالثأر ولذلكجعل الشرع الطريقَ في استيفاء هذا الحق بواسطة الحاكم بعد ثبوت القتل بالبينة أوبالاعتراف. وأما ما يجرى بين كثير من الناس من الانتقام أو الاخذ بالثأر بقتلِقريبِ القاتلِ فإن هذا من العَصَبية التي نهى الله عنها فقد قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم :” ليس منا من دعا الى عصبية ” رواه ابو داود. أي أن الذي يدعو الىالعصبية لا يكون من اهل التقوى والكمال في الدين بل يكون عاصيا لربه. وكذلك منالعصبية أن يُناصر شخص قريبَه على دعوى إدّعاها على شخص بغير حقظُلماً.
والعصبية من الكبائر ومعناها أن يعين الشخص قريبه أو صديقه أوعشيرته على الظلم. وكذلك من العصبية أن يعين الشخص من ينتسب الى حزبه على ظلم الشخصالآخر الذي ليس من حزبه ظُلماً.
نصرة المظلوم حق على المستطيع :
أخي المسلم، ان الذي ينبغي للمؤمن أن يعين المظلوم وأن يمنع الظالم ولوكان قريبه أو صديقه بأن يقول له : اتق الله. واجب عليه أن ينهاه عن الظلم. ولو عملالناس بهذا الحكم الشرعي لارتحما من التفكك الناتج عن العصبية البغيضة وقد قال رسولالله صلى الله عليه وسلم : ” من أعان إنساناً في خصومةٍ بباطلٍ لم يَزَلْ في سَخَطِاللهِ حتى يَرْجِع ” رواه ابو داود. أي ان الانسان الذي يعين غيره على الظلموالباطل لقرابة أو مال أو صداقة فإنه لا يزال في سخط الله حتى يترك هذا الامر. وهذاالحكم شامل لمن
كان أبوه ظالماً لأمه وأعانه عليها وكذلك العكس فليس له أنيناصرها ويعينها في ظلمها بل على الابن أن ينهى الظالمَ منهما سواء كان الاب أوالام ومن لم يفعل ذلك وتحزب للظالم فهو عاق استحق عذاب الله، لأنه أرضى الناسَ فيسَخَطِ اللهِ فَسَخِطَ اللهُ عليه. وليس هذا من بر الوالدين انما برهما يكونبالاحسان اليهما وطاعتهما فيما ليس فيه معصية لله تبارك وتعالى.
أخي المسلم،إن مجتمعاتنا تعج بالمشاكل والمآسي وتكثر فيها جرائم القتل والسرقة وأعمالُالاحتيال والتزوير وأنواع شتى من المفاسد والبلايا وكل ذلك بسبب ابتعاد الكثير منالناس عن تعاليم الشريعة الاسلامية الصحيحة فبهجرهم لها ينتشر الفساد وتسوءالاخلاق.
وهذا يدعونا لمحاسبة النفس قبل دخول القبر ونصلح أنفسنا لتصح طريقةتعاملنا مع الآخرين وذلك بأن يكون الحكم لله فَنُقَوِّمَ إعوجاجنا لتُقبل اعمالنابموافقة ميزان الشريعة.
قال الله تعالى} والكاظمينَ الغيظوالعافينَ عن الناس{ آل عمران.
وقال} خُذ العفو وأمُرْبالعُرْفِ وأعْرِض عن الجاهلين{ الاعراف.
اللهم إني أسألك حُبَّكوحبَّ من يُحبك والعملَ الذي يُبَلِّغني حبَّك، اللهم اجعلْ حبَّك أحب إلي من نفسيوأهلي ومن الماء البارد.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website