زعم ذنب الوهابية الجوال المدعو عبد الرحمن دمشقية في موقعه على الانترنت أن قوله تعالى {ءأمنتم من في السماء} فيه إثبات أن الله في السماء. وزعم أن هذه قاصمة لنا!!! وزعم أحد أذنابه واسمه سيف الدين الإمام في نفس الموقع (مدافعًا عن شيخه دمشقيه ومدافعًا عن اعتقاده الفاسد) أن قوله تعالى {وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الأَسْبَابَ (36) أَسْبَابَ السَّمَوَاتِ فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لأَظُنُّهُ كَاذِبًا (37)} فيه إثبات أن الله موجود في السماء.
رد أهل السنة على شبه الوهابية
قال الله تعالى {ليس كمثله شىء}، هذه الآية المحكمة فيها الدليل الكافي في رد كفر القائلين بالجهة في حق الله تعالى. فمعنى الآية أن الله تعالى لا يشبه أحدًا من خلقه ولا بوجه من الوجوه، ذاتُه لا يشبه ذوات المخلوقين، وصفاتُه لا تشبهُ صفات المخلوقين. قال الحافظ النووي الشافعي في شرح صحيح مسلم [قال القاضي عياض المالكي لا خلاف بين المسلمين قاطبة فقيههم ومحدثهم ومتكلمهم ونظارهم ومقلدهم أن الظواهر الواردة بذكر الله تعالى في السماء كقوله تعالى {ءأمنتم من في السماء} [سورة الملك/16] ونحوه ليس على ظاهرها بل متأولة عند جميعهم] كذا قال المفسرون من أهل السنة كالإمام فخر الدين الرازي في تفسيره (ج30 ص99) وأبي حيان الأندلسي في تفسيره البحر المحيط (ج10/226) وأبي السعود في تفسيره (ج9/ص7) والقرطبي في تفسيره الجامع لأحكام القرءان (ج17 ص205) وغيرهم. وعبارة القرطبي: {ءأمنتم من في السماء} [سورة الملك] “قال ابن عباس: أأمنتم عذاب من في السماء إن عصيتموه، وقيل هو إشارة إلى الملائكة وقيل إلى جبريل وهو الملك الموكل بالعذاب” اهـ.
وهذا تأويل ابن عباس للآية وهو ترجمان القرءان وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة وتأويل الكتاب. وقال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه “من قال لا أعرف ربي أفي السماء هو أم في الأرض فقد كفر لأن هذا القول يوهم أن للحق مكانًا ومن توهم أن للحق مكانًا فهو مشبه” يقول شيخ الإسلام الحافظ البيهقي رحمه الله :”وفي الجملة يجب أن يُعلم أن استواء الله سبحانه وتعالى ليس باستواء اعتدال عن اعوجاج، ولا استقرار في مكان، ولا مماسة لشىء من خلقه، لكنه مستو على عرشه كما أخبر بلا كيف بلا أين، وأن إتيانه ليس بإتيان من مكان إلى مكان، وأن مجيئه ليس بحركة، وأن نزوله ليس بنقلة، وأن نفسه ليس بجسم، وأن وجهه ليس بصورة، وأن يده ليست بجارحة، وأن عينه ليست بحدقة، وإنما هذه أوصاف جاء بها التوقيف فقلنا بها ونفينا عنها التكييف” … انتهى من كتابه الاعتقاد والهداية.
وعلى هذا كان أئمة الإسلام وبحور العلم كالإمام ابن الجوزي الحنبلي حيث يقول في كتابه المدهش ـ طبعة دار الجيل ص/131 “وإنما تُضرب الأمثال لمن له أمثال، كيف يقال له كيف، والكيف في حقه محال، أنّى تتخيله الأوهام وكيف تحده العقول”. ويقول: “ما عَرَفَه من كيّفه، ولا وحَّدَهُ من مثَّلَه، ولا عَبدَه من شبَّهه، المشبّهُ أعشى والمعطِّل أعمى”.
وقال الإمام المتولي الشافعي في كتابه الغنية “أو أثبت ما هو منفيٌّ عنه بالإجماع كالألوان، أو أثبت له الاتصال والانفصال، كان كافرًا”، نقله النووي في الروضة 10/64 طبعة بيروت. وفي كتاب المنهاج القويم شرح شهاب الدين أحمد بن حجر الهيتمي على المقدمة الحضرمية ص/224 يقول :”واعلم أن القَرافي وغيرَه حكوا عن الشافعي ومالك وأحمد وأبي حنيفة رضي الله عنهم القول بكفر القائلين بالجهة والتجسيم وهم حقيقون بذلك”.
قال القرطبي رحمه الله في تفسير الآية {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَـهِ مُوسَى} “وقال أبو صالح: أسباب السموات طرقها. وقيل: الأمور التي تستمسك بها السموات. وكرر أسباب تفخيماً؛ لأن الشيء إذا أبهم ثم أوضح كان تفخيماً لشأنه. والله أعلم. {فَأَطَّلِعَ إِلَى إِلَـهِ مُوسَى} فانظر إليه نظر مشرِفٍ عليه. توهَّم أنه جسمٌ تحويه الأماكن. وكان فرعون يدعي الألوهية ويرى تحقيقها بالجلوس في مكان مشرف.” انتهى بحروفه.
وقال الرازي رحمه الله “اعلم أنه تعالى لما وصف فرعون بكونه متكبراً جباراً بين أنه أبلغ في البلادة والحماقة إلى أن قصد الصعود إلى السموات، وفي الآية مسائل: المسألة الأولى: احتج الجمع الكثير من المشبهة بهذه الآية في إثبات أن الله في السموات وقرروا ذلك من وجوه الأول: أن فرعون كان من المنكرين لوجود الله، وكل ما يذكره في صفات الله تعالى فذلك إنما يذكره لأجل أنه سمع أن موسى يصف الله بذلك، فهو أيضاً يذكره كما سمعه، فلولا أنه سمع موسى يصف الله بأنه موجود في السماء وإلا لما طلبه في السماء، الوجه الثاني: أنه قال وإني لأظنه كاذباً، ولم يبين أنه كاذب فيماذا، والمذكور السابق متعين لصرف الكلام إليه فكأن التقدير فأطلع إلى الإله الذي يزعم موسى أنه موجود في السماء، ثم قال: {وإني لأظنه كاذباً} أي وإني لأظن موسى كاذباً في إدعائه أن الإله موجود في السماء، وذلك يدل على أن دين موسى هو أن الإله موجود في السماء الوجه الثالث: العلم بأنه لو وجد إله لكان موجوداً في السماء علم بديهي متقرر في كل العقول ولذلك فإن الصبيان إذا تضرعوا إلى الله رفعوا وجوههم وأيديهم إلى السماء، وإن فرعون مع نهاية كفره لما طلب الإله فقد طلبه في السماء، وهذا يدل على أن العلم بأن الإله موجود في السماء علم متقرر في عقل الصديق والزنديق والملحد والموحد والعالم والجاهل. فهذا جملة استدلالات المشبهة بهذه الآية، والجواب: أن هؤلاء الجهال يكفيهم في كمال الخزي والضلال أن جعلوا قول فرعون اللعين حجة لهم على صحة دينهم، وأما موسى عليه السلام فإنه لم يزد في تعريف إله العالم على ذكر صفة الخلاقية فقال في سورة طه {ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى} (طه: 50) وقال في سورة الشعراء {ربكم ورب آبائكم الأولين * رب المشرق والمغرب وما بينهماْ} فظهر أن تعريف ذات الله بكونه في السماء دين فرعون وتعريفه بالخلاقية والموجودية دين موسى، فمن قال بالأول كان على دين فرعون، ومن قال بالثاني كان على دين موسى، ثم نقول لا نسلم أن كل ما يقوله فرعون في صفات الله تعالى فذلك قد سمعه من موسى عليه السلام، بل لعله كان على دين المشبهة فكان يعتقد أن الإله لو كان موجوداً لكان حاصلاً في السماء، فهو إنما ذكر هذا الاعتقاد من قبل نفسه لا لأجل أنه قد سمعه من موسى عليه السلام…
فتبين أن الوهابية إنما شأنها التشويش على المسلمين في عقيدتهم. فالحمد لله الذي وفق أهل السنة للرد على هذه الشرذمة المنحرفة. أجارنا الله منها.
Sunna Files Free Newsletter - اشترك في جريدتنا المجانية
Stay updated with our latest reports, news, designs, and more by subscribing to our newsletter! Delivered straight to your inbox twice a month, our newsletter keeps you in the loop with the most important updates from our website