كان من أبرز ما قيل عن ندم الأتراك على الإطاحة بالسلطان عبد الحميد، قصيدة “استمداد” التي قالها الشاعر العثماني التركي “رضا توفيق”، ومن أبياتها:
السلطان عبد الحميد الثاني
عندما يذكر التاريخ اسمك أيها السلطان العظيم
يكون الحق معك و في جانبك
افترينا عليك دون حياء
وأنت أعظم السياسيين في عصرنا
قلنا: إن السلطان عبد الحميد ظالم
قلنا: إن السلطان عبد الحميد مجنون
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
قلنا: لا بد من الثورة على السلطان
وصدّقنا كل ما أوعز به الشيطان إلينا
وتسببنا عندما ثرنا في إيقاظ الفتنة وكانت نائمة
لم تكن أنت المجنون يا مولاي، بل كنا نحن ولم نكن ندري
لم نكن نحن المجانين فحسب، بل كنا قد عدمنا الأخلاق
ذلك أننا تنكرنا بعزلك
أيها السلطان العظيم لقبلة أجدادنا
قائل القصيدة هو الفيلسوف الشاعر والمفكر العثماني رضا توفيق بلوك باشي (1868 – 1949).
درس رضا توفيق في مدرسة أليانس اليهودية في إسطنبول،ثم في المدارس اﻷرمينية في إزمير، ثم في مدرسة غالاطة سراي التي خرجت زعماء من العلمانيين.
وفي عام 1907 انضم رضا توفيق إلى جمعية الاتحاد والترقي، وكان من أبرز خطبائها الذين دافعوا عن فكرها. كان معاديا للتوجه اﻹسلامي، الذي كان السلطان عبد الحميد الثاني يحمل لواءه، وكان مخططا فكريا لكيفية تقويض دعائم الحكم العثماني، وتأثر به أعضاء الاتحاد والترقي خاصة الضباط.
عمل مدرسا للفلسفة في جامعة إسطنبول، وارتقى إلى منصب وزير المعارف عام 1918.
و عندما نجحت جمعية الترقي،التي كان رضا توفيق عمادها الفكري والفلسفي، ورأى تطبيقات الجمعية عندما تولت السلطة، أدرك أنه أخطأ خطأً جسيمًا باتباعه الجمعية، وباشتراكه في إسقاط رأس الدولة السلطان عبد الحميد الثاني فتاب ورجع عن أفكاره، وقال قصيدة “استمداد” التي انتشرت وذاعت.
ولمّا انتصرت ثورة مصطفى كمال باشا (أتاتورك)، هرب رضا توفيق إلى خارج تركيا عام 1922،ووُضِعَ اسمه في قائمة النفي. وندم في منفاه، على تأييده لجمعية الاتحاد والترقي، في وقوفهم ضد السلطان عبد الحميد الثاني، حيث كان لخطبه الملتهبة دور كبير في إسقاط السلطان.
كانت سنوات نفيه من 1922 إلى 1943، رحلة آلام و عذاب كما يصفها، تحمّل فيها الضائقة المالية، وتجرّع غصة العيش كلاجئ سياسي، مما يزيد شعوره بالحنين إلى وطنه والندم على أخطائه السياسية. ويقول رضا في حنينه إلى الوطن:
حلّقي أيتها الطيور حلقي هناك حيث ولدت
هناك تتلون الزهور بلون البنفسج
وفي القرى الراقدة على حافات الوديان
تتفتح البراعم الصفر وسط اﻷشواك
ويقول في قصيدة “لحن” التي توضح أراءه السياسية في المنفى:
الكرام النبلاء فقدوا كل شيء
أبناؤنا أمسوا عبيدا أذلاء
العرائس المنعمات تحولن إلى أرامل حزينات
ليس هناك إلا الخراب و قد ذهب الأحباب
******
أي رضا في أي بلد وقعت
هذه الكارثة لا خلاص منها
من أجل وطنك عانيت ألف بلاء
أما الوطن فلم يعد فيه غير القبور
وبعد عودته إلى إسطنبول في عام 1943، انصرف رضا توفيق إلى جمع آثاره الأدبية والفلسفية، وشرع بنشرها حتى وفاته في كانون الأول/ ديسمبر 1949.
من أشهر مؤلفاته:
– الدروس الفلسفية 1914.
– مفصل قاموس الفلسفة في مجلدين 1916.
– عبد الحق حامد وملاحظات فلسفية 1918.
– عمر الخيام ورباعياته 1945.
– توفيق فكرت 1945.
– ما بعد الطبيعة.