Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
يقول المجسمة والعياذ بالله: إن من يتصف بأنه لا خارج العالم ولا داخله فهو معدوم، لأنه لا يتصور وجود شيء لا داخل العالم ولا خارجه .فمن حيث الاحتمال العقلي عندهم، إما أن يكون داخل العالم أو يكون خارجه، ويبطل أن يكون داخل العالم عندهم، فقالوا أنه خارجه، وكونه خارج العالم يثبت كونه في جهةٍ عندهم، والجهات متعددة، ويستحيل أن يكون تحت العالم أو يمينه إلى آخره، فوجب أن يكون فوقه عندهم، لأن هذه الجهة جهة كمال على زعمهم، فصار معبودهم بعد هذا البيان خارج العالم، وفي جهة الفوق، هذا حاصل كلامهم والعياذ بالله تعالى.
كلامهم هذا تافه، ويدلُّ على سخف عقولهم، ولا يغترُّ به إلا جاهل، لا يفهم معاني الألفاظ ولا يعقلها. فالله تعالى كان قبل كل شيء، والعالم كله بما فيه مخلوق، والعالم له بداية لم يكن قبلها موجوداً، فقبل أن يخلق الله العالم هل كان في جهةٍ أو في مكان ؟! الكل متفق على أن المكان والجهات كلها مخلوقة، ومن قال غير هذا فقد كفر بملة الإسلام، فالله تعالى كان ولم يكن شيء غيره.
رد أهل السنة والجماعة:
نقول لهم انتم أثبتم جسما في عقولكم والمعروف أن الجسم لا يكون بلا مكان ولا بد له من مكان وقستم هذا على الخالق بفهمكم السقيم، فلو ازلتم هذه الشبهة من عقولكم ورجعتم إلى دين الإسلام وقلتم نحن نؤمن بإله لا تشبه ذاته الذوات ولا صفاته الصفات موجود قبل المكان ولم يتغير عما كان بعد خلق المكان لإنتهى الخلاف ولكن عقولكم أشبعت تجسيما وتشبيها فندعوا الله لكم الهداية.
ونقول لهم لو كان الله سبحانه وتعالى داخل العالم أو خارجاً عنه لكان مماثلاً، وبيانُ المماثلة واضح، من عدة اوجه نبينها إن شاء الله:
فمن الجهة الأولى قولهم داخل العالم: لوكان داخل العالم لصار من جنسه، فيجب له تعالى ما وجب للعالم، أي صار من قبيل الأجسام ومادة العالم، لأنه إن كان داخل العالم يكون جزءاً منه، وما كان جزءاً من شيء كان مماثلاً له في الجنس.
فنحن في هذا الحال نسأل هؤلاء المجسمة: هل كان لله خارجٌ وداخلٌ؟
إن قالوا: نعم، كفروا، وأقروا على أنفسهم بأن الله جسم محدودٌ وله جهاتٌ ومكانٌ، وقائل هذا كافرٌ في هذه الحال.
ونسألهم: هل يمكن أن يتصور العقلُ في هذه الحالة أي قبل الخلق وجود جهات وأبعادٍ وغير هذا من توهمات؟
إن قالوا: نعم، كفروا، وتناقضوا أيضاً.
ونسالهم: لما خلق الله العالم كيف تقولون إنه علا عليه علوا مكانيا!! فهل كان تحته ثم صار فوقه ؟!! إذن على زعمكم الله تعالى بعد أن لم يكن محدوداً جعل نفسه محدوداً ! وعلى حد قولكم الله تعالى بعد أن لم يكن له تحتٌ صار له تحتٌ ! و على حد قولكم الله تعالى بعد أن لم يكن في جهة صار في جهة ! و على حد قولكم الله تعالى بعد أن لم يكن في مكان صار في مكان ! وعلى حد قولكم الله تعالى تأثَّر بوجود العالم وصار محدوداً وفي مكان وفي جهةٍ .. إلخ. وهذا في غاية القبح منكم أن جعلتم المخلوق يؤثر في الخالق، ثم تزعمون أنكم تنزهون الله تعالى !! كلا، إنكم مشبهون، تصفون الله تعالى بصفات النقص.
ونسالهم: هل على زعمكم إنفصاله عن العالم بمسافةٍ أم بدون مسافة؟!
فإن قالوا بدون مسافة فقد جعلوه مماساً للعالم، فنقول لهم أنتم مجسمة، وإن قالوا: بدون مسافة أي غير مماس، فيقال لهم: إذن توجد مسافة بين الله وبين العالم، فإما أن تكون وجودية أو عدمية، فإن كانت عدمية رجعنا إلى المماسة، وإن كانت وجودية، فنقول لك: هل هي من ضمن العالم أو أمرٌ غير العالم؟
فإن قلتَ أنها غير العالم، تبين لنا جهلك بمعاني ما تقول؛ لان كل ما سوى الله فمن العالم، وهو مخلوق، وإن قلتَ: هي من العالم، فيلزمك القول بأنَّ الله تعالى منفصل عن العالم بشيء من العالم، وهذا تناقض، ويلزمك أيضاً أن الله مماس للعالم.
وهذا الذي يعتقد بهذا القول، والذي قبله، من السهل بيان تناقضهم وتهافتهم وإظهار أنهم مجسمة، أو لا يفهمون معاني الكلمات التي يرددونها، كما مضى.
وأمَّا من يدعي الحذق منهم ويقول: إذا قلنا لا داخل العالم ولا خارجه فيلزمنا رفع النقيضين، وهذا باطل! فهذا اعتراض ساقط كما قال العلامة ابن جلال “لأن التناقض إنما يعتبر حين يتصف المحل بأحد النقيضين ويتواردان عليه، وأما حين لا يصح تواردهما على المحل ولا يمكن الاتصاف بأحدهما، فلا تناقض، كما يقال مثلاً: الحائط لا أعمى ولا بصير، فلا تناقض، لصدق النقيضين فيه، لعدم قبوله لهم على البدلية” انتهى من كتاب البراءة.
ثم نسألهم: قبل أن يخلق الله العالم، هل كان خارج العالم أو داخله؟
إن قالوا: داخل العالم، فيقال لهم: فالعالم غير موجود بعد، وإن قالوا: خارج العالم، فكذلك العالم غير موجود، فكيف يكون خارجه أو داخله، فقولهم هذا تهافت.
ونلزمهم أن يقولوا: الله في هذه الحالة لا خارج العالم ولا داخله، وإن أنكروا أقروا على أنفسهم بالجهل.
فإن أقروا بهذا فقد وافقونا فيما أنكروه علينا، من أن القول بأن الله لا داخل العالم ولا خارجه، ليس متناقضاً؛ لأنه صحيح هنا.
فإن قالوا: هذا الكلام صحيح قبل أن يخلق الله العالم، ولكن بعد خلقه، فإما أن يكون خارجه أو داخله!!
فنقول لهم: هذا يلزمكم أن تقولوا: إن الله تعالى تغيَّر وطرأ عليه وصف، وهذا القول باطل.
وإن قلتم: إنه لم يتغير قبل وبعد خلق العالم، فكيف تقولون: إنه صار في جهةٍ من العالم، والعالم في جهةٍ منه بعد أن خلقه، هذا تناقض، لاسيما وأنكم تزعمون أن الجهة وصف كمال لا نقص.
وقد يقول بعضٌهم على سبيل الاستدلال على الجهة:
ماذا يوجد فوق الأرض؟ فيقال: السماء الدنيا، فيقول: وفوقها؟ فيقال: الثانية، وهكذا إلى السابعة، فيقول: وفوق السماء السابعة؟ فيقال: العرش، فيقول: وماذا فوق العرش؟ فإذا قيل له: الله، وقع المجيب في مذهبه، وإذا قيل: لا شيء، فيقول له: سبحان الله، جعلت الله عدماً، هذا كلامهم.
وهو يقول هذا لأنه يتوهم أصلاً أن الله تعالى في جهة الفوق، فلما سمع نفي وجود الله في جهة الفوق استغرب. فيقال لهم: بما أنكم تقولون الله فوق العرش، فيلزم منه أن العرش تحته، فإن قالوا: لا، تناقضوا، وإلا ظهر سقوطهم وابتداعهم وتناقضهم؛ لأن أحداً من السلف لم يقل: إننا تحت الله والله فوقنا!! ويقال لهم: ويلزم على هذا أن الله محدود من جهة التحت على زعمكم، وهذا يلزمهم بحيث لا يستطيعون الانفكاك منه.
وقسم آخر منهم يقول: الله فوق العرش بلا مكان.
فيقال لهم: العرش مكان، والله – كما يقول المجسمة – بذاته على العرش، فيلزمك أن العرش مكان لله تعالى، فكيف تقول: الله فوق العرش بلا مكان؟!! ففي قولك هذا إثبات للمكان ونفي له.
وهؤلاء يقولون: الله تعالى على العرش، ومع هذا ليس في مكان، فيقال لهم: العرش مكانٌ، فيصبحُ الله على مكان!! ويقولون: فوق العرش بلا مكان، فيقال لهم: الشيء الموجود فوق مكان لا بدَّ أن يكون له مكان؛ لأن الفوقية أصلاً مكانٌ.
ويكفر من يثبت الإتصال والإنفصال لله تعالى كما قال الإمام أبو سعيد في (الغنية) وقال الإمام النووي في (روضة الطالبين) 10 / 64 قال المتولي “من اعتقد قدم العالم أو حدوث الصانع أو اثبت ما هو منفي للقديم بالإجماع كالالوان أو أثبت له الإتصال أو الإنفصال كان كافراً”.
وقال الغزالي في (إحياء علوم الدين) “أن الله تعالى مقدس عن المكان ومنزه عن الأقطار والجهات وأنه ليس داخل العالم ولا خارجه ولا هو متصل به ولا منفصل عنه”
وقال سلطان العلماء العز بن عبد السلام في كتابه (القواعد) “أنه تعالى لاداخلالعالم ولا خارجه ولامنفصل عن العالم ولا متصل به”.
وقال الحافظ ابن الجوزي في كتابه (دفع شبه التشبيه) “وكذا ينبغي أن يقال ليس بداخل في العالم وليس بخارج منه لأن الدخول والخروج من لوازم المتحيزات”.
وقال الإمام أبو المظفر الأسفرايني في (التبصير في الدين) “وأن تعلم أن الحركة و السكون والإتصال و الإنفصال كلها لا تجوز عليه تعالى لأن جميعها يوجب الحد والنهاية”.
وقال الشيخ محمد عربي التبان في كتابه (براءة الأشعريين) 2 /71 “وقد زعم المشبهة أن من يعبد إلهاً لا يكون داخل العالم ولا خارجاً عنه يعبد إلهاً معدوماً، وجمهور الأمة الإسلامية قالوا أنه تعالى لا يوصف بأنه داخل العالم ولا خارج عنه، لأن الدخول والخروج من صفات الحوادث”.
قال الشيخ محمد عربي التبان في (براءة الأشعريين) 1/64 “ودس المبتدعة في كتب الأشعري وغيره من علماء الإسلام شيئاً كثيراً فمن ذلك دسهم التجسيم في تفسير الإمام إبن جرير الطبري عند قوله تعالى {عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً} ودسهم التشبيه في إبانة الإمام أبي الحسن الأشعري ودسهم التشبيه أيضاً في تفسير القرطبي عند قوله تعالى {وهو القاهر فوق عباده} فمن طالعه يجده متضارباً ودس التيميون في تفسير الألوسي”.
قال العلامة زروق المالكي في (شرح الرسالة) ص52 “لأنه تعالى منزه عن المكان والجهة والمقابلة والمواجهة لا أنه في مكان محدود، وقال أيضاً خلافاً للكرامية والمشبهة ومن قال بقولهم بأنه فوق العرش فهو كفر وخروج عن الدين أعاذنا الله منه”
قال الشيخ محمد الحامد في (ردود على أباطيل) 2/12-13 “فربنا تعالى متنزه عن الجهة والحلول ولا تحيط به العقول، وأما الحنابلة الذين يقولون بالعلو والجهة فهم مبتدعة الحنابلة والضالون منهم والإمام أحمد بن حنبل بريء مما يخالف مذهب السلف”.
قال الشيخ عبد الغني النابلسي في (رشحات الأقلام شرح كفاية الغلام) ا”وليس يحويه مكان ولا تدركه العقول جلّ وعلا، وليس يحويه تعالى أي يجمعه ويحيـط به مكان وهو ما يستقر عليه الشيء والحيز هو الفراغ الذي يشغله الشيء ويملؤه وكلاهما يستحيل على الله تعالى لأنه افتقار إلى الغير تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً”.
قال الشيخ ملاّ علي القاري في (شرح الشفا) 2/530 “والمحققون أنه تعالى منزه عن المكان والزمان وأما قوله تعالى {وهو الله في السموات وفي الأرض} فمعناه أنه هو المستحق لأن يعبد فيهما لا غير كقوله تعالى ا{وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله}”
قال أبو سليمان الخطابي رحمه الله في (شعار الدين) كما في (تهذيب مختصر سنن أبي داود) (7/108) “القول بأن الله مستو على العرش هذه المسألة سبيلها التوقيف المحض، ولايصل إليها الدليل من غير هذا الوجه، وقد نطق به الكتاب في غير آية، ووردت به الأخبار الصحيحة، فقبوله من جهة التوقيف واجب، والبحث عنه وطلب الكيفية غير جائز، وقد قال مالك: الإستواء معلوم، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة”
وقد حكاه البيهقي رحمه الله عنه في (الأسماء والصفات) باب ما جاء في العرش والكرسي (ص/396- 397) “قال أبو سليمان الخطابي : وليس معنى قول المسلمين : إن الله استوى على العرش هو أنه مماس له أو متمكن فيه أو متحيز في جهة من جهاته، لكنه بائن من جميع خلقه، وانما هو خبر جاء به التوقيف فقلنا به ونفينا عنه التكييف، إذ ليس كمثله شيء”.
قال العلامة البياضي رحمه الله في (إشارات المرام) (ص/199)، عند ذكر قول أبي حنيفة “فقال فيه: (فمن قال : لاأعرف ربي أفي السماء أم الأرض فهو كافر) لكونه قائلا بإختصاص البارئ بجهة وحيز، وكل ماهو مختص بالجهة والحيز فإنه محتاج محدث بالضرورة، فهو قول بالنقص الصريح في حقه تعالى. كذا من قال: (إنه على العرش ولا أدري العرش أفي السماء أم في الأرض) لإستلزامه القول بإختصاصه تعالى بالجهة والحيز والنقص الصريح في شأنه، سيما بالقول بالكون في الأرض ونفي العلو عنه تعالى، بل نفي ذات الإله المنزه عن التحيز ومشابهة الأشياء”.
ويقول الامام المحدث ابن عساكر يرحمه الله في (تبيين كذب المفتري) ص 388 “فاذ وجدوا من يقول بالتجسيم اوالتكييف من المجسمه والمشبهه، ولقوا من يصفه بصفات المحدثات من القائلين بالحدود والجهه فحينئذ يسلكون طريق التأويل وثبتون تنزيهه بأوضح الدليل ويبالغون في اثبات التقديس له والتنزيه خوفا من وقوع من لا يعلم في ظلم التشبيه فاذا أمنوا من ذلك رأوا أن السكوت أسلم وترك الخوض في التأويل الا عند الحاجه أحزم وما مثالهم في ذلك الا مثل الطبيب الحاذق الذي يداوي كل داء من الأدواء بالدواء الموافق فاذا تحقق غلبة البروده على المريض داواه بالأدويه الحاره ويعالجه بالأدويه البارده عند تيقنه منه بغلبة الحراره”. ا.هـ