في ثقافة الغرب المريضة, يعتبرون احراق علم الشواذ تخلّفًا وخرقًا خطيرًا لما يسمّونه “حقوق الشواذ والمرضى جنسيًا” والذي يهاجم الصهاينة يكون معاديًا للسامية وما إلى ذلك من اكاذيب وأقنعة مثيرة للاشمئزاز, ولكن عندما يتعلق الأمر بالإساءة للمسلمين بأي وجه من الوجوه فذلك يكون منتهى حرية التعبير عندهم. وفي السياق عينه, ردة الفعل الإسلامية المثيرة للشفقة التي تنحصر دائمًا في بيانات مكتوبة وهي مجرد حبر على ورق, واذا قدّموا عملًا اكبر من ذلك فسيكون عبارة عن قصائد و “عرض عضلات” لغوية تنتهي مع انتهاء نشرة الأخبار المسائية.
لم تكن حادثة حرق نسخة من المصحف في العاصمة السويدية استوكهولم على يد المتطرف عراقي الأصل سلوان موميكا هي الأولى، بل سبقتها حوادث شبيهة عديدة، منها الإساءة إلى النبي محمد والدين الإسلامي والقرآن الكريم.
ففي يناير/ كانون الثاني الماضي، وقعت حادثة شبيهة نفذتها حركة “اليمين المتطرف” في مدن مالمو ولينشوبينغ، مخلّفة وراءها موجة من الغضب لدى المسلمين في أنحاء العالم كافة، وإدانات عربية ودولية ودعوات إلى وقف المظاهر المحرضة على العنف والإساءة إلى الأديان، وانتقاد التماهي السويدي مع هذه الأفعال ومنح التراخيص والتصريحات لإقامة الاحتجاجات ضد الإسلام وممارسة الانتهاكات بحق مقدسات المسلمين.
وأقدم سلوان موميكا، أمس الأربعاء، على حرق نسخة من المصحف خارج مسجد في استوكهولم، بعد أن حصل على تصريح من الشرطة السويدية لتنظيم تظاهرة ضد الإسلام والمسلمين، حيث ألقى سلوان موميكا المصحف على الأرض قبل أن يحرقه ويدلي بكلمات مسيئة إلى الإسلام.
قبل ذلك كتب موميكا (37 عاماً) في الطلب الذي قدمه إلى الشرطة: “أريد التظاهر أمام المسجد الكبير في استوكهولم وأريد التعبير عن رأيي حيال القرآن. سأمزق المصحف وأحرقه”. رغم ذلك، فإن الشرطة وافقت على التظاهرة، وهو ما دفع الدول العربية إلى إدانة هذا الفعل، فيما توجه العراقيون إلى التظاهر أمام السفارة السويدية ببغداد، والمطالبة بطردها من البلاد.
موميكا، الذي أحرق نسخة من المصحف عندما كان يتزعم مليشيا ضواحي الموصل عام 2017، وبسبب صراع النفوذ مع زعيم مليشيا “بابليون” ريان الكلداني، انتهى بمغادرته العراق تاركاً مليشياً “صقور السريان” ليتوزع أفرادها على مليشيات أخرى في سهل نينوى.
ويُعرّف موميكا نفسه على قناته في “يوتيوب” بأنّه “مفكر وكاتب ملحد تنويري ثائر على كل شي في الحياة، ومشكك في كل شي”. ويقول إنّ “العراق ليس وطني ولن يكون كذلك فقط لأنني ولدت به بالصدفة”، ويضيف أنّ “السويد ومجتمعها هو وطني وبكل فخر، لكنني أدافع عن كل المظلومين أينما وقع الظلم هناك تكون قضيتي”.
وقالت مصادر سبق لها أن كانت قريبة من موميكا، حين كان يستقر في سهل نينوى شرقيّ الموصل، إنّه “لا يحمل فكراً واضحاً وتقلب كثيراً في مواقفه بالسنوات الأخيرة، محاولاً الوصول إلى أي منصب داخل نينوى، ويكاد يكون من أكثر الأشخاص غير المنضبطين فكرياً، حتى إنه في وقتٍ سابق حاول أن يتقرب من التيار الصدري، بعد أن كان قريباً من فصائل عدة توصف بأنها حليفة لطهران، ثم أقام علاقات مع الجناح المحلي لحزب العمال الكردستاني في سنجار (وحدات حماية سنجار) وحاول أن يتحول إلى مؤثر سياسي، بقيادة حراك بهوية مسيحية سريانية، لكنه فشل في الحصول على أي دعم من الطيف المسيحي بالموصل ونينوى عموماً، حتى أسس مليشيا مسلحة بالعراق في عام 2016 باسم (صقور السريان) نشطت بمناطق سهل نينوى”.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website
وأضاف أحد المصادر أنّ موميكا المتزوج عراقية وله ابنان، وهو من أهالي بلدة الحمدانية في سهل نينوى شرقيّ الموصل، ولد عام 1986، ويواجه اتهامات ودعاوى قضائية سابقة في سهل نينوى والموصل تتعلق بانتهاكات حقوقية ومخالفات قانونية مختلفة، وأنه حين وصل إلى السويد تطوع في حزب يميني متطرف يعادي الإسلام والمسلمين ويسعى لطرد المهاجرين العرب”.
وقال صباح كرم، عضو مجلس بلدة الحمدانية السابق، في اتصال هاتفي: “هذا الشخص منبوذ وسيئ السمعة ومطلوب بقضايا بعضها نصب واحتيال. لا ينبغي أن يُحسب على أحد من أهالي سهل نينوى أو الحمدانية المعروفة بطيبة أهلها”، مضيفاً: “إن كانت بغداد تريد استعادته، عليهم أن يفعلوا ذلك لكن لا يعيدوه إلى هنا. لا أحد يرغب برؤيته”.
في السياق، قال عضو البرلمان العراقي مهدي تقي، إنّ “العراق على علاقة جيدة بالسويد، لكن الأخير ثبت أنّه لا يحترم البلدان العربية والإسلامية ويسمح بالمجال أمام شخصيات متطرفة كي تثير أزمات وتشحن التوتر والتطرف باسم الديمقراطية، بالتالي فإنّ الشعب العراقي لا يقبل بهذه الممارسات التي تستهدف دينه وكتابه المقدس”.
وأوضح أنّ “الاحتجاج أمام مبنى السفارة السويدية هو أقل فعل مدني سلمي قاده العراقيون عقب حادثة حرق المصحف الشريف، في حين أنّ المطالبة بغلق السفارة السويدية وطرد السفير هو مطلب آخر يمثل وجهة نظر شعبية وسياسية ودينية”.