تترددُ في بالنا الكلمات الرنانة التي كتبها احدهم عندما قال: “أخشى ما أخشاه أن تصبح الخيانة وجهة نظر”. فالخيانة اليوم لم ينحصر مفهومها لتقتصر على الفلسطينيين فحسب أما الدول العربية فمع بالغ الأسف تحول فكرها اليوم من الخيانة العظمى بتهمة التخابر مع العدو إلى الخيانة العظمى بتهمة شتم العدو، لا يخفى على أحد السياسة العربية الجديدة التي بدأت تتوائم بشكلٍ أو بأخر مع السياسة الإسرائيلية في المنطقة فمنهم من طبَّع علناً ومنهم من طبَّع خفاء فمن أعلى الطاولة شعارات مع الفلسطينيين وحقوقهم ومن أسفلها تطبيعٌ شامل ولقاءات وتفاهمات.
ومما لا يُستغرب تقارب بعض دول الخليج التي يسيطر عليها الفكر الوهابي التجسيمي مع الكيان الصهيوني. فلهذا التقارب جذور دينية قبل أن تكون مصالح سياسية او خطة انبطاح للسياسات الأميركية والتي بدورها تتبع سياسة الجزرة والعصا مع بعض دول الخليج. وفي بحث بسيط عن التقاطع الفكري الوهابي-الصهيوني, تجد أن الطرفان يتشاركان عقائد دينية متشابهة, فمن باب المثال لا الحصر, العقيدة اليهودية عمادها الأساسي اعتقاد أن الله عز وجل عبارة عن جسم قاعد في السماء, و على المقلب نفسه, تجد العقيدة الوهابية تتمحور حول جسمية الله والذي يعتقد الوهابي أنه ايضًا جالس في السماء خلافًا لعقيدة المسلمين التي تنص على أن الله خالق الأجسام, لا يشبه الأجسام وليس محتاجًا ألى المكان وليس في السماء لا يجري عليه زمان كما نص على ذلك جميع علماء الإسلام الذين نزًهوا الله عن الجسمية و عن مشابهة خلقه.
عند الخوض أكثر فيما يربط المطبّعين من هذا الحيّز الجغرافي أيامنا هذه مع العدو الصهيوني ستجد أن ما يدجمهم من صفات وعقائد و ذهنيات هو أكثر بكثير مما يفرّقهم, ومن هنا تنطلق صرخة أن علّموا أبناءكم أن الحقّ لايسقط بالتقادم، وأنّ اليهود ملعونون في القرآن، وأن الله وصفهم بنقض العهود، وتبييت المكائد، علموهم أنهم قتلة الأنبياء، وأن أحفادهم ماهم إلا امتدادٌ لهم، بل زادوا عليهم باحتلال ثالث أقدس بقعة. لاتدعوا مرور الزمن يلوي ثوابتنا لوجهة نظر.
التطبيع هو عملية إعادة العلاقات الطبيعية بين طرفين متخاصمين حول قضيةٍ ما، جرت مراسم صلح بينهم حولها وجرت تسويتها برضى واتفاق الطرفين، أما خلافنا مع هذا الكيان الغاصب والمحتل لأرضنا العربية بتواطؤ دولي وضلوع أطراف عربية فهو ليس خلافًا على حدود أو مصالح معينة، بل هو خلاف وجودي وعقائدي يقوم على أساس وجودهم في أرضنا واستباحتهم لدمنا و قتل أنبيائنا وشعوبنا، وليس هناك أي تسوية معهم إلا على أساس رحيلهم وتحرير وتطهير التراب العربي الفلسطيني المقدس من دنسهم، وكل ما يجري من تسويف وتزوير وتضليل للشعوب العربية من قبل المتحكمين بنا سينقشع قريبًا مهما أنفقوا من ملياراتهم لتضييع القضية.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website