صفاتُ بعضِ الملائكةِ الخِلْقِـيَّةُ
الصحابيُّ الجليلُ العِرْباضُ بنُ ساريةَ لَمَّا كبِر في السِّنِّ صار يشعُر بانحطاطٍ في جسمه، فخاف على نفسه الفتنةَ، بمعنى أنَّه خاف أن يقصِّر في أداءِ الواجباتِ أو أن يحصلَ منه شيءٌ لا يَلِيقُ بالتسليم لله، فصار يدعو ويقول: “اللهمَّ إنَّه قد ضَعُفَ جسمي ورَقَّ عظمي فاقبِضني إليك غيرَ مفتون” صار يطلب الموتَ على حالٍ حسنةٍ قبل أن تصيبَه الفتنة. فظهر له شابٌّ جميلُ الشكل عليه ثيابٌ خُضْرٌ فقال له: “لا تقل هذا” فقال له: “وماذا أقول يا ابنَ أخي؟” فقال له: “قلِ اللهمَّ حسِّن العمل وبلِّغ الأجل” فقال له العِرْباضُ وهو يظنُّه واحدًا من البشر: “من أنتَ يا ابنَ أخي؟” فقال له: “أنا ريبائيلُ الذي يَسُلُّ الحُزْنَ من قلوب المؤمنين”، ويقال له (رَتائيلُ) كما في بعض الروايات. وهذا حصل في جامع بني أُمَـيَّـةَ في دمشقَ.
هذه القِصَّةُ رواها الحافظُ الهيثميُّ في (مَجْمَعِ الزوائد) وقال: “فيه عُرْوَةُ، وقد وَثَّقَهُ غيرُ واحد، وسعيد بنُ مِقْلاصٍ لم أعرفه، وبَقِـيَّةُ رجالهِ رجالُ الصحيح”. الملائكة مخلوقاتٌ لها أجنحة لطيفة، وليست صورتُهم كصورة الطائر. الطائرُ جسمُه كثيف، وأمَّا هم، بحسَب الأصل، فألطفُ من الريح. الملَك قد يتشكَّل بجسمٍ كثيف وقد يتشكَّل بجسمٍ لطيفٍ أكثفَ من الأصليِّ.
وقد ثبَت في (صحيحَي البخاريِّ ومسلم) أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم أخبر بأنَّ جبريلَ له سِتُّمِائةِ جَناح. كما ثبَت أنَّ في الملائكةِ من هو أكبرُ جسمًا من جبريلَ كحَمَلَةِ العرش. فعن النبيِّ، صلَّى الله عليه وسلَّم، قال: “أُذِنَ لي أن أحدِّث عن مَلَكٍ من ملائكةِ الله من حَمَلَةِ العرش، إنَّ ما بين شحمةِ أذُنه إلى عاتقهِ مسيرةُ سَبْعِمِائةِ عامٍ” رواه أبو داودَ في (سننه).
سيِّدنا جبريل، عليه السلام، له سِتُّمِائةِ جَناح، وهناك ملائكةٌ أعظمُ خِلْقَةً من جبريلَ، إنَّما من حيث الفضلُ هو أفضلُهم عند الله، منزلتُه أعلى من منزلةِ سائرِ الملائكة، هو أعلاهم درجةً. مَرَّةً كان الرسولُ، صلَّى الله عليه وسلَّم، بمَكَّةَ، بمكانٍ يقال له حِرَاء، فقال له جبريل: “تريد أن تراني على صورتي الأصليَّةِ”؟ فقال له الرسول: “نـعَـم”. فقال: “أطلب من ربِّك” فطلب، فظهر له جبريلُ من المشرق سادًّا ما بين المشرق والمغرب، فغُشِيَ على سيِّدنا مُحَمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم، فأخذه جبريلُ، وقد تحوَّل إلى الصورة البشريَّةِ التي كان يأتيه بها، فضَمَّهُ إليه، فقال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: “يا جبريلُ، ما ظننتُ أنَّ الله تعالى خلَق أحدًا على مِثل هذه الصورة” فقال جبريلُ عليه السلام: “يا محمَّد، إنَّما نشرتُ جَناحَيْنِ من أجنحتي، وإنَّ لي سِتَّمِائةِ جَناح، سِعَةُ كلِّ جَناحٍ ما بين المشرق والمغرب”، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنَّ هذا لعظيم”. فقال جبريل عليه السلام: “وما أنا في جنبِ ما خلقه الله إلّا يسيرًا، ولقد خلق اللهُ تعالى إسرافيلَ له سِتُّمِائةِ جَنَاحٍ، كلُّ جَنَاحٍ قدرُ أجنحتي، وإنَّه لَيَتَضاءَلُ أحيانًا من مخافة الله تعالى حتَّى يكونَ بقدر الوَصَعِ”، يعني العصفورَ الصغير. هذه الرواية ذكرها القرطبيُّ في (تفسيره). والحمد للهِ رَبِّ العالَمين.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website